الحملة الكاظمية في نزع الأسلحة العشائرية

الحملة الكاظمية في نزع الأسلحة العشائرية
آخر تحديث:

بقلم:علي الكاش

من البنود الرئيسة التي جاءت في خطة حكومة مصطفى الكاظمي السيطرة على السلاح المنفلت علاوة على الإنتخابات المبكرة واستعادةهيبة الدولة، واسيادة العراق،، ويلاحظ انه في جميع التصريحات التي أدلى الكاظمي بدلوه فيها تضمنات فقرة نزع السلاح المنفلت، حتى أنها صارت أشبه بالإسطوانة المشروخة، ونزع سلاح العشائر كانت الخطوة الأولى لنزع السلاح المنفلت عموما كما تسميها الحكومة، وبعد المعركة الأخيرة التي حصلت في منطقة الحسينية وهي في أطراف العاصمة بغداد وأستخدمت فيها قاذفات ( الآر بي جي 7) وقنابر الهاون، والأسلحة المتوسطة، علاوة على المصادمات العشائرية المتكرة في المحافظات الجنوبية سيما البصرة، أوجبت على الكاظمي أن يضع حدا لتجاوز العشائر على القانون، وخرجت الينا تسمية جديدة وهي (هيبة الدولة)، وهي عبارة تثير السخرية، لأنه اصلا لا توجد دولة في العراق، فكيف يكون لها هيبة، وكيف تضيع ليستردها رئيس الوزراء، لدينا سلطة حاكمة وليس دولة، وهذه السلطة فاسدة من الرأس الى القدم. لأن هيبة الدولة تقتضي السيادة اولا، وشعب يحترم ويحافظ على سيادة بلده، ودول خارجية تحترمها، فهل توجد سيادة في العراق؟

الجواب: لا توجد سيادة في العراق، فالقوات التركية مثلا موجودة في شمال العراق، والمعارضة التركية موجودة في شمال العراق أيضا، الحرس الثوري الايراني موجود في العراق، ومعارضه الحزب الديمقراطي الايراني موجود أيضا في العراق، وحزب الله اللبناني موجود في العراق، وأقليم كردستان لا يحترم الحكومة الإتحادية ولا يلتزم بقراراتها، ورئيس الوزراء ليس له اية سلطة في إقليم كردستان، والجنوب مستقل وتديرة الميليشيات والمافيات العشائرية، وهو يزخر بتجارة المخدرات، والمنافذ البرية والبحرية والجوية بيد الميليشيات والعشائر المتضامنة معها، والقواعد الامريكية مستقلة عن قرارات الحكومة العراقية، وتقابلها قوعد ايرانية في جرف الصخر وديالى وصلاح الدين، لم يجرأ اي رئيس وزراء على دخولها، والولايات المتحدة ونظام الملالي يتخذان من العراق ساحة حرب، فعن أية هيبة يتحدث رئيس الوزراء؟ اصلا رئيس الوزراء لا هيبة له، عندما حاصر حزب الله العراقي المنطقة الخضراء وداهم مقر مكافحة الأرهاب، واستنجد الكاظمي بالعميل الايراني المجرم نوري المالكي لإنقاذه، وامرحزب الله الكاظمي ان يخلي سبيل (12) عنصرا من عناصر الحزب تم القبض عليهم من قبل قوات مكافحة الارهاب، وكانوا متلبسين بجريمة إطلاق قذائف الكاتيوشا على المنطقة الخضراء التي تضم العديد من السفارات الأجنبية، وخرجت العناصر من السجن وهم يدوسون على صور قائدهم (القائد العام للقوات المسلحة) بالأحذية، لذا على رئيس الوزراء أولا أن يسترد هيبته، وبعدها يفكر بإعادة هيبة الدولة.

المهم بدأت الحملة الحكومية بنزع سلاح العشائر في محافظة بغداد والبصرة، واستعرضت القوات الحكومية عضلاتها في الشوارع بنفس الطريقة التي فعلها حزب الله العراقي عندما داهم المنطقة الخضراء، وصاحب الحملة العسكرية حملة إعلامية قوية لا تتناسب مع نتائج الحملة العسكرية، فالقوات التي شاركت في الحملة كانت من وزارة الدفاع والداخلية وقوى الأمن الداخلي والحشد الشعبي، ومشاركة الحشد الشعبي تعني فشل الحملة لأنهم أبناء العشائر المتناحرة خصوصا في الجنوب، مع هذا كانت حصيلة الحملة في العاصمة والجنوب مهزلة ما بعدها مهزلة، فقد تمخض الجبل فولدا فأرا، عُثر على عدد قليل من البنادق الخفيفة (15) و(2) قذيفة هاون، وبندقة صيد، (3) رمانات يدوية ، وعدد من المسدسات. أي لا هاونات ولا رشاشات رباعية ولا رشاشات متوسطة (بي كي سي) ولا مدافع 106، علما ان الأسلحة الخفيفة التي عثر عليها يجوز الإحتفاظ بها من قبل المواطنين وفقا للقوانين العراقية بإعتبارها سلاح شخصي. كانت حملة يمكن ان نوجزها بعبارة واحدة (حملة الخائبين)، اما حصيلة القبض على المجرمين فلم تكن أقل خيبة من خيبة السلاح فقد تم القبض على عدد من المجرمين لا يتجاوز عددهم العشرة، أكثرهم متهم بجرائم جنائية وليست ارهابية. أما اسباب فشل الحملة فيمكن إجمالها بما يلي:

ـ قبل التحرك للقيام بعملية عسكرية لا بد من تحقيق الكتمان والسرية وعدم اعلان موعد العملية إلا قبل ساعات من تنفيذها، وطالما ان ولاء بعض عناصر القوات الأمنية والحشد الشعبي لعشائرهم أكبر من ولائهم للكاظمي فسرعان ما تسرب الخبر للعشائر فأخفت اسلحتها، وهناك مئات الطرق التي لا تخطر على البال لإخفائها منها دفنها في أماكن مختلفة.

ـ قامت القوات الحكومية بإستعراض عسكري في الشوارع وقبل توجهها الى مناطق العشائر، مما أفقد هذه القوات عنصر المباغتة، ولا يمكن فهم كيف تقوم قوات بعملية عسكرية وتعلن عنها قبل القيام بها! هل هو الجهل والحماقة، ام التواطؤ مع العشائر واعطائهم الفرصة لإخفاء الأسلحة.

ـ ان مشاركة الحشد الشعبي في العملية يعني فشلها مقدما، فالعشائر في الجنوب كل منها موالية لإحدى الميليشيات الحاكمة وتسيطر على المنافذ البرية والبجرية بالتنسيق مع تلك الميليشيات، وأفراد العشائر منظمون الى تلك الاحزاب، لذا لا يمكن ضمان ولاء عناصر الحشد للحكومة، ولائهم لعشائرهم فهم مستفيدون ماديا من المنافذ الحدودية.

ـ ان الأسلحة التي تتقاتل بها العشائر هي أسلحة حكومية، فالقوات الأمنية وعناصر الحشد عند الصراعات العشائرية يقاتلون مع عشائرهم بأسلحة الحكومة، وهذا يفسر عدم العثور على أسلحة لدى العشائر خلال المداهمة. سلاح العشائر هو نفسه سلاح القوات الأمنية والحشد الشعبي.

ـ من الأمور التي تثير العجب ان يوكل القائد العام للقوات المسلحة قيادة الحملة في البصرة ـ معقل الميليشيات والمافيات والعشائر المنفلتة ـ الى قائد ميليشياوي من منظمة بدر الارهابية (ابو محمود البدران) وهو من صباط الدمج، ولا علاقة لها بالجانب العسكري.

ـ هناك علامة تثير العجب في حملة البصرة، تدل على ان الحملة كانت موجهة ضد العشائر السنية فقط، فقد تمت العمليات العسكرية لنزع الأسلحة في قضائي (الزبير وابو الخصيب) ذات الأغلبية السنية، واستبعدت الاقضبة والنواحي ذات الأغلبية الشيعية في مناطق الهارثة والحيانية وكرمة علي والقرنة والدير، وهي المناطق التي تقطنها العشائر المتناحرة وتتحول الى ساحات حرب. فما يعني هذا يا رئيس الوزراء؟ الزبير وابو الخصيب لم يشهدا معارك عشائرية فلماذا تمت مداهمتهما.

ـ كانت الحملة الاعلامية التي رافقت عمليات المداهمة مبالغا فيها ولا تتناسب مع حجم العمليات ولا النتائج التي أسفرت عنها، فقد تناقلت وسائل الاعلام لقاءات رئيس الوزراء المكثفة مع القادة الأمنين قبل الحملة، وقدمت انطباعا بأن العملية كبيرة وتبين العكس تماما. ان المبالغة في أي شيء قد يعطي انطباعا سلبيا. سبق ان ذكر قائد قوات البصرة ان الأسلحة في البصرة كافية لتسليح فرقتين عسكريتين، وقدر خبراء أمنيون ان في العراق (2) مليون قطعة سلاح، فهل تبخرت هذه الأسلحة؟

ـ من الطريف انه تزامنا مع حملة نزع السلاح أطلق حزب الله العراقي ثلاثة صواريخ كاتيوشا على مطار بغداد الدولي تسببت عن خسائر بشرية ومادية، ربما تهكما بحملة الكاظمي، والأطرف منه ان الكاظمي طلب من الجهات الأمنية فتح تحقيق لمعرفة مصدرها ومن أطلقها!

يا كاظمي نحن في اوربا ونعرف من اطلقها وانت في بغداد ورئيس سابق لجهاز المخابرات ورئيس حالي لمجلس الوزراء ولا تعرف من أطلقها؟ انها كتائب حزب الله العراقي التي حاصرتك في المنطقة الخضراء، وداس عناصرها بأحذيتهم على صورتك، فلا تستهين بعقولنا، ان كنت غافلا فنحن غير غافلين، بل نجزم بأنك غير غافل يا كاظمي، فأنت سيد العارفين، ولكنك تكظم الحقيقة عن نفسك وليس علينا، لا تدور في حلقة مفرغة فالوقت ليس في صالحك، واعرف ان مصدر قوتك الرئيس هو الشعب العراقي وثوار تشرين الغيارى، إستعن بهم على الميليشيات الولائية وتوكل على الله، وأبدأ بكتائب حزب الله ، فهوي الصدع الرئيس في جدار حكومتك يا كاظمي فأما تعالجه اليوم أو سيطيح غدا على رأسك ورأس حكومتك، ولات ساعة ندم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *