سراقنا يختلفون..!

سراقنا يختلفون..!
آخر تحديث:

 

 

علي علي 

“أعطني قليلا من الشرفاء، وأنا أحطم لك جيشا من اللصوص والمفسدين والعملاء”.

هي مقولة للفيلسوف السويسري جان جاك روسو. ولو قارنا بين الشعب السويسري والشعب العراقي، لن نجد فرقا من الناحية الفسلجية والتشريحية، فالإثنان يتنفسان الهواء، والإثنان (جعل الله لهما عينين وأذنين وشفتين، وهداهما النجدين) ولديهما سائر الأعضاء، ويشتركان في خصائص الإنسان الحياتية جميعها. فيما لو قارنا بين العراق وسويسرا كبلدين، لوجدنا فروقات شتى بين الإثنين، فسويسرا بلد لم يكن في حالة حرب منذ عام 1815م، وليس لديه (نفطات) ولا (تمرات) ولاعتبات ولاشيء من الثروات التي ينعم بها العراق. فمن أين يأتيه المفسدون والسارقون؟ وإن وجدوا شيئا يسرقونه فما خف حمله وزاد ثمنه، لايلبث أن ينفد بسرعة وينتفي حينها تواجدهم في البلد. هنا في عراقنا الحال مختلف تمام الاختلاف، فالخيرات تملأ كل شبر من أرضه، مافوقها وماتحتها، كذلك يكمن الاختلاف فيمن مسكوا زمام أمور البلد طيلة مدة مكوثهم على كراسي الحكم، فقد تناوبوا في تسيير أموره بين عميل وطامع وفاشي ودكتاتور، وبعد تداعي الفساد والمفسدين، وانتشارهم كالهشيم في النار في الفترة التي أعقبت انتهاء آخر نظام دموي حكم العراق عام 2003، هناك سؤال يطرح نفسه بكل ثقة وكبرياء؛ هل يستوجب وضع العراق وجود شخص مثل “روسو” يقضي على اللصوص والمفسدين والعملاء؟ هو سؤال أظن الإجابة عنه لاتصعب علينا نحن العراقيين، لاسيما وقد خبرنا ألاعيب المفسدين واللصوص، وتحايلاتهم على الأعراف والشرع والقوانين وكذلك الدستور، فهم يعرفون جيدا من أين تؤكل الكتف، ويجيدون فن السباحة بالماء العكر بمهارة منقطعة النظير.

إن صيحات المواطن العراقي التي يطالب فيها بحقوقه، قد يظن البعض أنها ستأتي أكلها خلال أيام قلائل، وسننعم بما ينعم به السويسريون في أحضان جبال الألب، لكن ولسوء طالع العراقيين أن الفروقات ليست بين البلدين والشعبين فحسب، بل هي بين اللصوص أيضا، فاللصوص الذين يقصدهم (روسو) هم أشبه بـ (حرامي الدجاج) ومعلوم عن حرامي الدجاج أنه لو تهيأت له فرصة لسرقة المليارات، تقابلها فرصة أخرى لسرقة (فروجة) فإنه يسرق الأخيرة من دون تردد ولايطمح بأكثر منها، وينأى عن المليارات فهي خارج نطاق أطماعه، أما اللصوص الذين يقتاتون على خيرات البلد وقوت الشعب العراقي اليوم، فإن لعابهم يسيل على كل ماتقع عليه أعينهم، ولايقفون عند ماخف حمله وزاد ثمنه فقط، فضلا عن كونهم يحتمون تحت مظلات عدة، أولها مظلة القانون، ثانيها مظلة التدين المزيف، وثالثها مظلة المحاباة والمنسوبية والمحسوبية، ورابعها مظلة انعدام الضمير والأخلاق والحياء، وهم بهذا يسجلون سبقا على سراق المعمورة في الإصرار على استحصال السحت بأية طريقة كانت ومن أي مصدر كان. ولاأظنهم يرعوون او يتعظون لظرف يمرون به او لحالة او تجربة تصادفهم، بدليل أن أغلبهم ممتعض من تحقيق إرادة الشعب التي استجاب لها القدر.

فعلى اولئك السراق القابعين على (خوانيگ) المواطن ان يعوا ان ألعوبتهم في فقرات القانون ومواده وبنوده ليست خافية على العراقيين، فبصيرتهم تفتحت من كم السرقات الهائل التي نفذها مسؤولوهم الأقربون فضلا عن الأبعدين، والذين تم انتقاؤهم واصطفاؤهم بوحدات قياس أخطأ المواطن في اعتمادها، حين وضع علامة (صح) أمام أسمائهم وقوائمهم في التجارب الانتخابية الثلاث الماضيات، وهو -المواطن- وصل الى يقين قاطع ان التكنوقراط هو وحدة القياس الأنسب التي على ضوئها يُنتقى الشخص المناسب، ويوضع في المكان المناسب، دون اعتماد الحزب والقائمة.. والدين والتدين.. والعشيرة والمنطقة.. مقياسا للاختيار والانتخاب.

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *