روسيا وإيران .. ليس للثعلب دينا … بقلم : الدكتور عمران الكبيسي

روسيا وإيران .. ليس للثعلب دينا … بقلم : الدكتور عمران الكبيسي
آخر تحديث:

ما أن تناقلت وسائل الإعلام خبر انطلاق “عاصفة الحزم” لتأديب الحوثيين في اليمن، الذين ذهب بهم الطيش إلى تصور أن بإمكانهم ابتلاع اليمن بمساعدة أسيادهم الإيرانيين والتحالف مع الرئيس السابق المخلوع على عبدلله صالح، ومواقف الدب الروسي الهرم المؤيدة لهم، يستطيعون تحيق الحلم الفارسي في الإطباق على دول الخليج العربي وإحكام الطوق حولها بوضعها بين فكي كماشة،

وفرض هيمنتهم على المنطقة، وإعادة عقارب التاريخ إلى الوراء أملا في استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، متناسين قوله صلى الله عليه وسلم” إذا ذهب كسرى فلا كسرى بعده” ولكن أحلام الملالي ذوي العمائم السود والبيض بإعادة دولة فارس، تظل أشبه “بطمع إبليس بالجنة” انطلقت عاصفة الحزم بهدف حمل المتمردين الحوثيين على العودة إلى جادة الصواب، ولو بالقوة بعد أن أعيت العرب الحيلة في احتواء الانفلات الحوثي عن طريق الحوار وفق المبادرة الخليجية التي ترعاها الأمم المتحدة، فكان لا بد من كي المتمردين على أعقابهم، لكي لا يعودوا إليها ثانية.

لم أفاجأ بعاصفة الحزم، وكنت أتوقع أن يقف خادم الحرمين وقفة حاسمة تعيد الأمور إلى نصابها، وأن تقود المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا ودوليا يرد سهم الخارجين عن الدين والعرف والقانون إلى نحورهم، لكن ما أثار عجبي وأيقظ دهشتي دعوة القادة الروس طبعا بدفع من دهاقنة السياسة الإيرانية وأحبار مؤسستها الدينية إلى وقف حملة عاصفة الحزم بعد نجاحها في تقليم المخالب الإيرانية، واللجوء إلى المفاوضات حقنا للدماء والحفاظ على استقرار المنطقة، روسيا وإيران ويا للعجب تتباكيان على الضحايا، وتخشيان على اليمن من التدمير، وتفضلان العودة إلى طاولة الحوار  رغبة في السلام..!

يا سبحان الله.. روسيا التي استخدمت الفيتو في مجلس الأمن أربع مرات لتعطل قرارات حاسمة تضع حدا لسفك الدماء في الحرب الدائرة في سوريا، وتقف خلف إيران تمد نظام الأسد الجائر بكل إشكال المساعدات، السلاح والعتاد والخبرة وتوفر له الغطاء السياسي والإعلامي في المحافل الدولية، ليواصل ارتكاب المجازر البشرية بالسلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة وقصف الطائرات والمدافع على مرأى ومسمع العالم طيلة خمس سنوات خلت، غير أبهة بالنتائج المأساوية تتباكى اليوم على السلام! وتطالب بإيقاف ضربات عاصفة الحزم، وتنسى أنها اختطفت جزيرة القرم من أوكرانيا بقوة السلاح, وعاندت العالم بأسره، وضربت دعوات السلام عرض الحائط.

وإيران وما أدراك ما إيران، تنسى أنها رفعت شعار تصدير الثورة لتخوض الحرب مع العراق طوال عشر سنوات، سقط فيها مليون قتيل من الطرفين، ورفضت كل المبادرات التصالح والتفاوض ودعوات تحكيم العقل وخيار السلام، إيران تتجاهل أنها خربت لبنان بدعمها وتسليحها لحزب الله بزعامة نصر الله وكانت الوقود للحرب الأهلية هناك، إيران هي الشريك للأسد في كل جرائمه وفظائعه التي ارتكبها بحق الشعب السوري، إيران ومليشياتها وحرسها من ينتقمون اليوم من العراقيين ويرتكبون حوادث القتل والسلب والنهب والحرق والاغتيالات وجعلت من بلدهم أسوأ بلد للعيش للعالم، إيران التي زودت الحوثيين بالسلاح وأعلنت تأييدها لهم في كل معاركهم مع الحكومة، وفي اجتياح المحافظات واحدة تلو الأخرى يستولون على المؤسسات الرسمية والمواقع العسكرية وينهبون سلاح الجيش الثقيل والخفيف ويرتكبون الماسي بحق الشعب اليمني تتباكى هي الأخرى على السلام، ولم نسمع منها دعوت تعقل أو حرص على امن المنطقة والسلام فيها.

 وإزاء هذا المكر اللعين، والدس الخبيث، وخداع المواقف من إيران وروسيا عادت بي الذاكرة إلى مهد تعلمي في المدرسة الابتدائية حيث كنا نحفظ وندرس قصيد أمير الشعراء احمد شوقي ” مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا” وفيها يقول: برز الثعلب يوما.. في ثياب الواعظينَ/ فمشى في الأرض يهذي .. ويسبُّ الماكرينَ/ ويقول الحمد لله.. إلاهِ العالمينَ/ يا عباد الله توبوا.. فهو كهفُ التائبينَ/ وازهدوا في الطير.. إنّ العيشَ عيشُ الزاهدينَ/ واطلبوا الديك يؤذّن.. لصلاة الصبح فينا/ فأتى الديك رسول.. من إمام الناسكينَ/ عرض الأمر عليه.. وهو يرجو أن يلينَ/ فأجاب الديك عذرا.. يا أضلَّ المهتدينَ/ بلّغ الثعلب عني .. عن جدودي الصالحينَ/ عن ذوي التيجان.. ممّن دخل البطن اللعينَ/ إنّهم قالوا وخير.. القول قول العارفينَ/مخطئ من ظنّ يوما.. أنّ للثعلب دينا.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *