كشف إستفتاء كردستان ، فشل استراتيجية الرئيس دونالد ترمب في العراق،في مواجهة المشروع الايراني الذي أثبت نجاحه وفاعليته في معركة كركوك السلمية،والتي قاد مفاوضاتها ومعركتها قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الايراني السابق (حسب تصريح رئيس الاقليم )،فكيف نجح (سليماني) في قطف ثمرة نصره في كركوك، بعد مفاوضات وضغوطات على حلفاء إيران، في الاتحاد الوطني الديمقراطي لحزب جلال طالباني وشق صف الحزب وقيادته لصالح إيران، وفشل مبعوث ترمب بريت ماكغورك في ثني رئيس الاقليم عن تنفيذ الاستفتاء في اربيل ،رغم المفاوضات الشاقة والتهديدات الامريكية بقطع تمويل الاقليم ودعمه سياسيا وعسكريا ، إن نجاح سليماني في شق صف حزب جلال طالباني، وشق وحدة الصف (الكردي) بين الحزبين الكبيرين في الاقليم ، بحيث وصل التراشق والاتهامات حد (الخيانة العظمى)، وهذا أنجاز عسكري وسياسي كبير ومهم واستراتيجي لايران ،مكنها من تحقيق أهدافها في معركة كركوك والمناطق المتنازع عليها ، وذلك لدور ميليشيات ايران في المعارك هناك،إضافة الى الجيش والشرطة الاتحادية ،أجبرت قوات البيشمركة على الانهيار والانسحاب الفوري كتسونامي من المحافظات والاقضية والنواحي والقرى الى حدود ما قبل عام 2003،في وقت كانت إدارة الرئيس ترمب ، تكتفي بالتصريحات وتطلق بياناتها وتهديداتها للاقليم برفض الاستفتاء وعدم الاعتراف به ، والدعوة الى الحوار مع بغداد ،ماحصل مابعد الاستفتاء،مايشبه الزلزال السياسي والعسكري في العراق عامة وكردستان خاصة، فقد أفرزت معركة كركوك السلمية، عدة معطيات سياسية ،منها إنهاء الشراكة والزواج الكاثوليكي بين التحالف الوطني والتحالف الكردستاني الى الابد، الشراكة التي أنتجت الدستور الطائفي ،وإقصاء المكونات الاخرى ، فوقع الطرفان في شر أفعالهما وسوء نواياهما ،ومصالحهما القومية والطائفية ،بإقصاء مكونات الشعب العراقي الاخرى، عن كتابة الدستور، والاستفتاء أصبح يمثل حدا فاصلا بين عصرين،عصر ما قبل الاستفتاء وعصر ما بعده، ماقبله ،كانت الانجازات والتوسع والعلاقات الكردية المميزةمع الحكومة ومع العالم اجمع وخاصة امريكا، أما بعد الاستفتاء، فقد خسر الاقليم قضيته المركزية، ومصيرية شعب كردستان، المتطلع نحو الاستقلال وتكوين دولة كردستان وحلمهم الأزلي، وخسرالاقليم ورئيسه الدعم السياسي والعسكري المميز لامريكا والدول الاوروبية ، ودول الجوار وخاصة تركيا، كما خسر الاقليم ،الاراضي والاقضية والنواحي، التي كان يسيطر عليها بعد الاحتلال الامريكي،بزعم إنها أراضي متنازع عليها ،وأدخلوها في الدستور كمادة دستورية هي المادة(140)، ثم سر الاقليم تحالفاته السياسية مع بقية شركائه في الاقليم ومنها حزب الاتحاد الوطني جماعة جلال وأسرته وأبناؤه،بإختصار أجهز الاستفتاء على كل ما أنجزه الاقليم خلال فترة 30 سنة مرت من الامن والامان والاستقراروالعمران والتوسع والدعم الدولي اللامحدود سياسيا وعسكريا ،، كل هذا ذهب أدراح الريح بلحظة غير محسوبة، بل لحظة عناد سياسي غير مبرر أبدا أصر عليه رئيس الاقليم وقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ،متجاهلين دعوات أصدقائهم في العالم أجمع الى تأجيل وإلغاء الاستفتاءوالعودة الى الحوار والحكمة ومنطق العقل والانفتاح على حكومة بغداد والانصياع للدستور الذي كتبوه هم بأيديهم ، مما ألب العالم أجمع ضد هذا الاصرار ،وخسر الاقليم الدعم العالمي لقضيته ، اليوم وقد أصبح الاستفتاء نقمة على حكومة الاقليم وشعب كردستان ، وعبء على إدارة الرئيس ترمب، أصبح من الضروري كشف مأزق إستراتيجية الرئيس ترمب في العراق ،وفشلها في إحتواء المشروع الايراني وتغوله في العراق، فالعبادي،والجيش العراقي سجلا نصرا عسكريا كبيرا في طرد وهزيمة تنظيم داعش في عموم العراق، وهذا منجزا عسكريا وسياسيا له، جعل من خصومه في العملية السياسية ،أن يحاولوا تعكير النصر وأفراغه من محتواه نكاية بالعبادي، وفي مقدمة هولاء نوري المالكي ودولة القانون،ولم يكن شركاؤه بمستوى دحر تنظيم داعش، ولكن إستغلوا وجيروا الانتصارات للحشد الشعبي وميليشيات قاسم سليماني، كما حصل الان في معركة كركوك السلمية ،والمناطق المتنازع عليها، وهذه إشارة مقصودة من حلفاء أيران ، أن المشروع الايراني هو من يسطر الانتصارات لصالحه، وهكذا ثارت ثائرة الادارة الامريكية ، مما تراه سحب البساط عن دورها ودعمها لحكومة حيدر العبادي بوصفه الشريك الاساسي لها في العراق، نعم الان هناك بوادر صراع علني بين الادارة الامريكية، وايران واجنحتها في العراق، حول مرحلة مابعد الاستفتاء، وهذا التسابق بدا واضحا ، بعد معركة الحويجة وإستسلام عناصر داعش وهروبهم من الحويجة ، وإنتهاء معركة الرقة في سورية، لتتفرغ إدارة ترمب الى إستراتيجيتها العسكرية، التي وضعتها حال إستلام الرئيس ترمب مقاليد الحكم، حيث وعد بإنهاء دور الاسلام الراديكالي في المنطقة ،بعد القضاء على داعش والارهاب ، إن إشارات ودلائل هذا العزم ،بدأ واضحا في التلويح الى إنهاء الاتفاق النووي الايراني ،وجعل الحرس الثوري وحزب الله اللبناني منظمات ارهابية ،وفرض حصار خانق بريا وبحريا وجويا على ايران، في مرحلة لاحقة قريبة جدا ،تتمثل في مرحلة ما بعد معركة الرقة والانتهاء من طرد آخر فلول داعش في راوة والقائم ، الأستفتاء أظهر عجز وفشل ومأزق استراتيجية الرئيس ترمب ،بسبب التدخل الايراني العلني في أزمة الاستفتاء ومفاوضاة ما بعده، وتخلي ادارة ترمب عنه، وفي إشراف قاسم سليماني المصنف والمطوب دوليا (كإرهابي) لدى امريكا ، على مفاوضات صعبة مع جماعة جلال طالباني ، ووعدهم لهم بحصة كبيرة في حكومة العبادي القادمة ، وابعاد حزب مسعود البرازاني عن السلطة في كردستان ، في إشارة الى مبادرة برهم صالح بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني في كردستان ،بعيدا عن الحزب الديمقراطي، وهي دعوة مبطنة لشق صف الحزب الديمقراطي، لأبعاد (أبناء الرئيس مسعود وأبناء إخوته وحاشيته ومريديه)، عن مصدر القرار والسلطة في كردستان ، نحن نرى أن المرحلة القادمة ستكون أصعب وأشد قسوة على الجميع ، بسبب قطع حبال الوصل بين بغداد واربيل الى الابد، والوصول الى كسر العظم كما يقال، وإصرار حكومة العبادي، على فرض السيطرة على جميع الاراضي العراقية وحدوده، ورفع العراقي عليها ، وسط دعم عراقي وإقليمي ودولي، منقطع النظير للعبادي في عمله وأجرائه هذا ، بإنهاء دور الاقليم في الحافظ والسيطرة، على المطارات والحدود والمدن والاقضية وحقول النفط وغيرها ، وبسط سلطة القانون العراقي عليها ولو بالقوة العسكرية، وهذا ما جعل الاقليم يخضع ليس للعبادي وتهديداته ،بإستخدام القوة العسكرية (كما حصل في كركوك) ،ولكن لان العالم وإدارة الرئيس ترمب أصبحوا في خندق حكومة العبادي ، ضد تطلعات الاقليم وإصرار رئيس الاقليم ،في الذهاب الى آخر الشوط في الاستفتاء، ونتائجه الكارثية على شعب كردستنان وسلطة الاقليم ، وبهذا أجهزت حكومة الاقليم ،على جميع الانجازات التاريخية ،التي تحققت عبر عشرات السنين ، أعتقد في المرحلة القريبة ،وإزاء تخلي امريكا لرئيس الاقليم لعدم إحترام الرئيس مسعود البرازاني لتوصيات وطلبات وتوجيهات الادارة الامريكية ،بضرورة إرجاء أو إلغاء الاستفتاء، كان سببا في فشل إستراتيجية ترمب ،وتأثيرها على الاقليم ،الذي حظي بدعم عسكري لامحدود ، لمواجهة داعش الذي كان يشكل خطرا داهما وحقيقيا على الاقليم ،قبل معركة الموصل ، ولولا هذا الدعم ،لكان داعش قد سيطر على جميع أراضي الاقليم ،نعم تغول وإنتصارايران وأجنحتها وميليشياتها في معركة كركوك وما بعدها ،جعل إدارة الرئيس ترمب في مأزق إستراتيجي، من الصعب عليه الخروج منه ،وسط تهليل إعلامي لأنتصارات إيرانية في العراق ،وتجاهل دور العبادي والجيش العراقي….