المرجعيات الدينية وسط حرائق المالكي ….. غضبان عباس

المرجعيات الدينية وسط حرائق المالكي ….. غضبان عباس
آخر تحديث:

 

شبكة أخبار العراق /

اعتاد المالكي اشعال الحرائق، كما اعتاد الاخرون اخمادها، ولكل منهم اسبابه. رغم تعدد الازمات الا انها كانت تخضع لفلسفة واحدة: يفتعل المالكي ازمة عنيفة ومصيرية تجعل الاخرين، امام تهديدها، يقبلون بالحلول التي يريدها المالكي ذاته. تكررت هذه اللعبة مع خصومه السياسيين، ومؤسسات الدولة، مرورا بالجيش والشعب فالمرجعيات الدينية.

 

أخيرا، تسبب المالكي في خضوع اجزاء واسعة من العراق لسيطرة داعش. لامصلحة لأي طرف اقليمي او مكون وطني او قوة دولية فيما حصل، فداعش تنظيم ارهابي يتبنى عقيدة اقامة عالم جديد يتهدد النظام الدولي في كل مكان، ويبقى المالكي هو المتهم الاكبر ويكاد يكون الوحيد فيما جرى.

جعل المالكي شيعة العراق بعد وصول داعش الى مشارف بغداد امام تهديد مصيري حقيقي، فالتنظيم الارهابي المجرم لايكف عن وعيده في الانتقام الطائفي، وهو مادفع المرجعيات الشيعية الى مواجهة  امتحان عسير، فمرجعية النجف لاتريد ان تلعب دور الولي الفقيه وتركت للسياسيين، خلال السنوات الماضية، مساحة واسعة من الحرية في ادارة السياسة والدولة، الا ان انهيار المالكي ومؤسسته العسكرية والامنية كان يتطلب تدخلا بناء في حماية الارواح والممتلكات وردع التهديد، وهو ماجاء كتحصيل حاصل متوافقا مع الحل الذي يريده المالكي لتدارك الموقف المأزوم.

موقف المرجعية في الدعوة الى مواجهة الارهاب وحماية ارواح الابرياء المهددين لم يكن يخلو من الاحراج، فهو يبدو من جهة انتصارا للمالكي المهزوم والذي تعرض للنقد والاتهام بالفشل من قبل المرجعية خلال السنوات الاخيرة، كما بدى طائفيا لجهة ان ماحصل كان متضمنا لإنتفاضة شعبية ضد الظلم والاقصاء الذي مارسه المالكي ازاء  المكون السني من جهة اخرى.

في الازمات لايمكن النظر الى الامور من زاوية واحدة لتقييم صحة والاثار المترتبة على دعوة المرجعية لتطوع المدنيين، لكن المالكي نجح، سواء خطط لذلك ام لا، في اضعاف اشرس خصومه المحتملين، المرجعية، فقد افلح في ايجاد شريك جديد يتقاسم معه الفشلين السياسي والامني في المستقبل بل قد يحمل الشريك الجديد كل الفشل كما فعل مع كل شركائه السياسيين.

وجوه الفشل تبدو متحققة من الان، ولعدة اسباب :

1-   ان فشل المؤسسة العسكرية والامنية، مع تدريبها وتسليحها وتجهيزها وعديد عناصرها، في الصمود امام مجموعة صغيرة من تنظيم مسلح يجعل تكرار ذلك  مع المتطوعين  المدنيين غير المدربين عسكريا امرا اكثر احتمالا، وهل المخطط زج مليشيات مدربة تدخل بين جموع المتطوعين لاعطاءها صفة المتطوع بين هم مليشيات مقاتلة ومدربة!.

2-   ان الخسائر المترتبة على مثل هذه المواجهة وخاصة في الارواح ستكون كبيرة، وارتداداتها على الرأي العام ساخطة ومنذرة بالتفجر ضد المؤسستين الرسمية والدينية.

3-   ان عدم القدرة على استيعاب الاعداد الكبيرة من المتطوعين، واغلبهم من الشباب المحبط والعاطل عن العمل، والذين أملّوا في هذا الامر فرصة للإرتزاق سيتسبب في حنقهم وتفجر غضبهم وهو مابدى واضحا من الان.

4-   ان التعامل المرتبك مع هذه الحالة والمتمثل بمظاهر الانهيار والحرب والعسكرة القى بظلاله على السوق والقطاعات الاقتصادية حيث تصاعد الاسعار والغلاء وتراجع الثقة، وسيكون ذلك واحدا من اهم الاسباب لتنامي النقمة على سياسات المالكي ودعم المرجعيات.

5-   ولادة مؤسسة جديدة كرديف للمؤسسة العسكرية يخلق المزيد من الاستقطابات والصراع على النفوذ وزيادة بؤر التوتر بين المؤسسة الدينية والمؤسسات الرسمية الاخرى. 

 

هذه القراءة، التي ترى ان البلد حتى بخروجه من الازمة الحالية فانما يتجه الى ازمة اخرى، لاتقوم على التكهن فهي تسترشد بتجارب سابقة في اوضاع عالمية مماثلة، وقد تكون الظروف التي مر بها العراق خلال الحشد الشعبي فيما عرف بقادسية صدام ضد ايران او غزو الكويت هي الاقرب الى الواقع الحالي، وتسببت  في النهاية بجهد دولي واقليمي ومحلي لإسقاط النظام القائم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *