إن الخراب الذي حل بالعراق لم يكن موعده الإحتلال الأمريكي بل هو حدث منذ بداية الحرب الثمان سنوات مع إيران وهناك من يرى أنه حدث قبل هذا الموعد أي بعد أنقلاب( ١٩٦٨).
إن الإحتلال الأمريكي الذي زاد من خراب العراق جاء نتيجة السياسات الطائشة التي قام بها رأس النظام السابق منذ إن أحتل الكويت وما جرى بعده من أحداث،،
من هنا بدأ مشروع أسقاط النظام السابق الذي قادته دول الخليج بكل ما أوتيت من قوة بتحريك اللوبيات في الأروقة الصهيوأمريكية وقد وفرت كل الغطاءات والمناخات سواءً المتعلقة بالمد الإعلامي أو اللوجستي ومنه أستخدام الأراضي الخليجية ومياهها والقواعد العسكرية الأجنبية الموجودة على أراضيها،ولم تتحسب تلك العقول الخاوية ماذا يكون بعد سقوط النظام؟
وما إن تم ذلك حتى بدأت الراديكالية من الداخل والخارج تنفذ إلى كل نقطة وزاوية وتغير كل معْلم وأثر وتغيّب الشخصيات المرتبطة بنظام الأمس لتحل محلها الشخصيات المعارضة في الخارج والداخل من ثم تتشابك أذرعة الأجندة الأقليمية في داخل العراق كلٌ يُريد جر النار إلى قرصه فما أنجلى الغبار إلا والخليجيون صفر اليدين من العراق بالرغم من مساهمتهم الفعالة لإسقاط نظامه،
لقد غيّر الخليجيون سياستهم الداعمة والمؤيدة لإسقاط النظام السابق بعد أفلاسهم من العراق الجديد بزاوية معاكسة تماماً فبدأوا بالتباكي عليه وعلى أيامه الماضية وصعّدوا من حال التدهور الذي حصل بعد الإحتلال بشتى الوسائل والطرق حتى أنهم تمكنوا أحداث بعض الشروخ الطائفية في النسيج العراقي كما أنهم وفّروا الدعم الإعلامي واللوجستي لمحاربة النظام الجديد ولم يعبؤوا بسقوط الآلاف من الضحايا الأبرياء بواسطة العمليات الإرهابية التي شهدها العراق بعد الإحتلال مباشرةً،
وكذا لم تقتصر تلك الأعمال على منطقة معينة أو جهة محددة بل شملت الطول والعرض من مدن العراق وحواضره وتوجت تلك المشاريع الإنتقامية بظهور مشروع داعش على مسرح الأحداث ( وهم من أبرز صانعيه وداعميه) وسقوط بعض المحافظات الشمالية والغربية بأيديهم ولم تفلح أيضاً تلك المساعي في شيء يستحق الذكر،
كل ذلك من أجل ترسيخ فكرة أفضلية الحياة لدى الرأي العام في كل مكان أبان عهد النظام السابق بغض النظر عما سوف تؤول إليه الأوضاع في عراق مابعد الإحتلال.
فليس من الغريب إن تنحو تلك الفعاليات والانشطة الخليجية التخريبية منحى آخر بعد أن فشلت المناحي السابقة، وهو المنحى الثقافي والأدبي حيث أخذت تركز على الإصدارات الأدبية والثقافية التي تشير في صفحاتها إلى التخريب والدمار نتيجة الإحتلال وماترتب عليه، لتنمح لها الفوز والجوائز
مع أنها لا تستحق كل ذلك حسب المختصين والنقاد، وليس حباً بالإنجازات العراقية، بل لمجرد أنها تحمل في طياتها مايستأنس به أولئك المخربون الذين لايريدون للعراق إن ينهض من جديد وإن يشوهوا صورة العراقيين بكل ما يستطيعون أمام الرأي العالمي.
ومن هنا نوجه لهم هذا الكلام ونقول أنكم لم ولن تتمنكوا من العراق الحاضر بتأريخه وحضاراته وعمقه ولم ولن تتمكنوا من شعبه الذي عرف دسائسكم وحقدكم المبطن بالاكاذيب والأفتراءات وها هو اليوم يقف بعنفوان وقد سحق على رأس الطائفية التي أردتموها منطلقاً لفحيحكم وهلوساتكم،
كما أنه يحث الخطى الواثقة نحو الحياة الأخوية بين جميع طوائفه ومذاهبه وأقلياته ولامكان لكم أيها القادة الخليجيون ولا لإتباعكم ولا لتسويلاتكم، وهيهات إن يفوز الخراب.