رحيل الشاعر توماس ترانسترومر”أمير شعراء السويد”

رحيل الشاعر توماس ترانسترومر”أمير شعراء السويد”
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة أخبار العراق- رحل الشاعر توماس ترانسترومر، «أمير شعراء السويد» وحائز جائزة نوبل للآداب. رحل عن ثلاثة وثمانين عاماً، عاش خمسة وعشرين منها مقعداً وشبه صامت لا يتكلم إلا عبر لغة الاشارة. دخل شاعر الميتافيزيق والعناصر والتجريد «الصمت المقدس» الذي كتب عنه وعاشه قبل الموت، كان ترانسترومر أول شاعر وأديب سويدي يكسر قراراً اتخذته الاكاديمية السويدية عام 1974 تستثني بموجبه الادب السويدي من الفوز بالجائزة العالمية الكبرى. لم تتمكن الأكاديمية من تجاهل هذا الشاعر الكبير والفريد في ما كتب وعاش وقاسى، وفي تحديه الاعاقة الجسدية وجعلها حافزاً على الابداع، كافأت الاكاديمية الشاعر بجائزة نوبل التي طال انتظاره لها عام 2011والسبب غير المبرر في تأخرها عنه هو هويته السويدية التي آثرت الأكاديمية طوال أربعين عاما إبعادها عن لوائح الفوز.كان توماس ترانسترومر واحداً من شعراء العصر الكبار، شاعراً فريداً بمعجمه ولغته والجماليات الجديدة التي أرساها في قلب القصيدة ما بعد الحديثة التي برزت عقب الثورات المتوالية التي عرفها الشعر العالمي. عالمه متعدد الوجوه والصور والتجليات، ومعجمه الشعري يميل الى حال من الغرابة في مصطلحاته وتراكيبه ومرجعيته الواسعة وكم أصابت الاكاديمية في بيانها الصادر لحظة اعلان فوزه عندما قالت أن ترانسترومر «يعطي منفذاً جديداً على الواقع من خلال صور مركزة وواضحة»، وكثيراً ما وصف هذا الشاعر بـ«المسفار» ، بعدما جاب بلداناً ومدناً، كاسراً الجدران ومخترقاً الحدود التي تقسم العالم عالمين وأكثر والتي كانت تثير قلقه. كان يحمل في قرارة عينيه ووجدانه خريطة غير مألوفة للعالم كما احب ان يكون. ولا عجب ان يتنقل ترانسترومر، قبل أن يحل به الشلل، بين فيتنام وإيران والكونغو ونيويورك وشنغهاي واليابان واليونان وبراغ والخرطوم وسواها، بالواقع والجسد كما بالمخيلة والروح. وكان لأفريقيا النصيب الأكبر في رحلاته وشعره، وراح يبحث فيها عن «عري الأصياف في لقاء مباشر مع الشمس» كما يقول .كان توماس ترانسترومر شاعراً مقلاً وميالاً الى الصمت، لا يكتب بسهولة وبساطة، لكنه استطاع منذ ديوانه الأول «قصيدة» الذي صدر عام 1954 وكان في الثالثة والعشرين من عمره، ان يفرض اسمه في طليعة شعراء الخمسينات في السويد كما في الشمال الاوروبي، وقد يكون الشلل الذي أصابه قبل ربع قرن فرض عليه الدخول في حال من الصمت الذي يصفه بـ«الصمت المقدس»، وهو صمت اللغة التي تتخطى تخوم الكلمات واللغة لتدخل أعماق الذات والكينونة، رحل توماس ترانسترومر تاركاً وراءه أعمالاً شعرية تنم عن تجربة عميقة في اجتراح لغة الصمت وخلق معادلات جديدة وغير مسبوقة في العلاقة بين القصيدة والماوراء، بين القصيدة والعالم بعناصره الحسية والمجردة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *