المقهى الثقافي يحيي تراث الموسيقى الشعبية

المقهى الثقافي يحيي تراث الموسيقى الشعبية
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- ضمن جهوده في التعريف بتراثنا الإبداعي، أحيا المقهى الثقافي العراقي في لندن، أمسية للحديث عن (الموسيقى الشعبية العراقية) قدمها عازف الساكسفون الفنان عمّار علّو واشترك معه الدكتور سعدي الحديثي المختص بالفلكلور العراقي الغنائي، في الحديث عن بعض الجوانب. كما قدم وصلات جميلة من الغناء البدوي والريفي بصوته العذب. وأكد المحاضر أن مبدعي (الموسيقى الشعبية العراقية) يتمثل في تكوينهم لمجموعات موسيقية تختص كل منها في تقديم نوع خاص بها وهي  في ثلاثة أنواع: 1-  فرقة الطبل والزرنة (المطبك). 2-  فرقة الموسيقى الشعبية (المزيقة) كما يحلو للعراقيين تسميتها. 3 – فرقة الجالغي البغدادي. وأشار الى أن (فرقة  الطبل والزرنة (المطبك)، وهي من الفرق الموجودة في كل مكان من العراق، من الشمال الى الجنوب، وهي بذلك تعبر بهذا الشكل أو ذاك عن الموزائييك العراقي المتنوع والمتعايش عبر التاريخ، ويقدمها موسيقون محترفون، ودائما ترتبط برقصة (الجوبي) والدبكات، وأعطى علّو أمثلة لأنواع  هذه الفرق ومصاحبتها للدبكات العربية والكردية والتركمانية والكلدوآشورية في فيديوهات إختارها لتعطي فكرة واضحة بالصوت والصورة عما يتضمنه حديثه. ومن جانبه أوضح الدكتور الضيف سعدي الحديثي طبيعة الحركة في الدبكات، مشيرا الى وجود أربعة أنواع من الدبكات، وتعتمد كل رقصة على شخص يقف في بداية الراقصين ويمسك مسبحة ، لينظم إيقاعات الدبكة ويوزن حركاتها. وأكد أنه من خلال بحوثه ودراساته لاحظ أن هنالك تشابها كبيرا بين الحركات الإيمائية في دبكات  شعوب مختلفة ومتباعدة جغرافيا،  مثلا الدبكات في اليونان، ولا يعرف من أثر في الأخر أو كيف انتقلت من هذه المنطقة الى غيرها في العالم، ولا تفسر ذلك سوى أن التعبير بالحركة ولغة الجسد والموسيقى هو سمة إنسانية يشترك بها البشر أينما وجدوا. وتحدث الحديثي عن تفاصيل وتاريخ الدبكة البدوية وعرض لبعض الحركات التي تميزها في الأداء التعبيري. ثم تحدث الفنان علّو عن فرقة الموسيقى الشعبية (المزيقة) التي دخلت العراق من قبل الجيش العثماني، حيث كانت تسمى بموسيقى السراي. ولهذه الموسيقى شعبية كبيرة، وهي منتشرة في أغلب المدن العراقية واحتلت مكانة الثنائي التقليدي ( الطبل والزرنة أو المطبك) كما أكدت الباحثة شهرزاد قاسم في كتاباتها عن الموسيقى العراقية. وتستخدم في هذه الموسيقى الآلات الهوائية (أبواق نحاسية) مثل الترومبيت، و الترمبون، والكلارنيت، و الساكسفون إضافة الى الطبول المرافقة. وأضاف أن عازف البوق يسمى (الآلجي) وفي أغلب الأحيان يكون هو الخلفة، أي الذي يقود المجموعة ويتفق على الأجور أما عازف الطبل فيسمى (طبلجي) ومعروف أن الآلجي و حسب المناسبة هو الذي يعلن (شوباش) للعروس أو للعروسة أو المختون من أجل الحصول على إكرامية الجمهور من النقود. ومن طريف  ما أشار إليه المحاضر أن الموسيقى الشعبية التي ارتبطت بالزواج والختان والولادة، ترتبط اليوم أيضا بإنهاء المعاملة في دوائر الدولة للسخرية من الروتين والبيروقراطية، معطيا مثالا في شريط مسجل لرجل أتم حصوله على بطاقة الأحوال المدنية بعد عناء ومراجعة استمرت سبعة اشهر، فجلب فرقة للموسيقى الشعبية لترافقه من الدائرة سيراً وهو يرقص الى البيت عبر شوارع بغداد احتفالا بهذه المناسبة سعيدة. وفي تناوله (فرقة الجالغي البغدادي) أكد أن الجالغي مفردة تركية الأصل ومعناها الجماعة أو التخت الموسيقى وأصلها (جالغي طقمسي) التي تعني فرقة الملاهي. والبعض يقول إن الجالغي هو (جهار آلغي) أي الآلات الأربع أو الأصوات الأربعة فالجهار تعني بالفارسية والتركية العدد أربعة و الآلغي تعني آلات. غير أن الفنان هاشم الرجب غير التسمية الى (الجالغي البغدادي)،  بسبب انتشار هذا الفن بشكل واسع في بغداد قياسا بمدن العراق الأخرى. وفرقة الجالغي يشترك فيها عازفو السنطور والكمنجة (الجوزة) والطبلة (الدنبك) والرق (الدف الزنجاري) والنقارة التي تم التخلي عنها مؤخرا، ولكن مطرب المقام العراقي الكبير محمد القبنجي، أدخل العود والكمنجة والقانون، عكس قارئ المقام الكبير يوسف عمر، الذي حافظ على الشكل التقليدي للجالغي. ومعروف أن السنطور آلة  قديمة استعلمها الكلدانيون. وتتميز فرقة الجالغي بارتداء العازفين زيا من الموروث العراقي مع (الجراوية) وهي من الأسود والأبيض.  وكان السومريون يرتدونها كما تبين الآثار العراقية، وقد يرتدون الزي المدني مع السدارة الفيصلية كما نراه في بعض الحفلات التي تقام في المناسبات. وكان الفنان عمّار علّو، قد  قدم على آلة الساكسفون مقطوعات جميلة من الأغاني العراقية القديمة مثل (الليلة حلوه، وأشكر ابو شامة) وغيرها من الأغاني التي يحبها العراقيون ويطربون لها، ويصاحبون المطرب، عادةً بصفقات إيقاعية منسجمة مع اللحن، كما حدث في أمسية المقهى.وفي ختام هذه الندوة الممتعة أثار الحاضرون العديد من النقاشات والأسئلة حول هذا الموضوع الشيق، حول أهمية التطرق الى فرق الخشابة والأطوار الريفية والبدوية، بإعتبارها جزءا مهما في الموسيقى الشعبية،  بينما أعتبر المحاضر أن الموضوع شائك ويصعب الألمام بكل جوانبه. وتحدث البعض على أهمية معرفة الظروف والبيئة الإجتماعية التي تساعد على  إنتاج وإنتشار الموسيقى الشعبية، كما تناول البعض الاخر، دور النساء في النشاط الموسيقي الذي لم يتم التطرق أليه، بالإضافة الى أن أحد المتداخلين، شرح فكرة الجرّاوية  التي إستخدمها السومريون كلباس للرأس والتي إستمدوها من شبكة الصيد في بيئتهم المائية وقد كان ملوكهم يرتدونها مثل التاج وكرمز للعطاء والخير لإرتباطها بإله الصيد والبحر أو المياه. وحول والآلات الهوائية فقد ذكر المتداخل، بإنها لم تأت مع العثمانيين، بل هي موجودة قديماً وهناك لوحة للفنان يحيى الواسطي في المقامة السابعة من مقامات الحريري تصور مجموعة من الرجال الذين يركبون الخيل وينفخون بآلات هوائية  طويلة ويضربون على الطبول ، إحتفالاً بقدوم العيد. كما تحدث البعض الآخر عن إنتشار وإستعمال ألالات الموسيقية، كالسنطور في أوروبا والصين وآسيا الوسطى، ولم تعد حكرا على منطقتنا فقط.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *