شرفة واحدة تكفينا … بقلم هادي جلو مرعي

شرفة واحدة تكفينا … بقلم هادي جلو مرعي
آخر تحديث:

يستعد مجموعة من الفنانين الكبار في المسرح العراقي ليعودوا ويبهجوننا بعرض مسرحي يحمل عنوان( الشرفة) للكاتب الفرنسي الشهير جان جينيه في المركز الثقافي الفرنسي في العاصمة بغداد. الأسماء التي تمثل في المسرحية ليست لفنانين وحسب، بل هم من أمهر المخرجين مع إن الرائع فلاح إبراهيم سيكون مخرجا للمسرحية، وسيكون فنانون رائعون أمثال ( عزيز خيون وعواطف نعيم وسمر محمد وفائزة جاسم والنجم الرائع محمد هاشم ) هم أبطال العمل بإمتياز وهم مخرجون أيضا، المهم بالنسبة لي أن لايدخل قاعة العرض المهرجون الذين عودونا على الفوضى وكرهونا بالمسرح، والمهم أن لايصعد منهم أحد على الخشبة لنشعر ببعض الدفء الذي إفتقدناه لسنوات بعد تسونامي التهريج المنظم، ومع إن قطار التهريج يكاد يكون إنطلق نهاية الثمانينيات بعد سنوات حافلة قدم فيها عمالقة المسرح العراقي أعمالا ذات قيمة عالية وبروح الإبداع العراقية بحماسة لاتنقطع أبهرت من تابع فنانينا في الداخل والخارج.
لم نعد نستطع دخول المسارح العراقية لأننا لانريد أن نتسلى بمهرجين يستعرضون أجسادهم كغانيات، ويدعون إنهم ممثلين، وهم ليسوا بذلك. حولوا المسرح الساخر الى نوع من الإبتذال الصارخ، ولعلي أتساءل عن المسرح الذي قتله التهريجيون وكان من مظاهره المسرحية الرائعة ( المحطة ) التي أبكتنا، وكنا نضحك في الوقت الذي تدمع فيه العيون، ومسرحية ( الخيط والعصفور) و( الدبخانة) وسواها من روائع. المحزن أني عرفت إن واحدا من الفنانين الذين أجادوا في المحطة ( عماد بدن) يعيش في شمال أوربا منعزلا، ويعاني متاعب صحية إضافة الى حنينه الى ماض حاضر في الذاكرة، بينما المهرجون يجولون في شوارع بغداد، ويبحثون عن دعم مالي لينتجوا مسرحيات تضحك الناس ثم تذوب في الذاكرة، ولاتعود من قيمة لها تحفظ في التراث الفني العراقي، ونضطر للمفاخرة بمسرحية أبدع فيها يوسف العاني، أو وجيه عبد الغني، أو جعفر السعدي، أو عدد من الفنانين لايجود الزمان بمثلهم، ممثلين ومخرجين كقاسم محمد، وصلاح القصب، وسامي عبد الحميد، وبدري حسون فريد، وأسعد عبد الرزاق، وخليل شوقي وووووووووعذرا إني لأتذكر راحلين تركوا علامات مضيئة في مسيرة الفن العراقي.
العديد من الفنانين المبدعين والجادين في أداء أدوارهم أجبروا على الركون الى السكون وترك العمل من أجل بعض ممن يتراقصون مع بعض المبتذلات والمحسوبات على الفن. يذكرني ذلك بالحملة الوطنية لتشويه الفن بعد إنسحاب القوات العراقية من الكويت عام 1991 حيث صدر أمر من الباب العالي للفنانين الكبار ليجلسوا في بيوتهم، وتم منعهم من العمل الذي كان يكفل بعض الإلتزام الأخلاقي والمهني لتفرغ الساحة الفنية لبعض الصبيان ممن لايجيدون الفن إلا في الملاه الليلية، ويتربحون بأجساد الصبايا المنحرفات والمترنحات عند الفجر.
فرق كبير بين الإبتذال والإبداع الملتزم. أخبرني مقرب من عائلة المغني الريفي المرحوم ناصر حكيم إنه كان يضرب أولاده ويجبرهم على الصلاة في مواقيتها.
الشرفة محاولة لوقف مسيرة الإبتذال، وكشف عورات المهرجين في مسارح بغداد.
شكرا محمد هاشم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *