قواعد الرواية

قواعد الرواية
آخر تحديث:

ياسين النصير

كان سؤالي هو:هل نحتاج لقواعد ما لكتابة الرواية؟،أم ان كتابة الرواية- تنتعش الآن في العراق بشكل يحتاج إلى دراسة نقدية سوسيولوجية ومعرفية- لا تحتاج إلى قواعد تخص نوعيتها وصنفها وتوجهها وأسلوبها؟. كان هذا السؤال مدار بحث عميق في الدراسات التي نقرأها عن الرواية العالمية، سواء أكانت تأريخية، أم نفسية، أم اجتماعية، أم شخصية، أم سيرية، أم مكانية، وفيما إذا كانت تقليديَّة البناء، أم تجريبيّة، قديمة الأسلوب أم حديثة، اجتماعية التوجهات أم فردية محصورة بفئة أو جماعة.لا شك، سنصاب بالدوران إذا عددنا صنوف الرواية وميادينها والاشتغال عليها. ولكن لابدّ من فهم واضح في القواعد العامة عندما نكتب رواية ما. فالقواعد ومنذ أن وضع ديكارت المنهج لفهم أي شيء، أصبحت الأسس المنهجية  شروطا عالمية للكتابة الإبداعية، شأنها شأن أية صناعة من ضبط موادها، كما يقول نقادنا العرب الأوائل عن الأدب من أنَّه صناعة، إنَّ معرفة النسب القواعدية  لبنائها هي حقيقة منهجية، وتخطيط لبناء كيان سيتكلم، حيث تصبح الرواية أو النص منبنيًا على أسس يمكن التعرّف على جنس الرواية منها. وحتى الرواية التجريبية، التي تبدو سهلة مثل ما استسهل البعض قصيدة النثر، لا تبنى دون قواعد فهم الفوضى المنهجية، إن لم تكن الرواية التجريبية أصعب. فالرواية ليست أن تضع حدثا وشخصية وتتلبسهما أناك، لتصبح أنت في كل تفاصيلها، ثم تسعى إلى إضافات من هوامش الفكرة المحورية، شيئا ومن توسعة في بيت النص وغرفه أشياء، وإضافة شخصيات قد تزوجت حديثًا أو دخلت بفعل العمل والقرابة أو بفعل الصدف كما يفرضه مسار الحدث، ليصبح الناتج لرواية، ورواية بفصول وبأسس سردية متعددة الضمائر أو متعددة الأصوات، فالأمر لا يحتاج في حالة الكتاب المتسرعين إلى القواعد.في السياق ذاته، قامت الرواية العراقية المتميزة، وتقوم على فهم جيد بأصول اللّعبة الفنيّة، حيث بدت في أفضل نماذجها- دون ذكر الروايات وأسماء كتابها الجيدين خشية من نسيان أحد- أقول إنَّ الرواية العراقية تمتلك أرضية فنيّة قائمة على قواعد نوعها بدقة. وهذه ميزة جعلتها تبرز بين الروايات العربية، وفي السبعينيات والثمانينيات كانت القصيدة العراقية متميزة أيضًا، لأنَّها منضبطة الفن والقواعد، وإلى جوارها كانت القصة القصيرة والمسرحية العراقية التي أسست رؤية ثقافية للعراق في المهرجانات والدراسة الأكاديمية.نقول ان معرفة القواعد ليست انتقاصًا من جهد، بل دفع الإنتاج الروائي باتجاه أن تكون لنا رواية عالمية على أرض شهدت وتشهد خلقا وإنتاجا للكثير من ثقافات العالم ومؤسساته الأنثرويولوجية والمثيولوجية، والأسطورية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *