ثقافة الصواريخ في العراق…رسائل لمن؟

ثقافة الصواريخ في العراق…رسائل لمن؟
آخر تحديث:

بقلم:سمير داود حنوش

الصواريخ التي إنطلقت بإتجاه مطار بغداد ربما كانت رسائلها المعنوية أكثر تأثيراً وإصابة من الخسائر المادية، قد قصد مُطلقها أن الوضع العراقي ذاهب بإتجاه التأزيم وإن أصوات العقل والمنطق قد تغيب في أي لحظة تفقد العملية السياسية توازنها.

قصفْ مطار بغداد بالصواريخ وقبله هجمات صاروخية منظمة على مقر محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي وإتهام البعض للحلبوسي بتدبير محاولة إغتياله وهجمات منظمة أخرى على مقرات حزبية للمكون ذاته فسرّها البعض على انه صراع سياسي بين الطائفة الواحدة مع مايتخلل هذا المشهد الدرامتيكي محاولات إغتيال طالت أصناف متنوعة من الشعب العراقي تثبت بما لا يقبل الشك أن هناك من يدفع بهذه الفوضى وإغراق هذا البلد في دوامة الإرتباك.

ماصرحتْ به بعض المصادر عن نية السفارة الأمريكية بيع جميع محتويات مقرها في بغداد بالمزاد والإنتقال إلى أربيل ربما توحي تلك الأخبار بأسئلة كبيرة تحتاج لإجابات أكبر عن توقيت هذا الحدث وعلاقته بالمستفيد من خلط الأوراق وتأجيج الشارع وتلك الأحداث التي تسارعت بعد الأتفاق الذي جرى بين الحكومة العراقية والأمريكية بخروج الأخيرة من العراق.

فالبعض يؤكد أنها محاولات في غُرف مظلمة لعودة الأمريكان من حيث خرجوا، وآخر يتهمهم بتلك المحاولات لتأجيج الشارع ضد فصائل مسلحة ومن ثم إيجاد مبررات لتوجيه ضربات لقيادات ومقرات تلك الفصائل كما فعلت مع قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وآخرين يتمنون عودة العراق إلى ميثاق البند السابع ووصاية الأمم المتحدة عليه وقطع شرايين العراق الجوية مع دول العالم والعودة إلى تلك العزلة التي غادرها.

في خضم تلك المساحات التي لاتؤدي إلى طرق سالكة وواضحة أو تلك التي تسير بإستنتاجات مبهمة يبدو أن المشهد السياسي العراقي ذاهب إلى الأكثر سوداوية خصوصاً مع إقتراب مواعيد إنتخاب رئيسيّ الجمهورية والوزراء وهي المعضلة التي تواجه كلاً من الشيعة والكرد المتناحرين فيما بينهما على هذين المنصبين ومشكلة الكتلة الأكبر التي يصعب إيجادها داخل قبة البرلمان.

إنتقال السفارة الأمريكية إلى أربيل إن صحت التوقعات يعني أن الساحة السياسية في بغداد أصبحت في مرمى صواريخ أشد فتكاً من صواريخ المطار لأنها صواريخ قد تُطيح بجميع جدران العملية السياسية فمحاولات (الطرف الثالث) في العراق لإيصال البلد إلى مرحلة القمة في العنف والفوضى قد تؤشر إلى مشهد يلوح بالأفق برغم كل التطمينات وبوادر الإنفراج التي يتحدث عنها سياسيين إلا أن الأحداث وإن عبرت مرحلة إختيار رئيسيّ الجمهورية والوزراء بعد أن إختار البرلمان محمد الحلبوسي رئيساً له وسارت الأمور بتلك الإنسيابية التي يتوقعونها إلا إن المفاجأة قد تكون تلك الألغام المزروعة في ذلك المستقبل السياسي للبلد الذي يزداد تأزماً وإن طغى عليه الهدوء الذي يسبق العاصفة.

رسائل الصواريخ ربما لايهتم لها المواطن العادي الذي يبحث عن لقمة عيشه في وسط دوامة الحياة الصعبة في العراق لكنها بالتأكيد رسائل واضحة للمجتمع السياسي في هذا البلد أن الإنفلات ربما يكون قريباً جداً من مشهد مرتبك ينتظر الحلول من الخارج وليس من صنع يديه.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *