شناشيل: في قضيّة إذاعة بغداد

شناشيل: في قضيّة إذاعة بغداد
آخر تحديث:

بقلم: عدنان حسين

بين شبكة الإعلام العراقي وهيئة الإعلام والاتصالات تدور هذه الايام رحى معركة تجاوز هدير قذائفها المدفعية والصاروخية حدود العاصمة بغداد، بل حدود البلاد من الجهات الأربع جميعاً.. حتى الذي لم يكن يُعجبه أن يتفرّج هو الآن يتفرّج برغم أنفه على مشاهد هذه الحرب الطاحنة.

القضية وما فيها إن هيئة الإعلام والاتصالات منحت ترخيصاً الى نقابة الصحفيين لإذاعة باسم “إذاعة بغداد”. شبكة الإعلام قدّمت اعتراضاً لم تقبل به الهيئة مع أنه وجيه للغاية. الشبكة تقول إنها الوريث الشرعي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون منذ أن كانت مجرد “إذاعة بغداد” التي بدأت البث في العام 1932 لتسجّل لنفسها الترتيب الثاني في تاريخ إذاعات الدول العربية بعد إذاعة القاهرة. الفضل في ذلك يعود الى الملك غازي (1912 – 1939) الذي أنشأ في قصره، “الزهور”، إذاعة بدائية، هي إذاعة هواة في الواقع، في العام 1932 ثم رأى أن يوسّع دائرة الخدمة التي تقدّمها تلك الاذاعة بتحويلها إلى مؤسسة حكومية تحوّلت في يوم انطلاق بثّها العام الى أعجوبة لسكان العاصمة الذين تجمعت أعداد غفيرة منهم في حي الصالحية لاكتشاف ألغاز الحديد الذي يحكي ويغنّي!

لا أعرف بالضبط لماذا تخلّت شبكة الإعلام، وقبلها هيئة الإرسال، عن اسم “إذاعة بغداد”، في 2003، مع أنه كان محبّباً للعراقيين جميعاً إذ يحمل اسم عاصمتهم العريقة ولم تكن له أي علاقة بصدام ونظامه .وفي كل الأحوال فإن شبكة الإعلام التي هي مؤسسة الدولة للإعلام ( لم تصبح كذلك وتماماً حتى الآن. هذا موضوع آخر)، هي الأحقّ بالاحتفاظ باسم وملكية إذاعة بغداد وتلفزيون بغداد مهما كانت الظروف. وإذا ما نشأ خلاف أو خصام مع أي جهة فمن المفترض أن يكون إنحياز هيئة الإعلام والاتصالات، وهي أيضاً مؤسسة تابعة للدولة، لصالح شبكة الإعلام بوصفها مؤسسة الدولة المختصّة في هذا المجال، وليس الى جهة أخرى خاصة أو شبه خاصة.

من ناحية أخرى، لماذا يتعيّن ان تكون لنقابة الصحفيين إذاعة؟ (هل سيتعيّن أن تكون لها محطة تلفزيون أيضاً؟).. ليس مهمة نقابة الصحفيين، وأي نقابة أخرى، أن تمتلك إذاعة او محطة تلفزيون أو حتى صحيفة يومية.. الواجب الأول والأخير لنقابة الصحفيين، كما سائر النقابات، رعاية وتأمين حقوق أعضائها المهنية.

في الواقع، إننا نشمّ رائحة أخرى، غير زكية، تنبعث من هذه القضية، على غرار روائح مماثلة تتدفّق من قضايا كثيرة في هذه البلاد الموبوءة بالفساد من كل لون وشكل ونوع.لديَّ ملاحظات كثيرة على عمل شبكة الإعلام وأدائها، يعرفها القائمون عليها الحاليون والسابقون، لكنّني في قضية “إذاعة بغداد” لا يمكنني إلا أن أكون الى جانب المنطق، والمنطق يحتّم أن يبقى اسم “إذاعة بغداد” مُلكاً صرفاً للدولة العراقية، ممثلة في شبكة الإعلام التي نريد لها أن تكون مؤسسة دولة مستقلة، لا مؤسسة الحكومة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *