العزلة الثقافية

العزلة الثقافية
آخر تحديث:

 ابراهيم سبتي
اللافت في الآونة الاخيرة، توجه جمهور واسع من محبي الثقافة والادب، لحضور الفعاليات الثقافية بأنواعها وخاصة في الأماسي والأصبوحات الادبية والمهرجانات.. انها ظاهرة واعدة تبشر بظهور تيار واع يحترم الأدب والثقافة رغم الظروف الحياتية والأمنية التي تحيط بهم .. اقول هذا وقد غاب الأدباء أنفسهم عن حضور الأماسي والنشاطات الأدبية والثقافية، وهي ظاهرة تم تأشيرها وصارت واقع حال في جميع الأنشطة.. ان الحضور الثقافي والادبي بطبيعة الحال لا ينحصر بالأدباء فقط، انما يتنوع بحضوره وهو امر رأيناه منذ سنوات. لكن الملفت الغياب شبه الكلي لحضور أصحاب الشأن مع أن التنوع بالحضور مطلوب لتوسيع الدائرة الثقافية وانتشارها. ان الادباء بمختلف تجنيسهم وعناوينهم يفضلون حضور الجلسات الخاصة في المقهى أو اماكن تستهويهم أكثر لطرح همومهم ومعاناتهم وكتاباتهم وإنجازاتهم، ويشعرون براحة تامة في هذه الجلسات  من دون ضجيج الأسئلة وزحمة الأمكنة.. ان المكان مهم للأديب الذي يريد أن يطرح تجربته أمام زملائه ومناقشة  ما يمور في الساحة، وإشكالية الصراع الأزلي بين الاديب ومنتقديه أو بينه وبين نظريات الحداثة التي ترفض النمطية والواقعية وهموم أخرى.. فيكون الاديب متربعا على منجزه متفاخرا – من حقه – بما كتبه. وهي تجربة قد تكون طويلة او قصيرة حسب ولوج الاديب معترك الكتابة. إن الأماسي والأصبوحات لم تشترط الآن حضورا لازما للأدباء او أصحاب الشأن، فما عاد ذلك من اولويات نجاح الجلسة بقدر ما يتعلق بالحضور الاخر المتنوع الذي صار لازمة كل فعالية ادبية وثقافية . انه لأمر مفرح أن نجد جمهورا ثقافيا محبا وملتزما يملأ مقاعد القاعات، امر ما كان يحصل إلا بقدر قليل لأن الأدباء أنفسهم كانوا يتزاحمون على الحضور وقتها. لا نريد ان ننال من حب الأدباء واندفاعهم للفعاليات الادبية، انما قد نجد مبررات تقنع الباحث عن الأسباب أهمها قد يكون الشعور بالإحباط وعدم الاكتراث من الجهات الرسمية او من الاتحادات وغيرها بالمنجز الأدبي والثقافي العراقي، وقد يكون الامر مجرد نزوع شخصي للانعزال عن الجمهور والاقتصار على الزملاء المقربين. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *