شوارع ثقافيَّة

شوارع ثقافيَّة
آخر تحديث:

 أمجد ياسين
يمتلك شارع ابو نواس من الخصوصية التاريخية والاجتماعية والثقافية ما لم تمتلكه شوارع عدة في بغداد، هي اليوم اكثر شهرة منه رغم فقدانها المعنى والغاية والمكان مقارنة به. ابو نواس ليس شارعا كبقية الشوارع، هو حضور حي في ذاكرة العراقيين، ارتبط بحياة البغداديين منذ نشأته الى ما قبل التغيير في العام 2003.. وهو شريك مهم في تاريخ بغداد المعاصر وثقافتها ووعيها، وهو قبل هذا حاضنة حقيقية للعراقيين وأحد أوجه المدينة الترفيهية، التي تطل على ضفة دجلة الشرقية وتمتد من جسر الجمهورية الى الجسر المعلق.. مما يؤهله لأن يكون مرفقا سياحيا فريدا من نوعه في العراق والمنطقة وما أحوج بغداد له.
لقد غيبت المرحلة الجديدة شارع ابو نواس واصبح اسم وتمثال فقط ، حاله حال اي شارع في بغداد، لا تردده ألسنة البغداديين ولا يرتادونه.. ففقدت بذلك معلما مهما من معالمها البارزة. تاريخيا هو الشارع الثاني من حيث التأسيس بعد شارع الرشيد، تأسس في العام 1932، وهو حاضنة حقيقية لشرائح واسعة من المجتمع العراقي، وقد شكلا معاً بعضا من حياة بغداد والقها وبهجتها وثوراتها وتمردها.. بعد ان ارتبط بتجمعات الطلبة والسياسيين وبالاعياد العراقية فضلا عن ما يمثله الشارع من بعد ثقافي وانساني، فما لأبو نواس الشاعر ليس لغيره من الشعراء او الشوارع، بمقاهيه ومحال شواء السمك ومراكزه الترفيهية التي فرت منه اليوم للاسف الى شوارع بغداد الضيقة والواسعة، ورغم اخضراره إلا ان ألوانه وأضواء محاله خافتة، واصبح منطقة لا يؤمها البغداديون بعد المغرب بعد ان كانت الحياة تستمر فيه لساعات الصباح الاولى. لقد فقدت بغداد احد متنفساتها الحية، فلم يبق لنا غير شارعي المتنبي والرشيد، وهذا الاخير بدا خافت الصوت، ضاعت تضاريسه تحت وطأة الباعة المتجولين واكداس البضائع التي غيرت شكل الشارع وتاريخه، ناهيك عن القطوعات الامنية التي قسمته الى اجزاء عدة.. لم يبق لبغداد غير شارع المتنبي وجمعته المميزة..
اننا مدعوون لتنويع اماكننا الثقافية والاجتماعية، فليس من المعقول ان عاصمة يسكنها اكثر من سبعة ملايين نسمة وليس فيها الا شارع ثقافي واحد، بعد ان كانت ملأى بالشوارع المتخصصة. ونحن نشهد بدء فعاليات بغداد مدينة للابداع الادبي، علينا ان نعيد الروح لشارع ابو نواس، وهل أجمل منه مكانا في بغداد؟ ليكون رديفا ومعلما آخر من معالم بغداد القليلة.. فنرسخ جمعة المتنبي وليالي ابو نواس وصباحات الرشيد وعبق المتحف الوطني وروح ساحة التحرير وتألق المسرح الوطني .. اننا مدعوون لنحتفل ببغداد ياسادة، بالمدينة التي اختارها العالم مدينة للابداع الادبي لمدة أربعة أعوام.
 ما نرجوه ان تعاد الروح لشارع ابو نواس ثقافيا بعد ان تم تجميله وتطويره قبل فترة، فالشارع مهيأ لان يكون محطة حقيقية لاستقطاب النشاطات الثقافية والشعبية لما يمتلكه من موقع مهم وحيوي في بغداد.. وما على المعنيين بالامر إلا تفعيله لترجع لبغداد بعضا من ألقها وروحها المحبة للحياة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *