الحطيئة وسياسيّو الصدفة

الحطيئة وسياسيّو الصدفة
آخر تحديث:

حسين الصدر
 ـ 1-
الحطيئة شاعر قبيح الوجه، سليط اللسان، بذيُ الكلمات، ميّال للسباب والشتائم، يتلذذ بها أيما التذاذ…
-2-
لقد وزّع هجاءه المقذع على أوسعِ الشرائح…
ولم يستثن حتى أمه.! لابل هجا نفسه هجاءً مُرّا . قيل: تاقت نفسه إلى الشتم والسباب، فأنشد: أبت شفتاي اليوم إلاّ تكلُماً
بسوءٍ فلا أدري لمن أنا قائِلُهْ
واتفق انه كان أمام نبع صافٍ من الماء، استطاع من خلاله أنْ يرى وجهه الدميم فقال:
أرى لي وَجْهاً قبّح الله خَلْقَهُ
فَقُبِّح من وجهٍ وقُبِّحَ حامِلُهْ
-3-
والمهم هنا:
انّ (الحطيئة)– على ما اتسم به من طباع مستهجنة رديئة– لم يجعل نفسه فوق الناس ..!!
لقد نظر إلى نفسه بعين الحقيقة، فهجاها وأمطرها بوابلٍ من قذائِفِه المدوّية..!!
-4-
ان سياسيي الصدفة اليوم يصبون جام غضبهم على غيرهم، ويرشقونهم بحجارات موجعة، ويحملونهم مسؤولية ما يعانيه البلد من مشكلات وأزمات، ويستثنون أنفسهم من كل ألـوان النقـد، ولا يُطيقون أن يسمعوا حتى كلمات (العتاب)..! إنهم إذن أسوأ من (الحطيئة) وهنيئا لهم هذا الاسفاف الفظيع!
-5-
التلاعب بالألفاظ، والتذاكي على الناس، مسلك محموم، لايزداد به سياسيو الصدفة إلا بُعداً عن القلوب..وعزلةً عن الجماهير …
ليست البراعة أنْ تنهال على” المنافسين” بأبشع الاتهامات، وأنْ تشيع عنهم من الأكاذيب مايُسقطهم من أعين الناس…إنّ البراعة الحقيقية هي ان تعرف قَدْرَ نَفسِك
{ ومَنْ عَرفَ نَفْسَهُ فقد عَرَفَ رَبَّه}
-6-
ومن الوصايا الأخلاقية الثمينة:
” أقلع الشر من صَدْرِ غيرك بأنْ تقلعه من صَدْرِكَ ” أما أنْ يكون صدرُكَ مخزناً للأحقاد، ووكراً للرواسـب والشوائـب، وأنْ تنطلق من ذلك الخزين الموبـوء إلـى حيـث تصطـنع مـا تشاء من الأقـاويـل الرهيـبة، فتـلك بضاعـةٌ كاسـدة لا يقيـم لهـا أحـد وزناً.
انّ سياسي الصدفة هم إلى الأميّة الثقافية والأدبيـة أقـرب منهم إلـى أي شيء آخر .
فهم لا يعرفون (الحُطيئة)،ولم يقرؤوا عنه شيئا، فضلاً عن أن يحفظوا شيئاً من أشعاره.!
وإذا كانوا أميين أدبيّا وفكريا وثقافيا، فهم أميّون أيضا سياسيّا واجتماعيا وأخلاقيا…
والأميّ في السياسة: هو الذي لا يستطيع أن يفهم طبيعة المرحلة ومقتضياتها، ومن هنا تراهم يسبحون ضد التيّار!
-7-
ولا أدري إلى متى ستستمر معاناتنا جراّء تفشي الأميّة، بكل أبعادها، في بلد له أعرق التواريخ في العلم والحضارة والإبداع ؟!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *