إحداث الانبار ..ثورة العراق الكبرى : بقلم سمير القريشي

إحداث الانبار ..ثورة العراق الكبرى : بقلم سمير القريشي
آخر تحديث:

أحداث الانبار تفتح مراجعة قائمة الحساب الطويلة التي دفع ويدفع ثمنها الأبرياء والمعذبين من هذا الشعب المظلوم بكل أطيافه وأديانه ..وتستدعي مراجعة عميقة ليس للفترة التي عقبت احتلال العراق بل إلى ابعد ذلك ,واقصد مراجعه حقبة البعث البائدة والتي اعتبرتها المحافظات الغربية أنها فترة الزهو والرفعة.. والحقيقة هي لم تكن أكثر من فترة الانتهازية والخداع واستغلال مشاعر هذه المحافظات لتدعيم سلطة البعث فقط ..
وقبل كل شيء لا بد من التنويه إلى آمر مهم من اجل إبعاد شبح اتهامنا بالطائفية والتي يتهم بها كل أبدى رأي صائب فيه شيء من القسوة على طائفة ما ..
بعد أحداث الموصل لم تكن محافظات العراق الوسطى والجنوبية على استعداد للدفاع عن  نظام سياسي فاسد حد النخاع بل أنها كانت لتقف مع أي مجموعة تتبنى شعار الإصلاح والتغير والاعتدال ..أي أن هذه المحافظات لم تكن لتدافع عن نظام سياسي فاسد مهما كان لونه المذهبي حتى  لو ادعى بأنه شيعي ..
المشكلة في العراق هي مشكلة البديل الصالح فعلى مدى تاريخه الحديث لم يكن الحاكم الجديد أفضل حالا من الحاكم الماضي بل كان أسوء حالا واشد استهتارا بالنظام والشعب والقانون  ..على كل حال الدفاع الذي أبدته محافظات وسط وجنوب العراق ضد داعش كان من اجل المقدسات التي أعلن التكفير الإرهابي الوهابي انه قادم لهدمها ,طبعا من يرفع هكذا شعارات لا يريد أن يحكم أو يؤسس دولة أو يقيم نظام بل يريد أثارت النزاعات الطائفية وحرق البلد ..ولذلك أرادت الجماعات التكفيرية بهكذا شعارات أعادة الاحتراب الطائفي وإعلان الحرب المذهبية بشكل واسع ورهيب لا يحرق العراق بل يحرق المنطقة برمتها  ..
والحمد لله لم تتسع هذه الحرب آلا في حدود الذين يعيشون على الطائفية من سياسي العراق وبعض الذين هم بالواقع من تشكيلات داعش الوهابي المجرم ..وحين سقطت هذه المؤامرة الكبيرة أقدمت داعش على الانتقام من الجميع ..من أي مواطن في هذا الوطن ولذلك تحولت طبيعة المعركة من الطائفية إلى معركة وطنية بفضل أعدائنا وليس بفضل احد آخر !!!!
أحداث الانبار فتحت باب المحاسبة على مصرعيها ولم تدع لأحد فيه شيء من الغيرة العراقية أن يقف دون ان يتخذ موقف كبير ومفصلي ..موقف ينقلب فيه على كل من خدعه طيلة العقود الماضية وجعل منه أداة  لتنفيذ إغراضه الدنيئة والقذرة ..
فما تتعرض له الانبار من جرائم وإبادة ونزوح كان بفعل من وقف معهم  بعض أهل الانبار قبل أشهر قليلة لكن حين استنفذت أوراق هذا البعض  مفعولها .احترقت ووجب أن تدفع ثمن وقوفها مع هؤلاء المجرمين القتلة ..قد لا يكون هذا الوقت المناسب للمحاسبة  وربما يعتبره البعض  فيه شيء من الشماتة والتشفي لكن الحقيقة أن هذا الكلام نوع من العتب والأسف والأسى لحال أهلنا في الانبار لأنهم كانوا جزء مشارك ومهم وفعال من المأساة التي حلت بهم ..
القضية الأخرى أن التحرك الشيعي في الدفاع عن العراق ينطلق من مباني عقائدية بعيدة عن السياسية وان حاول السياسيون تجيير هذا التحرك لمصالحهم الخاصة ..لكن في مقابل ذلك لا نجد المحركية ذاتها عند أبناء السنة المعتدلين آلا في حدود ضيقة جدا لان اغلب الجهات التي تتبنى الكفاح المسلح في الطائفة السنية هي جهات تكفيرية لا تتحمل أو تقيم أي اعتبار للآخر .ولذلك فان المحركيه التي يمكن أن تحرك أبناء السنة المعتدلين ضعيفة ولا تصمد في خضم هذه المعركة القاسية …ومن هنا لا بد من بيان وهو آن أهل السنة المعتدلين والذين يشكلون القسم الأكبر الذي قد يصل إلى أكثر من 90% من أهل السنة في العراق مواطنون شرفاء يملكون من الغيرة والحمية التي تحطم كل معاقل وأسوار داعش والقاعدة أذا ما وجدت قضية واضحة تقاتل من اجلها..قضية بعيدة من خوض السياسيين وشيوخ العشائر والمتكالبين على السلطة ..
أهل السنة بحاجة إلى مؤسسه عقائدية معتدلة لا تضع المذاهب الأخرى موضع عدوا لها بل تعمل على دمج أهل السنة بمحيط المجتمعات التي تعيش فيها بشكل طبيعي بدون أي تميز وتتقبل السني كما تتقبل الشيعي باعتبار الإسلام وليس باعتبار آخر أي كان اللهم آلا اعتبار الوطن الواحد…
بالأمس رفض إمام جامع أم الطبول استقبال النازحين الانباريين بينما فتحت حسينيات بغداد ومساجدها الشيعية أبوابها أمام النازحين لان اعتبار المذهبية له حدود يتوقف عندها وعندما يتخطى حدوده يتحول إلى جريمة كبيرة ..الدليل الآخر محافظات وسط وجنوب العراق فتحت بويتها للإخوة الانباريين لأنه لا اعتبار للمذهبية في هكذا مواقف تستنهض الإنسانية والغيرة العربية الأصلية …
على كل حال حان الوقت للعمل لبناء مؤسسة دينية سنية جديدة تتبنى شعارات الإسلام والمسلمين وتعيد مسار الصراع إلى مساره الصحيح والذي هو مسار الصراع الإسلام الصهيوني ..وعلى إخواننا في هذه المحافظات الغربية أن لا يتحولوا على أداة قتل وحرق وتهجير بيد العملاء والخونة ..ويجب تحرير المذهب السني من كل رواسب الجهل والتكفير والإقصاء مثلما يسعى أحرار الشيعة إلى تحرير المواطن الشيعي من قبضة من يدعي التدين فمثلما كان السني ضحية ا كان  الشيعي كذلك..  وعلى الجميع الإنصات والاستماع لصوت الاعتدال والتسامح وتجاوز جراحات الماضي القريب ففي هذه الأمور نجاة ووحده الشعب العراقي  فهذا الالتحام وهذا التضامن هو الثورة العراقية الكبرى التي سوف تربك كل مخططات الأعداء ..فالقضية واحده والمشكلة واحده ..
حفظ الله رجال العراق الأحرار الذين يقفون للدفاع عن العراق والمقدسات والدفاع عن حرائر العراق وشيوخه وأطفاله ..أولك الرجال الذي ضحوا بدمائهم الزكية لسد هجمات داعش التكفيري المجرم ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *