كتاب عن نهب آثار العراق يثير الشجون والتساؤلات

كتاب عن نهب آثار العراق يثير الشجون والتساؤلات
آخر تحديث:

حــازم مــبــيــضــيــن

يثير الكتاب الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت تحت عنوان “الكارثة : نهب آثار العراق وتدميرها” الكثير من التداعيات عن الحدث الذي يعتبره الكثيرون الأبرز في المجال الثقافي بعد إسقاط نظام البعث وصدام حسين، جاء الكتاب في قسمين، أولهما ترجمة لكتاب عن المعهد الشرقي للآثار في شيكاغو من أعداد جيف امبرلينغ وكاثرين هانسن، وتزامن إصداره مع معرض عالمي جوال يحمل ذات

ويضم 7 فصول لاكاديميين أميركيين مختصين بالشأن الآثاري العراقي، والثاني يضم 7 فصول لباحثين وكتاب عراقيين تحاول متابعة واستكمال الجهد المهم للكتاب الاصلي، والكتاب وثيقة تغطي الأبعاد الكارثية على الحقل الآثاري جراء الحصار الأممي التسعيني على العراق وبالأخص المتعلق منه بالنبش المتفاقم للمواقع الاثارية في أمهات الحواضر السومرية من قبل لصوص الآثار المحليين وبالتعاون مع المهربين الدوليين، ويفصّل لواقعة نهب متحف العراق الوطني إبان دخول القوات الغازية بغداد في نيسان2003 ويتناول النتائج الخطيرة المترتبة على عسكرة القوات المحتلة في أمهات الحواضر العراقية القديمة ويبحث ما يحصل من تداول دولي غير شرعي بالعاديات العراقية المسروقة والمهربة والتي تفتقر لشهادات تنقيب وملكية وتصدير صريحة، ليصل إلى نتيجة مفادها بأن ما حصل لم يكن مجرد سرقات ونهب عشوائي لمواقع أثرية ومتاحف، وإنما كان تدميراً مبرمجاً يستهدف جذور العمق الحضاري الذي تفرد به العراق تاريخياً، ليسهل محو ذاكرته بتفتيت هوية أبنائه وتهشيم صورتِه

معروف أنه على مدى سبعة آلاف سنة تأسست على أرض الرافدين حضارات كبرى كالسومرية والآشورية والبابلية، غير أن عمليات النهب للعراق طالت هذه الآثار وكأنهم يصرون على تجريد هذا البلد من كل مقوماته الاقتصادية حتى السياحية منها، فقد تعرض المتحف العراقي في بغداد لعمليات نهب وسرقة لمدة يومين عندما دخلت القوات الأميركية بغداد فهرب حُراسه وتُرك المتحف مفتوحاً على مصراعيه للسُراق يعيثون فيه فساداً.

وكان من دخل قاعات المتحف أو مخازنه، الأكثر دقة فقد توفرت لديهم معلومات دقيقة عن الأماكن التي دخلوها، وعلى دراية جيدة بالآثار واختفت أكثر من (13864) قطعة أثرية من المتحف العراقي،  منها الإناء النذري لا يقدر بثمن إضافة إلى أهميته الفنية ووجه الفتاة السومرية من الوركاء، وعاجيات القرن الثامن قبل الميلاد ومنها قطعة عاجية نفيسة مطعمة بالأحجار الكريمة ، عبارة عن  لبوة تُهاجمُ رجلاً نوبيا، وهي صغيرة الحجم لا يتعدى حجمها كف اليد ، لكنها كنـز نفيس، إضافة إلى وجه لفتاة من العاج أو ما يسمى بين الآثاريين  بموناليزا نمرود وهي تسمية أطلقها عليها المنقب ملوان.

إضافة إلى تمثال برونزي ثقيل الوزن أخفاه سارقه في مكان القاذورات، وقد أعيدت مجموعة من القطع الفنية ومنها وجه الفتاة السومرية وإناء الوركاء والتمثال البرونزي وبعض الأختام الأسطوانية. وهكذا سُجّلت أكبر سرقةَ لمتحفِ في التاريخ.

ومع الحديث عن سرقة الآثار العراقية خلال احتلال بغداد لابد من الإشارة إلى السرقة التي تمت عام “1999” ، حيث تمت سرقة المتحف أثناء إعادة عرض مقتنياته في القاعات حسب ترتيبها الزمني حيث اختفت قطعة نادرة ، هي زوج من الأقراط عثر عليهما في المقبرة الملكية في أور ويعود تاريخها إلى عصر فجر السلالات الأول، علماً بأن عدداً محدوداً ومعروفاً من مسؤولي المتحف وموظفيه هم المسؤولون عن مهمة عرض المقتنيات ولا يستطيع أحد غيرهم وغير مسؤولي أمن المتحف التدخل في الأمر، وانتهت التحقيقات إلى عدم تحديد السراق، وسجلت القضايا كلها ضد مجهولين.

   إن جريمة سرقة المتحف العراقي هي بحق من أبشع الجرائم الإرهابية التي ارتكبت بحق حضارة العراق القديم منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى فترات متأخرة، نعرف تقصير القوات المحتلة للعراق في توفير الحماية للمتحف باعتبارها الجهة المسؤولة، لكن علينا أن نعترف بمسؤوليتنا أيضا حيث كان الواجب يملي علينا حراسة تاريخنا ومنع سرقته على يد اللصوص وتجار الآثار ومنع هذا الخراب المنظم بدل قيام بعض ضعاف النفوس بدور الأدلاء لهؤلاء اللصوص.

المؤسف اليوم أن الآثار العراقية ما زالت تتعرض للتدمير والسرقة من قبل سراق الآثار والمرتبطين بعصابات دولية، وهي تتم اليوم بسرقة ونبش المواقع الأثرية العراقية وتعد عمليات السرقة هذه من أخطر الأنواع فهي حتى أخطر من سرقة المتحف العراقي، لكون الآثار في هذه المواقع غير مسجلة مما يجعل من الصعوبة بمكان تتبعها بقصد إعادتها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *