حرية التظاهر والاحتجاج واختطاف العقل المدني

حرية التظاهر والاحتجاج واختطاف العقل المدني
آخر تحديث:

د.عامر صالح

في بلد اخذت تعلو فيه فوهات البنادق على الكلمات أقدمت مجموعة من خفافيش الظلام المليشياوية في فجر يوم الأثنين بتاريخ 2017 ـ 5ـ 8 على اختطاف سبعة من الناشطين المدنيين في الاحتجاجات السلمية من وسط العاصمة بغداد في منطقة البتاوين, والناشطون هم: احمد نعيم رويعي, حيدر ناشي حسن, علي حسين شناوة, سامر عامر موسى, عبد الله لطيف فرج, زيد يحيى وحمزة العراقي. وقد ارتكب الظلامين والمتلبسين في الثقافة الداعشية في تصفية الحرث والنسل على اختطاف النشطاء السلميين في سيناريو أقل ما يقال عنه سيناريو جبان وقد نفذ من من قبل مجموعة من المتشبهين بالرجال بحق نشطاء من اجل عراق ديمقراطي يخلو من الأرهاب والطائفية الكريهة والمحاصصة الأثنية والمذهبية المريضة والرعناء ذات الأصول الدموية الغارقة في الفساد الأداري والمالي والأخلاقي, ومتخذة من الطائفة والمذهب والعرق شماعة لأرتكاب جرائم بحق الشعب العراقي وبحق الانسانية جمعاء !!!.

لقد اكدت هذه المجاميع الظلامية المسلحة ومن يقف من ورائها سياسيا وعبر تكرار حالات الاختطاف والتهديد والقتل او الفصل من مقاعد الدراسة الجامعية, ان هذه الجماعات السياسية المليشياوية ضد الاحتجاجات والتظاهر السلمي, وبالتالي فهي ضد الدستور الذي كفل حق التظاهر والاحتجاج وضد توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين والنشطاء المدنيين, وانهم ضد كل اشكال التعبير السلمي عن اراء الشعب ومطالبه المشروعة, وانهم ضد الممارسة الديمقراطية وحقوق الانسان الاساسية التي يجب دعمها بكل الوسائل السلمية والقانونية, كما وانهم ضد حق الافراد والجماعات في التظاهر سلميا من اجل حل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المشتركة, كما ان من يقف سياسيا وراء عمليات الاختطاف هو ضد اي عمليات تغير مرتقبة في مسارات العملية السياسية نحو الافضل, وبما ان التظاهرات والاحتجاجات السلمية هي استفتاء يومي لضعف الاداء الحكومي فان اختطاف رموز التظاهر والاحتجاج هو دليل صارخ على رفض التغير.

ان هذا التراكم السيئ في الاحداث يطال الشك فيه الى مصداقية محاربة داعش عسكريا في مناطق تواجدها عندما لا يقترن ذلك بثقافة احترام الرأي والرأي الآخر في المناطق التي تتواجد فيها سلطة الدولة الاتحادية وبغداد بشكل خاص, لأن محاربة داعش عسكريا يجب ان يتزامن ويقترن حثيثا في القضاء على ثقافة داعش وأمتدادتها في كل التراب العراقي, تلك الثقافة الوسخة التي يجسدها العقل السيكوباتي المريض في وسط العراق وجنوبه وشماله, والتي تدعي أحتكار الحقيقة عبر تسويف المذهب والطائفة والعرق وتوظيفه لمصلحة تفكيك النسيج الاجتماعي واشاعة ثقافة التصفيات الجسدية والنفسية وخلق الفوضى المدمرة, وهي ثقافة داعشية تسعى داعش لإشاعتها في مناطق تواجدها عسكريا !!!.

لقد أقدم هؤلاء الجبناء والمستأسدين بالسلاح على أختطاف النشطاء المدنيين السبعة ليؤكدوا لنا أن داعش موجودة في كل حتة عراقية وفي كل زمان وبأمكانهم أن يستنسخوا داعش اخرى ذات مواصفات ثقافية وسلوكية تخريبية لاتقل ابدا في جرمها وصلافتها عن داعش الرسمية والمعروفة لدى الغرب والشرق, فالداعشية سلوك إجرامي وهو أرهاب منزوع الصلة بدين أو مذهب بعينه, وبأمكانك ان تكون داعشيا عندما لا تحترم حرية التعبير والصحافة والاحتجاج والتظاهر والرأي الآخر !!!.

لقد اكدت الاحداث بما لا يقبل الشك ان هذه المجاميع المسلحة المرتزقة هي مجاميع معروفة وليست مبهمة ودون اصول سياسية طائفية, بل تدخل كما دخلت سابقا على خط التفاوض مع الحكومة في العديد من حالات الاختطاف والقتل, ولهذه المجاميع سجونها الخاصة وامكنة للاعتقال والتعذيب ولها قضائها الخاص واحكامها الشرعية كما ترى, وهي معروفة ضمنا لدى الوسط السياسي الرسمي, كما هي معرفة داعش العلنية, ولهذه المجاميع المسلحة مناطق نفوذ في بغداد وتقتسمه جغروطائفيا !!!.

ان حرية التظاهر والاحتجاج السلمي تشكل ركنا من أركان الدولة المدنية والديمقراطية وقد تكرست هذه الحرية في جميع المواثيق الدولية, والعراقية ايضا من خلال الدستور, وبالتالي فأن الأقدام على اختطاف النشطاء المدنيين السبعة هو جريمة أسوة بجرائم اختطاف وقتل الصحفين التي ارتكبت سابقا في العراق, وهي جرائم ضد الأنسانية وتهدد النظام السياسي الوطني ومصداقيته في الحفاظ على أرواح المواطنين المحتجين سلميا على تردي الاوضاع المعيشية والسياسية بشكل خاص !!!.

ان ما قام به النشطاء السبعة المختطفين اسوة بكل المتظاهرين والمحتجين سلميا منسجمة مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان في حرية النقد والتعبير وحق التجمع والتظاهر وابداء الرأي المغاير, كما كانت نشاطاتهم منسجمة مع روح الدستور العراقي ونصوصه الصريحة في احترام حرية الرأي والتظاهر والتجمع, فلم يكن هؤلاء الشباب المختطفين دعاة حرب او فتنة طائفية او مذهبية او كراهية وطنية وقومية, أنهم دعاة سلام وتغير بوسائل حضارية وبحق مشروع !!!.

فلتتظافر كل الجهود الوطنية المخلصة, من أجهزة أمنية وأستخباراتية ومنظمات أنسانية عالمية ووطنية ومنظمات مجتمع مدني عراقية من اجل النضال لأطلاق صراح المختطفين النشطاء المدنيين السبعة ومعرفة مصيرهم وانزال اقصى العقوبة بالجناة المجرمين حثالى المجتمع وأعداء حرية التعبير والأمن المجتمعي !!!.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *