ثقافة التظاهر ودورها في الرأي العام

ثقافة التظاهر ودورها في الرأي العام
آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق- ما بين شكر المتظاهرين للقوات الأمنية ورئيس الوزراء للمتظاهرين، خرج سيناريو التظاهرات المطالبة بالإصلاح من دائرة التسقيط السياسي إلى الفعل الديمقراطي الواعي لبناء العراق. لم يكن يوم الجمعة 31 تموز 2015 يوما عادياً، فالمطالب مشروعة والمتظاهرون من نخب العراق المثقفة، والعراق، كل العراق يخوض حربا ضد عصابات القتل والتخلف.. داعش، ودرجات الحرارة تجاوزت الخمسين درجة مئوية. “أشارك منذ العام 2011 في التظاهرات، هناك تراجع حقيقي في مجال الخدمات على الرغم  من الميزانيات الكبيرة المصروفة منذ العام 2003 ولغاية اليوم. لا بد من وقفة حقيقية، نقول فيها كفى للفساد”، هذا ما صرحت به الناشطة المدنية والفنانة التشكيلية ذكرى سرسم لـ “الصباح”، مبينة” المشكلة ليست محصورة بالكهرباء فقط. والمسؤولية تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأساس..التظاهرات مؤشر جيد لتقويم الأمور ووسيلة ضغط على الجهات التنفيذية والتشريعية بأن تأخذ دورها الحقيقي. أتمنى أن يضطلع رئيس الوزراء بمحاربة الفساد والمفسدين وتقديمهم للعدالة وسيجد أن الشعب العراقي يقف خلفه ويدعمه بقوة” . وجد الشاعر فارس حرام رئيس اتحاد أدباء وكتاب النجف الأشرف، في ظاهرة تأثير المثقف في الحراك الشعبيّ الأخير ثمرة من ثمار العمل المضني الذي اضطلع به، منذ العام  ٢٠٠٣ ، عدد كبير من المثقفين العراقيين لإعادة ترميم صورة المثقف في عين الجمهور العام، قائلا:” بعد أكثر من ربع قرن من تشوّه هذه الصورة. كان المثقف العراقي في زمن الدكتاتور واحداً من ثلاثة: إما مطبلاً للنظام، وإما منزوياً مبتعداً، وإما مسايراً عن خوف.  وهذه الصور الثلاث أدت إلى أن يفقد الناس الثقة بقدرة المثقف العراقي على التأثير في الرأي العام وقيادة التصورات المجتمعية في الأزمات الكبرى. لكن بعد العام  ٢٠٠٣ بدأت هذه الصورة النمطية بالتغيّر، لكن ببطء بسبب التحديات الخطيرة التي واجهت نظام الدولة الجديد وكذلك بسبب الإرهاب”. ويضيف حرام  “اليوم أرى في تأثير المثقف في الحراك الشعبي الحالي فرصة ذهبية لإعادة الاعتبار لكيان ثقافتنا وقدرة رموزها على صناعة الرأي العام ومن ثم تغيير الخارطة السياسية وربما حتى شكل النظام السياسي مستقبلاً لصالح الديمقراطية الحقيقية والمجتمع المدني الحيّ الحقيقيّ”.
رقابة شعبية أكثر من خمسة آلاف متظاهر لم تمنعهم درجات الحرارة العالية من الحضور والتنديد بالفساد والمطالبة بالإصلاح. قالت الفنانة والمخرجة عواطف نعيم، “نخب ثقافية طليعية وشبابية حضرت وأكدت أن الشعب العراقي شعب حي، ولكن للصبر حدودا كما قالت المرجعية الرشيدة. أطالب الحكومة بتفعيل قانون من أين لك هذا؟ العراق اليوم إزاء مفترق طرق خطير فأبناؤنا من الجيش والحشد الشعبي يقاتلون “داعش” في جبهات القتال، بينما ينعم المفسدون بثروات البلد”، وتضيف نعيم، “ان من واجبنا كعراقيين وفنانين أن نكون حاضرين لدعم الحراك الوطني والتأكيد على صواب اختياره.. الجميع كان يرفع شعار إنقاذ الوطن وتصحيح المسيرة. إن عدم السكوت عن الفاسدين مسؤوليتنا جميعا والشعب قادر على إزاحتهم والمجيء بالكفاءات الوطنية”.
تشكل المساهمة الجماهيرية الكبرى في التظاهرات التي شهدتها محافظات العراق جرس إنذار حقيقي، إذ أوصلت رسالة لجميع الفرقاء مفادها إن زمن السكوت على الفساد والمفسدين قد انتهى،  وان للشعب العراقي دورا رقابيا ملزما ومباشرا. صرح بذلك لنا رئيس اتحاد أدباء وكتاب بابل الشاعر جبار الكواز ، مضيفا” ان مشهدا بهذا السوء كان لابد من أن نتصدى له بحزم وقوة وإرادة لا تلين ولا تخضع للابتزاز السياسي . نحن إزاء انطلاقة شعبية كبرى يشهدها العراق، تريد إخراجه من حالة انعدام الوزن سياسيا وثقافيا واجتماعيا، لذا فإن المساهمة فيها واجب وطني. لتكن تظاهراتنا من أجل عراق مدني ديمقراطي يؤمن بالحرية والرأي والرأي الآخر ولتأخذ الكفاءات الوطنية استحقاقاتها في بنائه سليما ومعافى”.الشعور بالمسؤولية ووجــد المخرج الســـــينمائي والتلفزيوني نزار شهيد الفدعم  أن مشكلة الكهرباء كانت هي المدخل لتظاهرات 31 تموز الجاري، إذ  اشتركت فيها نخب ثقافية وفنية وسياسية وتصدرها الشباب بحماسهم واندفاعهم . فكانت مظاهرات راقية من حيث شكل الممارسة، على الرغم من  ان التنظيم عفوي، لكن الحس الذي كان يمتلكه المتظاهرون والشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية جعل منها، أي المظاهرات، لوحة جميلة في الحفاظ على الأمن والقانون.  مواصلاً،” لقد مدت المظاهرة يدها للحكومة كي تساعدها على وقف الفساد والسرقات التي لحقت بالمال العام من قبل السراق والفاسدين كي تضبط إيقاعها وتشد قبضتها عليهم.. إن عفوية المظاهرة وتنوع المشاركين  فيها من سياسيين وفنانين ومثقفين وأدباء ومهندسين وهتافهم للوطن من أجل حياة كريمة وتوفير الخدمات الأساسية، كالماء والكهرباء والصحة والتعليم، هي حركة جادة تنبئ بحراك شعبي يمارس دوره الديمقراطي، مواصلاً “ولكي تقطع الحكومة الطريق على الأجندات المشبوهة التي تحاول تسييس التظاهرات لأغراضها الخاصة وخصوصا بعض الفضائيات التحريضية، أقول، على الحكومة دراسة مطالب المتظاهرين وتنفيذها، والاستماع  بعناية إلى نبض الشارع وتوجهاته وهنا يكمن الحل”..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *