سواء كان المالكي ٧٠ ام ٩٠ … بقلم سرمد الطائي

سواء كان المالكي ٧٠ ام ٩٠ … بقلم سرمد الطائي
آخر تحديث:

 

الاطراف التي ظلت تعتقد طوال عامين، انها تمتلك الارادة الكافية لاجراء تغيير سياسي وتطبيق مشروع اصلاحي في البلاد، ستتمكن من المضي في ذلك سواء حصل ائتلاف نوري المالكي على سبعين مقعدا (كما كان يقدر بعضهم) او اثنين وتسعين كما كشفت المفوضية خلال اعلان النتائج امس.
اما من يردد احاديث مفادها ان التغيير سيكون صعبا بعد ان حصل المالكي على عشرين مقعد اضافي مقارنة بالتقديرات التي كانت سائدة، فإن هذا النوع من الساسة، كان سيقول الكلمة ذاتها حتى لو حصل المالكي على ستين مقعدا. وسيردد حينها ان ضغط الخارج كبير، وأن من الممكن للمالكي استغلال نفوذه الحكومي، وتحريك اوراق وقضايا، واجبار المتعطشين للسلطة، على دعم ولايته الثالثة، وان القضية صعبة.
نعم ان القضية صعبة ومعقدة، ولذلك احتاجت خلال العامين الماضيين، مواقف صعبة ومغامرة، ولم يكن من السهل على مسعود بارزاني ان يختار مواجهة المالكي ويدعو لاجتماع سحب الثقة. كما لم يكن من السهل على مقتدى الصدر ان “يخرق الاجماع” وينضم الى الاجتماع في اربيل. ولم يكن طوال تلك الفترة من السهل على كل المطالبين بالتغيير، ان يواجهوا تهم العمالة لقطر وغير قطر، وتهم “شق الصفوف”، وتهم “شخصنة الازمة”، لكن نوع المشكلة وخطورتها، دفعت الكثير من الشجعان الى المغامرة، والوقوف بوجه فريق المالكي الذي استولى على ملفات المال والطاقة، والجيش والامن، وصار قادرا بمفرده على تكميم الافواه واغلاق محطات التلفزة، واللعب بمذكرات الاعتقال، ثم منع ابرز معارضيه من خوض الانتخابات، وتوزيع نصف مليون قطعة ارض سكنية “غير مفروزة” لاقناع الجمهور المسكين بأنه ليس حاكما فاشلا.
قصة هذا الموسم العراقي هي: هل يوجد ما يكفي من العقلاء لخلع السلطان المتعسف الذي لم ينجح لا بالبطش ولا بالسياسة، ومحاولة استبداله بفريق معتدل يطفئ الحرائق؟ ام اننا محكومون بالخراب والعجز، وان نظامنا السياسي لن ينجح في كبح جماح السلاطين، الذين يعبثون بالمصائر ويغرقوننا في معارك مع الجميع بلا جدوى؟
كل اسباب اخفاق مشروع الاصلاح لا تزال قائمة، سواء حصل المالكي على ستين او تسعين.
ولكن في نفس الوقت فان كل اسباب نجاح مشروع الاصلاح والتغيير الذي نحلم به منذ ٢٠١٠، لا تزال قائمة، سواء حصل المالكي على ستين او تسعين.
ان منع انحراف الديمقراطية امر صعب ولا شك. وامامنا ما لا يحصى من التجارب في العالم الثالث، بل وفي العالم الاول خلال القرنين الماضيين، ظهر فيها رجال طامحون تنقصهم الحكمة، وورطوا بلدانهم بانتكاسات كان يمكن ان تستمر الى الابد، لو لا نجاح العقلاء ومراكز القوى في المجتمع، بتنظيم صفوفهم، واطلاق جهود للتصحيح وتخفيف الازمات. وكان عملهم صعبا محاطا بالمخاطر ولا شك. وليس العراق استثناءا من هذه القاعدة، ولا اول بلد ابتلي بهذه الانحرافات والتغولات، ومحاولات الاستئثار.
ان مشكلة السلطة في بلادنا، هي جزء من انتقال تاريخي صعب جدا خاضته اعظم الامم قبلنا، من مجتمع تقوده ارادة متسلطة، تؤمن بالقوة الغريزية والعضلية في ادارة الصراع، الى مجتمع يعتمد التعايش المتحضر، داخليا وخارجيا، ويقوم بتعريف المصالح بواقعية، ويعتاش على مخرجات السلام.
وامامنا الان ان نستسلم الى نهج بلا حكمة، ونلقي باللوم على الظروف والتدخلات ونقص الوعي. او نقبل بالتحدي الصعب جدا، للتصحيح وضمان تقليل الخسائر. وهذه مهمة ليست بالسهلة، سواء حصل السلطان على ستين او تسعين. وهي اختبار مدى تحضرنا وشجاعتنا، واستثمار للتضحيات الهائلة التي قدمناها جميعا، للتخلص من دكتاتور اهوج من طراز صدام حسين، ظل يتوهم لعقود ان بامكانه فعل ما يشاء، دونما حسيب ولا رقيب.

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *