انتهاكات مليشيا الحشد الشعبي بقلم د. نزار السامرائي

انتهاكات مليشيا الحشد الشعبي بقلم د. نزار السامرائي
آخر تحديث:

ما تزال محافظة ديالى تتصدر مشهد الرعب الذي تزرعه مليشيا الحشد الشعبي التي تأسست بموجب فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرها علي السيستاني، وشرعنها نوري المالكي رئيس الوزراء المعزول وخصص لها الأموال اللازمة قبيل مغادرته مكتبه في المنطقة الخضراء رغم أنفه، فقد شهدت مدن المحافظة المنكوبة والمبتلات بأبنائها الذين باعوها بثمن بخس وأعدائها الذين استأسدوا عليها في غفلة من الزمن والتي استباحتها مليشيا بدر والعصائب وكتائب السلام والتي كان يقودها مجتمعة مع قوات البيشمركة الكردية الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس الإيرانية، وبدعم طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، عمليات تطهير طائفي غير مسبوقة إلا في إيران في العهد الصفوي، مع قتل جماعي وتدمير للممتلكات من منازل وبساتين وموجودات أخرى، وتفجير لمساجد أهل السنة، مما لم يعد خافيا على أحد بل طفحت روائحه الكريهة وملأت الأجواء، حتى حاول ممثل السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء أن يغسل الأيدي الملطخة بدماء أبناء ديالى وصلاح الدين والحويجة وجرف الصخر من المسؤولية الشرعية والأخلاقية والقانونية من تلك الدماء البريئة، والتي سفكت من جانب مليشيات كانت تتحرك تحت مظلتين، الأولى مظلة الفتوى الدينية باستباحة أرواح وأموال وممتلكات المناطق التي يراد لها أن تخضع لسلطة الظلم والقهر اللذين جسدته حكومة المالكي بوحشية لم يعرف العراق لها مثيلا، وها هي حكومة العبادي تسير على الطريق نفسه ولا تحيد عنه قيد أنملة على الرغم من أنها ترفع شعارات براقة وبضجيج عال عن مصالحة مزعومة وحصر السلاح بيد الدولة.
والثاني مظلة الحماية القانونية الممنوحة للقتلة من تلك المليشيات قيادات وأفرادا، حتى بتنا ننقب في ملفات القضاء العراقي عن قضية واحدة أحيل فيها عنصر واحد من عناصر المليشيات إلى المحاكم للنظر في الجرائم التي ارتكبها وهي جرائم تقع تحت العين جهارا نهارا، ولكن الحيلة أعيتنا في مساعينا التي خابت هذه المرة كما خابت طيلة سنوات القتل على الهوية والتهجير والتطهير منذ عام 2003 وحتى اليوم.
لا بل إن رئيس مجلس النواب الحالي سليم الجبوري الذي فاز في البرلمان وأصبح رئيسا له بعد أن خاض الانتخابات بقائمة الوفاء لديالى، على الرغم من أنه كان مطلوبا على لائحة أعدها المالكي بالتعاون مع القضاء الفاسد، لأشخاص يراد أن يلحقوا بالدكتور عدنان الدليمي ومحمد الدايني وطارق الهاشمي ورافع العيساوي وأخيرا أحمد العلواني، ولكن الجبوري أفلت من المصيدة بعد أن عقد صفقة السكوت على المالكي مقابل ولاية ثالثة لم تحصل لعوامل خارجة عن إرادة جميع أطراف العملية السياسية، ويبدو أن سكوته لا يرتبط بحقبة المالكي فقط بل بما وراءها، ومن مظاهر هذا السكوت المخزي أنه استقبل بابتسامة عريضة قائد العصائب وقاتل أبناء ديالى والفاعل الحقيقي لجرائم التهجير القسري ومصادرة الممتلكات في المحافظة ومدن في محافظات عراقية أخرى، حتى أن المرء ليحار ماذا كان الجبوري ليفعل لو لم يكن اسم قائمته الوفاء لديالى أهكذا يكون الوفاء لديالى؟ مع قتلة أبناء عشيرته ومدينته ومحافظته؟ إذن كيف لنا أن نتوقع من رئيس السلطة التشريعية أن يكون وفيا للعراق وهو الذي لم تتحرك فيه النخوة والغيرة دفاعا عن أعراض نساء ديالى ودماء رجالها وممتلكات أهلها والتي سلمت لأيدي مسمومة وضمائر ميتة وقلوب صدئة؟ أهكذا يكون الوفاء لهذه المحافظة التي يراد تفريسها على طريقة إسماعيل الصفوي، حتى لا تشعر إيران بأن هناك من يسبب لها إزعاجا اجتماعيا أو أمنيا.
ماذا تقول لتلك المليشيا الملطخة أيدي عناصرها بالدماء عندما تستبيح دماء الأطفال؟ وبماذا يفسر من أصدر أمر تفجير جامع السيدة خديجة الكبرى رضي الله عنها وأرضاها في حي الشهداء في مدينة السعدية فعلته النكراء؟ وهل نسي ذلك الطائفي الحاقد أن السيدة خديجة هي أم الزهراء البتول رضي الله عنها، واللافت بتلك اليد المسمومة أنها ارتكبت تلك الفعلة مع هتاف يا زهراء! يا لها من مفارقة الزمن الرديء الذي جاء به الأمريكيون والإيرانيون.
هل عرف هؤلاء القتلة بأن السيدة خديجة الكبرى التي آمنت بالرسول الكريم يوم أن كذبته قريش، وعاش تحت كنفها الأمام علي كرم الله وجهه؟ وأنها ليست ناصبية كما يلقون بتهمهم الجهلاء يمينا وشمالا من دون علم اتباعا لشياطينهم في طهران وقم، أم أنهم مخدرون بالترياك الإيراني والفتاوى الظلامية التي تسلبهم عقولهم وتعمي أبصارهم.
العراق يعيش محنة وظرفا عصيبا، ومن بيده البندقية يمضي في طريق الغي والضلالة فيقتل من دون أن ينظر ما قدم لغد، يوم تسلب منه البندقية ولن يجد له من فئة تنصره لأنه لم يترك له صديقا للطريق، من حقنا أن نسأل أليس في هؤلاء رجل رشيد يردهم عن طريقهم الذي مضوا فيه وهو طريق لا توبة فيه لمن لم يتب قبل فوات الأوان.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *