كل المعطيات السياسية الحالية في العراق لا تشير الى ملامح لحلول تخرج البلد مما ورطه فيه الاحتلال من ازمة شاملة في جميع مناحي الحياة ذلك ان الوضع الحالي على قساوته فيه منتفعون من الطبقة السياسية التي ظهرت بعد أبريل 2003 ونمت وأصبحت لديها قوى وأدوات للدفاع الهجوم وتكونت لديها سياجات للحماية، وهي تتعامل بنظم لا تمت بصلةلأدوات الديمقراطيات العصرية ولمعايير العلاقة بين الشعب والدولة لقد قدم الاحنلال الأمريكي بسبق اصرار ودراية وصفة تقديم الولاءات الطائفية والعرقية على الهوية الوطنية وقننت هذه الوصفة بدستور وقوانين لاحقة هشمت بنية المجتمع العراقي وجعلت هوية المرور للمواطنة تمر عبرها لاغية كل الموروث الهائل الذي يمتلكه العراقيون في انسجام مكوناتهم الاجتماعية وكان من الطبيعي أن تنتج هذه الآليات المتخلفة ظواهر للانقسام السياسي والانغلاق الى المكونات الطائفية والعرقية كملاذ للحماية والمكاسب وتلاشت الأمال باحتمال قيام دولة مدنية ديمقراطية تستثير كل الجهود والامكانيات البشرية والمادية التي يمتلكها العراق لبنائه بعد سنوات الحروب وتلحصار وتعويض انسانه وخصوصا شبابه عما خسروه في الارواح والمعرفة والخدمات الانسانية واشاعة قيم السلم الأهلي والمحبة والوئام والأمن الأجتماعي ولكن ما حصل هو كارثة بجميع المقاييس فقد دخل العراق في فوضى أمنية بسبب جرائم مارسات قوات الغزو الامريكي التي انتجت المقاومة الشعبية العراقية المسلحة والتي سعى الاحنلال لتفتيتها وتحويلها الى مقاومة طائفية وهي ليست كذلك كانت لعبة الاحتلال منذ الساعات الاولى قذرة وذلك ليسهل وصف المقاومين له بأنهم ارهابيون و بقايا النظام السابق لقد مرر الاحتلال مخادعة ” المظلومية الشيعية ” رغم وجاهتها لكي يوحي بأن من يقاوم الأحتلال هم العرب السنة واقتنعت للأسف أوساط سياسية واسعة من الاحزاب الدينية الشيعية التي انبهرت بمكافأة تلسلطة وانحازت الى مشروع المحتل في احداث الانقسام الاجتماعي والسياسي ( العرب السنة ارهابيون بعثيون معادون للعرب الشيعة الذين هم يحكمون العراق اليوم بعد 1400 عام من التهميش ) وكل ما حصل من أوضاع أمنية وسياسية في العراق خلال السنوات العشر الماضية هو نتائج هذا المشروع التقسيمي الخبيث والتفصيلات السياسية اليومية هي مظاهر لهذا المشروع لأن المظلومية التي حصلت وما زالت مستمرة في العراق هي ( المظلومية الشعبية ) وليست الطائفية والبديل السياسي الحقيقي للاستبداد والدكتاتورية هو نظام ديمقراطي ليبرالي قائم على المواطنة .الحكم السياسي في العراق قائم على المحاصصة الطائفية وبعد أن وصل هذا النظام وجميع مرافق العملية السياسية الى طريق مسدود هناك دعوات من قبل زعامة الحكم المتمثلة بالمالكي وحزبه الدعوة الى مسار الغالبية السياسية وهي لا تخرج في ظل حالة الانقسام الذي حصل ( الأغلبية الطائفية ) وهي توجه لا يحل الأزمة بل يعمقها المأزق الحالي كان متوقعا فجميع الشركاء كانوا غير مقتنعين بهذه الشراكة لانعدام القاسم المشترك الذي يجمعهم كامنت وما زالت المصالح الحزبية والشخصية هي المحرك والدافع لكل السياسات ان المشهد السياسي رغم التصريحات والشعارات يشير الى انقسام طتئفي وعرقي سياسي ( عربي شيعي وعربي سني وكردي تركماني )الأحزاب الدينية الشيعية الحاكمة تجد من نفسها وتتصرف على أساس تمثيلها للطائفة الشيعية ،أوتجد من الامتداد المذهبي الايراني ظهيرا وسندا لها مت الطائفة العربية السنية فليس لديها مرجعية وولاء واضح ما عدا وجود الحزب الاسلامي الذي يشكل امتدادا عقائديا للأخوان المسلمين أما دعوات المشروع الوطني التي تبنتها القائمة العراقية والتي كان بإمكانها أن تشكل قوة سياسية يتحقق حولها التفاف شعبي واسع فللأسف الشديد وقعت في أزمات بنيوية ترتبط بالرموز والقيادات التي لم تملك الحماسة الكافية في الايثار والولاء للمشروع العابر للطائفية وغالبيتها قدم مصالحه الذاتية على نجاح هذا المشروع إضافة الى القدرات الهائلةوالتي امتلكها الخصوم في تعويق وافشال قدرات هذا المشروع العراقي . ولا توجد على المستوى الفكري والسياسي امكانيات جاهزة لبروز مشروع وطني عراقي عابر للطائفية يتمكن من خوض الانتخابات بسبب هيمنة المال السياسي العام وعلى الرغم من اقتراب مواسم الانتخابات فإن القوى السياسية جميعها تجد حالها في حالة من العزلة الحقيقية عن المواطن بسبب غياب الانجاز الحقيقي وهيمنة شبكات النهب والفساد المالي والاداري وعدم قدرة الاجهزة الأمنية على حماية حياة المواطن والشلل العام في جميع مرافق الحياة ولكن القوى النافذة في الحكم ومن حولها من المنتفعين والكتل البرلمانية التي أفرزت وجوه صنعها الاعلام وأصبحت اليوم معارضة للحاكم المالكي وحزبه وهي ليست حركات أو أحزاب سياسية وتجد في نفسها ناطقة باسم (المظلومية السنية )تارة أو باسم المشروع الوطني العراقي تارة أخرى ما عدا حركة الوفاق الوطني “علاوي ” أما القيادة الكردستانية فتبدو أكثر استقراراً ووضوحاً في أهدافها القومية بل إن مواقفها الاخيرة من حكم المالكي قد عدل مسار الصراع السياسي من سني شيعي الى وطني سياسي ومع ذلك تبقى خارطة العمل السياسي شيعية سنية عربية كردية والقطاع الأضعف ضمن هذه المعادلة الطائفية هم العرب السنة بسبب الأذى الكبيرالذي لحق بهم من الاحتلال وآلته العسكرية والأمنية ومن قوانينه الجائرة التي زجت بالآف منهم في السجون ورمت الأخرين في الشوارع والمنافي ، وكذلك بالاحباط القاسي الذي لحق بهم من قبل من إدعى تمثليهم في برلمان السنوات الست الماضية ولهذا فهم لا يجدون في مشروع سياسي طائفي قادر على استعادة حقوقهم وحماية مصالحهم إنهم أمام خيار وطني واضح وهو أن تبرز قيادات شابة من داخل الحراك الجديد في التظاهرات السلمية بعيدة عن النزعة الدينية المذهبية المتشددة تتوقع انها تقف بوجه النزعة الشيعية المتشددة لأن ذلك سيقود الى خراب البلاد والوقوع في اتون الحرب الطائفية التي يسثفيد منها الخاسرون سياسياً وأن تفرز قيادات سياسية جديدة من غير تلك التي غنمت المصالح والمكاسب وأن تدعى للعمل رموز لها ثقلها وسمعتها النقية في المجتمع العراقي إن مثل هذا التطور فيما إذا حصل وهناك امكانيات لحصوله فستظهر امكانيات لدحر اللعبة الطائفية في العراق
ولا ننسى إن الاحباط قد أصاب أوساط كبيرة من الطائفة الشيعية بسبب البطالة الهائلة وانعدام الخدمات في غالبية المحافظاه الوسطى والجنوبية ان الكارثة السياسية التي حصلت في العراق بعد عام 2003هي استخدام الطائفة لأهداف حزبية سياسية لقد تم اختطاف الطائفتين الشيعية والسنية من قبل الأحزاب والتكتلات السياسية في العراق وهذا يتجاوز الخطأ السياسي الى الدخول في مشروع التفتيت والتقسيم الاجتماعي والطائفية هي طوق نجاة الساسيين الفاشلين ريكي ان الوضع السيئ الذي يعيشه العراق حاليا لا يمكن تغييره عبر منقذ من الفضاء كما إن القوى المستفيدة تجد في استمراره عبر تغييرات شكلية ، ولعل القوى الاقليمية والدولية ترى بابقائه عكذا رغم انغلاق مفاعيله السياسية لعشر سنوات ما كان مطلوباً من من مشروع الغزو الأمريكي هو تفتيت العراق وتحويله الى كانتوناتطائفية وعرقية تختفي فيه الهوية الوطنية ووتصاعد الصزاعات الطائفية حد الاحتراب وتمحى من الوجود قوة التنمية البشرية الهائلة في جميع ميادين العلم والمعرفة ، ولكن بالمقابل تناسى أصحاب مشاريع التفتيت والتقسيم بأن هذا الشعب العظيم بجميع مكوناته الشيعية والسنية والكردية والتركمانية والمسيحية قادر بوعيه وبفضل امكانات العصر في تدفق المعلومات والتواصل الاجتماعي على دحر مشروع التفتيت والتقسيم……