شكر حاجم الصالحي
أفجعتني كثرة الأخطاء اللغويَّة والأغلاط الطباعيَّة في معظم الإصدارات الجديدة التي نقرؤها في هذه الأيام، ولستُ هنا في تمحيص مضامينها لكن المرارة تأتي من كونها لمؤلفين (أكاديميين) يحملون ألقاباً علميَّة، وتشير سيرهم الشخصيَّة إلى ممارستهم التأليفيَّة لسنوات بعيدة في هذا الاشتغال المعرفي. ويؤسفني القول إنَّ تفشي الأخطاء والأخطاء الملفتة للانتباه، أصبحت ظاهرة ملازمة لكل هذا الذي تقرؤه، ما أفسد علينا متعة التزوّد بالجديد من الأفكار والأطروحات التي كُنّا نطمح لافتتاحها وقضاء أجمل الأوقات مع صفحاتها واكتشافات مؤلفيها.في حين أن واقع الحال يحمل في طيات رحمه سعيه في تعميم ما هو نافع وجديد في مختلف حقول الحياة الثقافيَّة، والذي حرّضني على كتابة هذه السطور ما قرأته مؤخراً لواحدٍ من إصدارات أحد أساتيذ الدرس الجامعي الذي لا أريد هنا أن أشير إلى عنوان (مؤلفه) الذي يذيله بلقبه العلمي الدال على مكانته الأكاديميّة وتخصصه الضيق في التاريخ الإسلامي. والغريب في الأمر أنّك لا تجد صفحة من صفحات كتابه هذا تخلو من حفنة من الأخطاء والأغلاط التي (لا تفوت القارئ اللبيب)، ناهيك عن التدليس والمغالطات في إيراد ما يناسب توجهاته الفكريّة وليس لنا إلا أن ننظر للكتاب من زاوية مختلفة.إنَّ الشيء الغريب في هذا الإصدار الأنيق الشكل أن صاحبه لا يفرّق بين الظاء والضاء، ولا يقيم اعتبارا لما تعنيه مفردة (ضنَّ) من البخل، فيراها (ظنَّ) من الشك والارتياب، ومثل هاتين المفردتين العشرات من الالتباسات، والأدهى أن هذا (الدال) يسرف في أخطاء لغته، فهل يعقل أن (دالا) يكتب: (الجهات الأربعة) هكذا في حين كان عليه أن يقول الجهات الأربع.ولا أدري هل الدال هذا من الدالات الدمج التي لا ترى فرقاً بين الخطأ والصواب، وكيف سيكون مستقبل أبنائنا ممن يتلقون العلم عن مثل هذا الدال، نعم أنا شخصياً غير مسرور بظاهرة انتشار الجامعات الفضائيَّة في دول المحيط الإقليمي لعدم تمتعها بالرصانة العلميَّة، وعلى وزارة التعليم العالي أن تنظر بعيون المصلحة الوطنيَّة إلى أفواج الخريجين الذين تقذف بهم جامعات أهليَّة وأن تضع الضوابط التي تعيد للدرس الأكاديمي هيبته، وتضع حدّاً ناجزاً لضبط هذا الخراب المقصود، ولا بدَّ أن تخضع الإصدارات الجديدة إلى التدقيق والفحص اللغوي تجنباً لهذا الواقع الذي نحن فيه.ولست هنا ممن ينادي بإعادة الرقابة، ولكن لا بدَّ من رقيب لغوي يكون مسؤولاً بشكل قانوني وأخلاقي عن هذا التردي الحاصل في مؤسساتنا العلميَّة والثقافيَّة والتربويَّة، وإلا فنحن ماضون الى التردي وعدم احترام لغتنا ,وقوانينها.. وسأكون مضطراً في قابل الأيام إلى فضح ما رأيته من خراب فضائي في جامعات دول الجوار (إيلام) تحديداً، ولن يلومني أحد، فما رأيته لا يمت بصلة للدرس الأكاديمي وتلك قضية أخرى.