إصلاح ثقافي

إصلاح ثقافي
آخر تحديث:

باقر صاحب

في ظل المرحلة الحساسة، التي تمر بها البلاد، المتمثلة بالقرارات الإصلاحية الجريئة، التي اتخذها السيد حيدر العبادي، بوصفه المسؤول التنفيذي الأول، بدعم من المرجعية الرشيدة، وبتفويض من الشعب، ومصادقة مجلس النواب عليها بالإجماع، في ظل ذلك، لايمكننا سوى أن نعرج على هذا الحدث التاريخي، نتقصى منه العبر، في سبيل تعزيز مسيرة الإصلاح في جميع الميادين عامة، وفي ميدان مهم منه ألا وهو الثقافي خاصة. يمكن للراصد أن يدون حجم المشاركة النوعية للمثقفين العراقيين، في المظاهرات التي عمت  بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، اتضحت فيها قدرة المثقف على التـأثير في الرأي العام، كما بيننا في استطلاع نشرته الصفحة الخميس 6آب الحالي، عن دور المثقف في مظاهرات الجمعة 31 تموز في ساحة التحرير، التي كان نجاحها محفزا لانطلاق مظاهرات عارمة جديدة، قربت الشعب من نيل مطالبه أكثر. نستطيع القول  ان وجود النخب الثقافية كان عاملا رئيسا من عوامل نجاحها، بالتزامن مع الضوء الأخضر للمرجعية الرشيدة في ضرب الفساد بيد من حديد، وإجراء حزم من الإصلاحات تجعل حياة العراقيين أفضل. فهم، أي المثقفون، بوعيهم الفكري والسياسي، وخبراتهم الحياتية، كانوا كما العاصم لدفة هذه المظاهرات من الانزلاق إلى وجهات أخرى، بعيدة عن الأهداف الرئيسة لها. إذن كانت المظاهرات فرصة اكتساب وتلاقح تجارب بين الشباب المدني الناشط وبقية فئات الناس وبين المثقفين، مثلما المثقفون تعلموا منهم الاندفاع العنيد إلى أبعد مدى من دون كلل وملل، فضلا عن أن الشباب يغتبطون وهم يتظاهرون سلميا ومعهم خيرة مواطني البلاد، ذلك حافز لهم في أن يتنكبوا المسؤولية الوطنية مبكرا، وأن يكونوا في الاتجاه الصحيح. لا أحد سينكر الدور الملحوظ للمثقفين، في قيادة المظاهرات إلى ماحققته الآن. شاعر مثل خزعل الماجدي، أشر ذلك في منشور له في صفحته على ال “فيس بوك”، قائلا” شعرت لأول مرة بالدور الكبير للثقافة العراقية وهي تكسر نمطيتها وتتقدم صفوف الجماهير وتنظّمهم”. يترتب على ذلك إسناد مهمات حقيقية للمثقفين والطبقة الوسطى بما تضم من كفاءات وطنية يمكن لها أن تسهم في صناعة القرار، لأجل صناعة عراق جديد  بدون فساد وفقر وأمية وتخلف.
المؤسسات التي تعنى بالمثقفين والمبدعين والكفاءات، ينبغي أن يجرفها تيار الإصلاح، لذا يقع على الحكومة الاتحادية والبرلمان، النظر إلى وزارة الثقافة، على أنها من الحقائب المهمة، وإسدال الستار على النظرة الدونية إليها، وإخراجها من حلبة المحاصصة الطائفية،  لكي  تضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكي تكون فعلا وزارة تعنى بالمثقفين، أي بجب إحداث تغيير جذري للعلاقة بين الوزارة والمثقف، راعية له عبر قوانين مشرعة رسميا، وليس بمنح طارئة تمنح ارتجاليا. وتسهم في ازدهار الكتاب العراقي، نشرا وتسويقا وتوزيعا.وتعيد النظر في المراكز الثقافية في الخارج وامتداد يد الإصلاح إليها، وتشيد بنى تحتية تعرض فيها أفلامنا ومسرحياتنا، فضلا عن بقية الأنشطة الأدبية والفنية، ومتطلبات عديدة، تشترك في تأشير ازدهار ملحوظ للثقافة العراقية، ومثلما سيولد عراق جديد ومعافى بعد تطبيق الحزم الإصلاحية جميعها، ينبغي أن تكون ثقافتنا أحد تيجان الجدة والعافية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *