إسلاميو السلطة (114) خبراء مقتدى الصدر

 إسلاميو السلطة (114) خبراء مقتدى الصدر
آخر تحديث:

 

 

 سليم الحسني 

في خطابه الذي حمل مشروع الإصلاح، جاءت المفاجأة كبيرة على لسان السيد مقتدى الصدر، فقد أكد في خطابه أكثر من مرة أنه لا يوجهه للسياسيين، وإنما يوجهه للتيار الصدري وللشعب العراقي. وكان يقصد بالسياسيين المسؤولين الحكوميين. وهنا تأتي المفاجأة، فكل فقرات المشروع الذي طرحه كان يتعلق باجراءات عامة لا يستطيع الشعب العراقي تنفيذ واحدة منها على الاطلاق، إنما هي من اختصاص السلطات التنفيذية والتشريعة والقضائية. 

لقد دعا السيد الصدر مثلاً الى تشكيل لجان متخصصة للتحقيق في صفقات السلاح ومحاسبة المتورطين في فسادها، ومحاسبتهم واحالتهم الى القضاء، والتدقيق في العقود الحكومية، واحالة المتورطين في سقوط الموصل وجريمة سبايكر الى المحاكم، ودمج قوات الحشد الشعبي في القوات الأمنية، وتشكيل مجلس إعمار وتعيين قضاة يتمتعون بالنزاهة وغير ذلك من المقترحات العامة التي لا يستطيع الشعب أن يخطو فيها خطوة واحدة، فما هي سلطة الشعب حتى يعزل ويحاكم ويدقق العقود ويصدر القرارات ويرشح القادة العسكريين ويصوت عليهم ويُقصي القضاة ويُعين غيرهم؟ّ! 

والأكثر من ذلك أن السيد مقتدى الصدر يحدد فترات زمنية، فقد حدد فترة 45 يوماً لتنفيذه، وحدد فترة أخرى لمراقبة رئيس الوزراء في تحقيقه مداها سنة واحدة، وإلا فانه سيتم سحب الثقة منه في البرلمان، فهل هذه من مهام الشعب، أم من مهام الحكومة والبرلمان؟!…

 

وما يلفت النظر أكثر، أن السيد مقتدى الصدر أهمل في خطابه تماماً الإصلاح الداخلي في التيار الصدري، بل أنه اعتبر ان الإصلاح في التيار الصدري قد تحقق، كما جاء في خطابه، لكن المواطن العراقي لم يشهد محاسبة جادة لمسؤول واحد من مسؤولي التيار في الحكومة والبرلمان، رغم الثراء الفاحش الذي جاءهم على عجل، فمن فقراء يكدون على عيشهم اليومي الى رجال أعمال وكبار الأثرياء بعد فترة وجيزة من توليهم المناصب الحكومية والبرلمانية، فهل غابت هذه الحقيقة عن السيد مقتدى الصدر؟ أم أنه يريد الإصلاح شريطة أن لا يشمل المقربين منه من مسؤولي تياره؟….

 

ونقف مع خطاب السيد مقتدى الصدر في عمومياته المفرطة، وهي مما يستطيع أي مواطن ان يتحدث بها، فهل هناك في أبناء الشعب العراقي من يرفض الإصلاح ومحاربة الفساد والاستعانة بالخبرات والكفاءات؟، حتى يوجه السيد خطابه للشعب العراقي، ويخصه بهذه الفقرات كما جاء في خطابه؟

 إن السيد مقتدى الصدر، ظهر على شاشة التلفزيون، يقرأ خطاباً يرشد فيه الشعب وتياره الى أمنيات جميلة تسبح في الهواء، فيما كان المتوقع أن يتخذ خطوات جادة لكشف المفسدين في تياره، وهم معروفين باسمائهم ويشكو الناس منهم، مثل بهاء الأعرجي وحاكم الزاملي ومهند السعدي ومحسن عصفور الشمري وعلي التميمي ومحمد صاحب الدراجي وغيرهم بالعشرات والمئات من الذي دخلوا البرلمان والحكومة، فانقلب حالهم من البساطة في العيش الى الغرق في الثراء….

 

لقد وقع السيد مقتدى الصدر ضحية نصائح المغرضين المقربين منه، فلقد خدعوه بان هذا المشروع من وضع الخبراء والمختصين كما أشار في خطابه، بينما جاء عاماً يردده المواطن العراقي وهو جالس على رصيف الانتظار، او في مقهى المحلة يشكو مشاكله مع جلسائه، فهل هذا مستوى خبراء التيار الصدر والمختصين الذين يستعين بهم زعيم التيار الصدري؟ 

لا يختلف ما طرحه السيد مقتدى الصدر، عن العموميات المتكررة التي يتحدث بها السيد عمار الحكيم في خطاباته الأسبوعية، وهي لا تعدو أن تكون امنيات عائمة في الفضاء، لا مكان لها على الأرض، وهذا ما يعكس واقعنا السياسي، حين تغيب الثقافة السياسية والخبرة القيادية عن المتصدين في العملية السياسية، فيكون حال المواطن والوطن على النحو الذي نراه من تدهور وانحدار مستمر….

 

من حق المواطن العراقي وهو يسمع خطاب السيد مقتدى الصدر أن يتوجه اليه بأسئلة محددة:

 

ما الذي منع زعيم التيار الصدري من أختيار وزراء من ذوي الخبرات للمناصب الوزارية؟ بينما نراه جاء بوزراء تورطوا في الفساد، وساء أمر الوزارات والخدمات بهم؟

 

ما الذي دعا السيد مقتدى الصدر أن يختار أحد أفراد حمايته وهو علي التميمي ليتولى منصب محافظ بغداد، مع أن المفروض اختيار شخص متخصص في هذا المجال؟

 

واذا كان لديه خبراء فلماذا لم يوكل اليهم المناصب والوزارات؟ واذا لم يكن لديه فلماذا يضع خطة تنضح البساطة من كل فقراتها؟

 

وهل ان خبراءه هم الذين نصحوه بعدم الاعتراض على وزير الموارد المائية، بطرد اكثر من ستين مهندساً وموظفاً من ذوي الخبرة في مجالهم، وتعيين موظفين من التيار الصدري لا علاقة لهم بهذا المجال ومنحهم مواقع متقدمة في الوزارة؟…

 

نحن أمام مشكلة توضحت لنا أكثر، وهي أن زعيم التيار الصدري لا يعتمد على كفاءات وخبراء تتوفر فيهم المواصفات الحقيقية، إنما لديه معايير خاصة في التقييم، وهذا ما جعل أداء المسؤولين الذين يرشحهم للمناصب بالصورة التي حصلت من حيث الإخفاق والتورط في الفساد. 

كان المتوقع من السيد مقتدى الصدر، ان يخرج على الشعب العراقي الفقير، ليكشف عن فساد المسؤولين في تياره، ويطردهم من الارتباط به، وعند ذاك تأخذ العملية الإصلاحية خطواتها الفعلية، ويصبح بحق طالب الإصلاح ورجله الأول في العراق. أما مع ما سمعه المواطن، فبإمكان السيد أن يُكثر ما شاء من مشاريع وخطابات حاله في ذلك حال السيد عمار الحكيم والشيخ محمد اليعقوبي والسيد حيدر العبادي واسامة النجيفي وصالح المطلك وغيرهم.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *