بانتظار العدالة الثقافية

بانتظار العدالة الثقافية
آخر تحديث:

علي شايع
متحف ومكتبة للإبداع الوطني، حلم أو فكرة ستصبح واقعاً ذات يوم لإحياء إبداع من رحلوا، وتحيتهم بعد حين، فالمبدع يرحل ولا ينقطع عنه تواصل إبداعه عبر نشر منجزه والتمكين من الإطلاع على منتجه وعطاء سنواته، ولعلّها مأساة الإبداع الحقّة لحظة يضيع منجز مبدع ما، ليس بسبب عدم نشره فحسب، بل قد يكون منشوراً ولكن ليس بما يستحق، فالنشر تم في وقت سابق وظروف لم تكن مؤاتية. يرحل المبدع ويبقى في مكمن الأسف والحسرة أن لا يكون منجزه بمتناول الجميع، وفي أي وقت، فالكثير من إنجاز مبدعينا يحتاج إلى النشر من جديد، ولكن لا مؤسسات حكومية راعية، ولا جهات أخرى يمكن أن تتطوع لهذا العمل بالربح القليل، أو بضمان (حقوق الورثة!)، والسؤال هنا هل لهذه التسمية من أفق قانوني، وهل توجد تشريعات بهذا الخصوص، وكيف يمكن التعامل مع الأثر الفني أو الإرث بعد مضي فترة عليه؟. وكيف يمكن تقديم التسهيلات الرسمية اللازمة لمعالجة هذه القضية؟.
حكومياً تبدو القضية معقدة وشائكة، وتحتاج إلى جهد وأموال، فالمشاريع التي تدخلها الدولة لا تنفق فيها ما لم تضع لها دراسات جدوى، خاصة بعد تجارب كثيرة مؤسفة. لذا يجب أن تدرس فكرة مكتبة للإبداع الوطني، تتبنى على سبيل المثال إعادة طباعة المجاميع الشعرية الكاملة، أو مجلد لروايات أو مسرحيات أو دراسات أو أي إنتاج يستحق إعادة الطباعة والنشر مجدّداً.
في سالف الأزمنة كان الشاعر يسعى للنشر وللبقاء قيد التداول عبر وسائل مختلف الطرق، وبالطبع مع تطوّر وسائل النشر وأدواتها بقي المبدع في جانب الظلامة، وهيهات أن يتحقق الإنصاف تاماً؛ لنشر كل ما كان لصاحب الإبداع من منجز.قبل مدّة سألني باحث عربي عن إمكانية الحصول على مجاميع لشاعر عراقي راحل يعد من أعلام السبعينيات، وللحق لم أجد جواباً عن سؤاله المتعلق بإمكانية الحصول على منتج الراحل كاملاً في مكتبة ما، أو ضمن أرشيف وطني، أو بمجموعة كاملة كما كان يتم إنجاز ذلك، وكنا نتداوله لشعراء أحياء وراحلين. وأسأل: ترى هل كانت تلك المجاميع تصدر بالاتفاق مع دور النشر السابقة، وكيف يمكن أن يتم ذلك؟.إن بيننا وبعض البلدان فجوة تاريخية هائلة بما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وحقوق التداول، ويكفي القول لمعرفة حجم هذه الفجوة أن هذا القانون طبّق في إيطاليا قبل أكثر من 540 سنة.في سابق السنوات لم تكن هنالك رقابة مشدّدة، وأحسب إن كتباً كثيرة تم طباعتها بمخالفات لشروط الملكية الفكرية، وخاصة في ما يتعلق بالنشر الإلكتروني، فالقضية تسجل للكثير من التجاوزات والمخالفات، وتبدو بالفعل بحاجة الى عناية قانونية، لأنها تتعدى مسألة الملكية الفكرية، وصولاً الى مخالفات تتعلق بالانتقائية في نشر المنتج وفق شرط ثقافي يستدعي العدالة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *