فاجأ السيد مقتدى الصدر، الأوساط السياسية ، والرأي العام العالمي، بإنسحابه الكامل من العملية السياسية، بتوجيه أعضاء التيار الصدري بتقديم إستقالاتهم للبرلمان،وغلق مكاتبه السياسية في عموم المحافظات،وغلق قناته الفضائيه ،ووضع سرايا السلام ولواء اليوم الموعود في حالة طواريء وتأهب،في ظلّ إنغلاق سياسي تام ،متأزم ومتوتريهدد بالإنفجار،بعد تقديمه أكثر من مهلة وفرصة للإطار التنسيقي ،لتشكيل حكومة توافقية،وفشل في تشكيلها،كما فشلت مساعي إيران، في تروّيض الطرفين للجلوس على طاولة واحدة ، فما هي تداعيات إنسحاب السيد مقتدى ، وهل إنسحابه نهائياً أم تكتيكياً،وهل يستطيع ألإطار التنسيقي ،أن يشكّل حكومة بمفرده ،ثم ماهو مصير التحالف الثلاثي الكردستاني والسيادة،هذه الاسئلة وغيرها، هي مايشغل الشارع العراقي، ويشغل الرأي العام،لهذا لابد من الإجابة على مثل هكذا اسئلة ،تقلق الشارع العراقي، وتهدد مصيره، وتخوفه من الذهاب الى حرب أهلية طاحنة بين المذاهب والقوميات والطوائف، والعراق يشهد أعنف إحتقان طائفي ، تجلّى بتصريحات فائقة الخطورة( كتصريح نائب سابق عن الفتح ،هددّ (الاكراد والسنّة)، بستة ألوية للحشد الشعبي(تسحلهم)، أو تصريح شخصية تتحدّث بإسم الإطار بقوله ( مضطرّين أن نتحالف مع البرزاني والحلبوسي ،من قلّة الخيل شدوا على الجلاب سروج)،هكذا تهديدات وتصريحات ،أرسلت رسائل مباشرة للشارع العراقي،على مايضمره الإطار التنسيقي وجمهوره ، للخصوم ـ إذا لم يتحالفوا معهم، يا ألّعب يا أخرّب الملّعب شعارهم ،وفي هذا الوقت يعمل الإطار التنسيقي،على بذل أقصى الجهود ،لإستثمار فرصة إنسحاب الصدر، وتشكيّل حكومة توافقية( وطنية)، بالتحالف مع أطراف من المستقلين وحزب الإتحاد الوطني الكردستاني وغيرهم،ودعوته للسيادة والكردستاني للتفاوض (رفض الكردستاني استقبال زعيم كتلة الفتح هادي العامري)،وفشلت مساعي الإطار، فين حين رفض الحلبوسي الإلتحاق بالإطار،إذن الكرة الآن في ملعب الإطار التنسيقي، هل يستطيع لوحده تشكيل حكومة توافقية، يقودها نوري المالكي، وكم ستستمر هذه الحكومة، وماهو موقف التحالف الثلاثي منها، ثم هل يسكت السيد الصدر،على ترشيح المالكي لحكومة ،ويقبل بخصمه اللدود ،أن يترأس حكومة ،ليست من إستحقاقه الإنتخابي،أعتقد أن حكومة يشكلّها المالكي لن تدوم لشهرين على الأكثر،وأجزم أنّ الصدر لن يسكت ويقبل ويخذل نوابه وجمهوره، بهكذا وضع فرض عليه، لأنه سيخسر جمهوره ومريديه،ويسمح لعودة العراق الى المربع الاول ، ونقصد به ، السياسة الطائفية والإقصائية لنوري المالكي وحزبه، للأقليات والمكونات الاخرى،لاسيما علاقته السيئة بالديمقراطي الكردستاني، والمدن التي سلمّها لداعش ، بمعنى تسليم نصف العراق لداعش هذه المرة،وهذا ما لم يقبل به، لا الصدر ولا السيد مسعود برازاني ولا الحلبوسي ،ولا جمهور المدن المحرّرة ،التي قدمّت مئات الالاف من الشهداء، ومئات الالاف من النازحين والمهجرين ،بسبب سياسة نوري المالكي الطائفية ،وتهميشه لهم، فالجميع يرفض عودته لرئاسة الحكومة وعودة الامور الى الوراء،إذن العراق، بكل وضوح في عين العاصفة، بل في قلب العاصفة، لاسيما وأن الأجواء والأوضاع السياسية الدولية مهيئة ، ومرشّحة لحرب الشرق الاوسط، تعدُّ لها إدارة بايدن واسرائيل، بعد فشل مؤتمر فيينا والإتفاق النووي، ووصول العلاقة، بين وكالة الطاقة الذرية الدولية وإيران الى طريق اللاعودة ، بعد رفع كاميرات المراقبة عن مفاعلات نووية حساسة ، وإحتمال قيام حرب مباشرة بين اسرائيل وحزب الله في لبنان ،لهذا نقول لن تدوم حكومة يشكلها الإطار أبداً،إذن على الإطار وبقية التحالفات إيجاد البديل، والبديل هو التصادم والمواجهة فقط ، بنظر الإطار التنسيقي، الذي يصرّ على إشاعة الفوضى والحرب بين الطوائف والمكونات،ويرفض التخلّي عن سياسة الإقصاء والتهميش، والثأر وشهوة الانتقام،من الخصوم السياسيين، ويصرّ برفضه تقديم التنازلات على الذهاب بالبلاد الى حرب أهلية، لايريدها الجميع عدا الإطار وجمهوره،ونعتقد أن أقرب مواجهة ستكون بين الإطار والتيار الصدري، الذي لن يسكت ويدع الإطار، يتهنّى بتفرّدّه بالحكومة ،والقرار السياسي والامني والعسكري، نعم الجميع يتحدث عن نوايا السيد الصدر.
والتي تؤكدها إجراءاته (غلق المكاتب ، سحب نوابه من البرلمان، وغلق قناته، توجيه السرايا واليوم الموعود للجهوزية ،رفض أي حوار مع الاطار وايران)،التصعيد الصامت للصدرهو سيد الموقف،فيما يتلقى الاقليم وتحالف السيادة ،التهديدات والتصريحات وقصف أربيل ،برباطة جأش وتماسك أعصاب، ولايغيب عن بالهم قيام الإطار التنسيقي ،بعمل عسكري عن طريق فصائل مسلحة، يحشدّها على اطراف اربيل ،للتخويف ربما ،في التون كوبري وسهل نينوى وغيرها،نحن نرى أستخدام إيران والإطار العصا والجزرة ، كأسلوب لتركيع الخصوم، غير مجدِ تماماً، وهو أسلوب إستفزازي رخيص ، لن يصل الى نتيجة،عكس التنازلات والمكاشفة ، وتغليب لغة الحوار ومصلحة العراق، التي من شأنها أن تجنب الجميع، الدخول في صراع الخصوم، وحرب لاتبقي ولا تذر، الخاسر فيها الجميع، وهذا ما يصرّ عليه فقط الإطارالتنسيقي، بعد فشل جميع محاولاته وألاعيبه ،تدجين الخصوم، وسحبهم الى مايريد،وإخضاعهم لأجندته الطائفية ،بإعادة المالكي الى السلطة، بأية طريقة، حتى لو كانت إعلان الحرب الأهلية وقتل الالاف ، أعتقد ايضاً،أن تشكيل حكومة توافقية ،أصبح أمراً مستحيلاً، بعد رفض البرازاني والحلبوسي التحالف معهم، وإن سيناريوهات دولية قادمة ،سيكون العراق ساحة لها ،يعمل عليها الرئيس بايدن وإسرائيل، للتخلّص من ملالي طهران ونظامه المتهريء الآيل للسقوط،بدعم غضب التظاهرات العارمة التي تملأ مدن إيران، بما فيها العاصمة طهران،وما زيارة بايدن الى الشرق الاوسط ، ومشاركته إجتماعات مجلس التعاون الخليجي في منتصف الشهر القادم، وترميم العلاقة الاستراتيجية مع السعودية ومع ولي العهد تحديداً،إلاّ إشارة أكيدة، على وجود تغييرات جيوسياسية في الشرق الاوسط ،وإستراتيجية أمريكية جديدة ، بإعادة العلاقة مع السعودية ودول الخليج ،التي شهدت فتوراً وقطيعة مع إدارة بايدن ،بعد سلسلسة غارات إسرائيلية جوية وسيبرانية وإغتيالات لعلماء الطاقة النووية الإيرانية داخل ايران، وإختراق الأجهزة الإيرانية ،على نطاق واسع ومقلق لقادة طهران،(إلقاء القبض على قادة في الحرس الثوري بتهمة التجسس لصالح اسرائيل)، وما تصريح عرّاب السياسة الامريكية، لأكثر من نصف قرن ،هنري كيسنجر بقوله(علينا الإعتراف بحقيقة أن أحداثاً كبيرة قادمة في الشرق الاوسط وآسيا )، إلاّ دليل على أن هناك مواجهة أكيدة، لخطرإيران وأذرعها في المنطقة،بعد فشل فرض السلام مع الحوثيين، وتنمر وتهديد الاذرع والفصائل الولائية ، التواجد الامريكي في العراق وسوريا،الأمر الذي أجبر ادارة بايدن غلق السفارة الامريكية في بغداد ، وترحيل رعاياها الى الكويت وأربيل، حقيقة أن السيد الصدر بإنسحابه قد وضع الجميع في زاوية حرجة جدا، وفتح الباب لسيناريوهات داخل العراق،منها حل البرلمان وهو امر شبه مستحيل،أو تشكيل حكومة توافقية ناقصة،أو النزول الى الشارع لحسم الوضع في الشارع ، ليضمن إفشال نوايا الإطار التنسيقي،بمعنى أن الصدر،نقل الصراع من البرلمان ، الى الشارع ، ليضمن الجماهير التي ستنظم لتياره المناهض، لحكومة التوافق الهشّة،حقيقة هناك عدة إحتمالات مفتوحة على مصراعيها ، وكلهّا تنذر بعوقب وخيمة ، مالم يكن هناك تدخل دولي لحسم الصراع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، والذي يهدّد مستقبل العراق والمنطقة بأكملها ….