ابتسامة فرانكلين للعراقيين

ابتسامة فرانكلين للعراقيين
آخر تحديث:

بقلم: سمير داود حنوش

ينظر العراقيون إلى صورة الرئيس الأميركي بنجامين فرانكلين المطبوعة على عملة المئة دولار وهو يبتسم بوجهه الهادئ وكأنه يوحي لهم ساخرا ويقول “أينما تولوا وجوهكم فمصيركم عائدٌ لي”.تعويذة الدولار التي أصبحت منقذا لفك طلاسم العراقيين الحياتية والمعيشية حين لم يجدوا سوى عقد هدنة واستسلام معه أو حتى تصالح لكي تستمر حياتهم.يبدو أن الشروط الأميركية التي فرضها البنك الفيدرالي الأميركي وتمت مناقشتها في تركيا وإلزام العراق بها في واشنطن ضمن الوفد الذي زارها واتفق على بنودها، قد جعلت من محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي يخرج عن تردّده ومجاملته لقوى الإطار التنسيقي ويضعهم أمام الأمر الواقع، وهو ضرورة التخلي عن محاباة الإيرانيين وتفضيلهم على حساب الاقتصاد العراقي، ووقف عمليات تهريب الدولار إلى الجارة كما تُشير بعض المصادر. السوداني الذي ظل صامتاً ومُحرَجاً منذ توليه السلطة في العراق بين انحياز الإطار الذي شكّل حكومته إلى ولاية الفقيه، وبين الضغط الأميركي وتحذيرات السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي من نهاية الحكومة، في سيناريو مشابه لحكومة سلفه عادل عبدالمهدي التي انتهت بخسارة أكثر من 800 قتيل وآلاف الجرحى والمعاقين قد جعلته يُدرك الرسالة الأميركية لمن الغلبة والتفوق وإعادة النظر بالسياسات المالية، مما جعل العراق الرئة الاقتصادية التي تتنفس من خلالها إيران المنهارة اقتصاديا.ما تسرّب من بعض المصادر عن فتح مكتب فيدرالي أميركي في عمّان لمراقبة حركة الأموال العراقية في ذهابها وإيابها، مما يعني وجود رقابة مالية صارمة أصبحت هي البوابة التي تمر من خلالها الأموال العراقية عن طريق منصة ووثائق مصدّقة وليست مزورة كما كانت في السابق.وبحسب المصادر فإن السوداني قد وجه اللوم لقادة الإطار بأن الوقت قد فات للعودة إلى المربع الأول في استمرار تهريب الأموال، وحان موعد إدراك أن المراوغة والتحايل على قرارات واشنطن ربما تُهدد النظام السياسي في العراق.مباحثات الوفد العراقي في واشنطن تعني أن أيام الزمن الجميل في تحميل العربات المصفحة بالدولار إلى خارج الحدود قد انتهت وحان وقت الحساب.أول الغيث قطرة من توقيع العراق مذكرة التفاهم مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية لتطوير قطاع الكهرباء المتهالك في العراق بحضور السفيرة الأميركية رومانوسكي الراعي الرسمي لهذه المبادرة، مما يعني الاستسلام لأول هذه الشروط الأميركية وذلك قبل توجه السوداني إلى ألمانيا لحضور مؤتمر الأمن.ما يخشاه الإطاريون هو أن تتجاوز أميركا حدود تقنين الدولار إلى خارج العراق بشروط أكبر وأوسع ربما تصل لأغراض سياسية تمس الأمن الوطني للبلد، واشنطن لا تخفي رغبتها في تحييد الحشد الشعبي ونزع سلاحه، كذلك الرغبة بوجود علاقات طبيعية مع إسرائيل ربما يُساهم الضغط بسلاح الدولار على العراق بتغيير سياساته الخارجية.دعوة العراق إلى الإسراع بإكمال ربط خطوط المد الكهربائي مع الخليج العربي، وكذلك عبر الأردن، وعدم الاعتماد على الغاز الإيراني المورّد لتجهيز محطات الكهرباء العراقية، هي الخطوة الثانية التي تسعى لها واشنطن مع ضرورة إكمال مد أنبوب البصرة – العقبة النفطي الذي تراه أميركا حلاً لمشاكل الأردن الاقتصادية.بالمحصلة ستكون وفرة الدولار في الخزانة العراقية رهنا بالمواقف السياسية لأصحاب هذه الخزنة، إن استجابوا للشروط توفر لهم النقد، وإن خالفوا فمصير اقتصادهم الانهيار ودينارهم إلى التهاوي.صورة فرانكلين المبتسمة توحي للعراقيين بالقول “إياكم وغضبي.. فمصيركم بين يدي” عسى أن تفهموا هذه الرسالة من هذه الابتسامة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *