يحيى حميد صابر
العودة بالذاکرة الى الماضي و تحديدا الى العهد الملکي في إيران، حيث کان شاه إيران يعمل کشرطي أمريکي في المنطقة، تجعلنا على بينة من حقائق بالغة الاهمية منها على سبيل المثال لا الحصر أن هذا الشرطي کان يقوم بأداء الادوار الخارجية الموکلة به ضمن إطار محدد بزمن، ولم يکن يسعى الى القيام بمهمة تستغرق فترة زمنية طويلة نسبيا، لکن الملاحظ انه وفي عهد الجمهورية الاسلامية الايرانية التي زعمت بأنها مناصرة و مؤيدة للمواقف و القضايا العربية و الاسلامية، ان الامر قد صار مختلفا بالمرة، حيث أن المخططات التي تنفذها الجمهورية الاسلامية الايرانية في خارج إيران لايمکن تحديدها بسقف زمني محدد ذلك أن للجمهورية الاسلامية أهداف و غايات أبعد بکثير من تلك التي کان يهدف إليها النظام الملکي السابق.
لم يکن يوم 11 شباط/فيبروري1979، يوما عاديا بالنسبة للعالمين العربي و الاسلامي، ذلك ان إسقاط النظام الملکي الذي کان متحالفا مع واشنطن و تل أبيب، قد أوحى بتغيير معادلة الصراع في القضية العربية ـ الاسلامية المرکزية أي القضية الفلسطينية، لصالح الدول العربية و الاسلامية، غير أن مرور الزمان قد أثبت بأن الحقيقة و الواقع غير ذلك تماما، خصوصا بعد أن نجح التيار الديني المتشدد في الثورة الايرانية من الهيمنة و السيطرة على مقاليد الامور و حرف الثورة بإتجاه خدمة أهداف و غايات دينية ضيقة و صادت الابعاد الثورية و الانسانية لثورة الشعب الايراني.
الشعوب و الدول في العالمين العربي و الاسلامي و التي إنطلت عليها وللأسف البالغ الشعارات و المزاعم البراقة التي أطلقها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي أسسه التيار الديني المتطرف في الثورة الايرانية، فوجئت بأن المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في منظمة مجاهدي خلق تؤکد في بياناتها و مواقفها و أدبياتها من أن النظام الاسلامي القائم ليس کما تتصوره شعوب و دول المنطقة وان أهدافه و غاياته الحقيقية تختلف تماما عن تلك التي تم الاعلان عنها من قبل النظام، ورويدا رويدا تبين بأن النظام الجديد الذي أعقب النظام الملکي يمثل تهديدا و خطرا أکبر من ذلك الذي کان يمثله النظام الملکي السابق، ومع ذلك صار واضحا بأن منظمة مجاهدي خلق التي سبق وان خاضت صراعا مريرا ضد النظام الملکي، عادت لتؤکد للشعب الايراني و العالم أجمع من أن النظام الذي أعقب النظام الملکي الدکتاتوري لايختلف عنه أبدا و إنه إستمرار له ولکن بصورة أسوء و أخطر من السابق بکثير.
نظام الجمهورية الاسلامية الذي بنى وجوده و إستمراره في سياسة التمدد و التوسع العدوانية المريبة، تصدت منظمة مجاهدي خلق له و لسياسته المشبوهة و عملت من خلال بياناتها و أدبياتها على فضح هذه السياسة و کشف جوانبها العدوانية و طالبت دول المنطقة و حذرتها من هذه السياسة و دعتها الى مواجهتها و إيقافها عند حدها، وقد شددت المنظمة على أن أفضل طريق و اسلوب من أجل تغيير معادلة الصراع القائمة مع النظام الايراني يتجلى في دعم نضال الشعب الايراني من أجل الحرية و الاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية التي تشکل منظمة مجاهدي خلق عمودها الفقري، کممثل شرعي للشعب الايراني.