كورونا ضيقا ثقيلا على العالم ويزحف للعراق

كورونا ضيقا ثقيلا على العالم ويزحف للعراق
آخر تحديث:

بقلم:باسل عباس خضير

لا تزال الإصابات بوباء كورونا تشكل هاجسا للكثير من سكان دول العالم التي اكتشفت في بلدانها حالات مؤكدة بعد إجراء الفحوصات المختبرية او التي تعتقد إنها ليست بمنأى من الوباء ، وقد استطاعت الدول الأكثر سيطرة وحيطة من حيث اتخاذ الإجراءات الاحترازية على حدودها من رصد الحالات الوافدة وحجرها وإتباع خطوات علاجها والتقليل من حالات الانتشار والعدوى من جهة ، وخفض الوفيات بين المصابين رغم عدم وجود علاجات مؤكدة للقضاء على الفيروس وشفاء المصابين ، حيث تلجأ معظم الجهات الصحية للاستفادة من تجاربها السابقة في معالجة الفيروسات المشابهة والاستفادة من نصائح وإرشادات منظمة الصحة العالمية واستثمار تجارب الصين الحالية في التصدي للإصابات فيها باعتبارها موطن الفيروس وتتقدم الدول من حيث عدد الإصابات المؤكدة ، ومن الأخبار المطمأنة حول الموضوع هو ارتفاع نسبة شفاء المصابين عند المقارنة بعدد الحالات المؤكدة ، فقد بلغ عدد الحالات المؤكد إصابتها 87446 ( في العالم ) وعدد الحالات التي تم شفائها 42670 وبذلك ارتفعت نسبة الشفاء إلى 49% ، وهي تختلف عن النسب السابقة التي كان أعلاها 33% في الأسبوع الماضي وهي آخذة بالارتفاع التدريجي ، كما بلغت نسبة الوفيات بالوباء إلى مجموع الإصابات 3,4% وهي مقاربة لما كانت عليه في الأسبوع الماضي أي إنها لم ترتفع إلى نسب كبيرة وملحوظة ، ولكن الملاحظ إن الإصابات وصلت إلى 65 دولة بعد إن كانت محدودة ب31 دولة قبل عشرة أيام ، كما إن عدد الإصابات قد ارتفعت بين الدول المتحاددة او التي بينها خطوط للنقل جوا او برا او بحرا ، حيث يعود الانتشار الجديد وزيادة عدد الإصابات إلى ضعف السيطرة على الانتقال بين البلدان وضعف الإجراءات الصحية مما قد يعطي احتمالات باكتشاف إصابات أخرى نظرا لتوقع وجود حالات من عدم الإبلاغ عن حالات موجودة بالفعل ربما تسللت للحدود قبل سريان الإجراءات المشددة او إنها أفلتت من إجراءات الفحص الحدودي او بسبب عدم كفاءة إجراءات الفحص والتحري الوبائي على الحدود ، وتعود أسباب الإخفاء وعدم الإفصاح عن الإصابات إلى ضعف الثقة بالخدمات الصحية المقدمة او المبالغة برد الفعل اتجاه الحالات التي تكتشف والتي تشمل حجر المصابين والملامسين كافة في آماكن تثير خوف وقلق السكان .

وفي إطار البحث عن الآثار التي تتركها الإصابات وأسباب حدوث الوفيات فيها فقد نشر موقع ( البيان الالكتروني ) تقريرا عن قيام مختصين من الصين بإجراء تشريح لـ11 جثة توفي أصحابها نتيجة التهاب رئوي ناجم عن إصابته بفيروس كورونا ، وتبين للمجموعة الطبية الصينية أن العدوى تصيب الرئتين بشكل أساسي وأنه لم تظهر أية علامات واضحة تدل على تلف الأنسجة والأعضاء الأخرى في جسم المتوفين ، وكشف تقرير المجموعة أن الفيروس يتسبب بالالتهابات في الشعب الهوائية والحويصلات الرئوية وخلال ذلك، تتعرض للتلف أيضا أنسجة الرئة وتظهر عليها أشكال التليّف ، وهي أقل وضوحا مما هي عليه في مرض المتلازمة التنفسية الحادة أو الالتهاب الرئوي اللانموذجي (SARS ) ، ولكن خلال ذلك يبدو الانتفاخ في الرئتين أكثر حدة ، كما لوحظ وجود تسرب في الحويصلات الهوائية سائل لزج وهو ما يفسر شعور الإغراق الذي يشعر به المريض خلال الحالات الخطيرة والحرجة ، أشار التقرير إلى أن نتائج دراسة مدى تأثير الفيروس COVID-19 على القلب والكلى والدماغ والطحال والجهاز الهضمي لا تزال غير مقنعة وتحتاج إلى المزيد من الدراسات والبحث لتحديد مدى الضرر الذي يصيب هذه الأعضاء نتيجة المرض المذكور ، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الجثث التي تم تشريحها تعود لـ11 شخصا تتراوح أعمارهم بين 52 و 80 عاما ويمكن أن تكون أعضاء أجسامهم كانت تعاني من مشاكل صحية أخرى، وأوضح التقرير أن قدرا ضئيلا من الإفرازات يمكن أن يتسرب من الرئتين إلى تجويف الصدر ونتيجة لذلك يمكن أن يدخل الفيروس إلى القلب.

وقد بلغ عدد الإصابات المسجلة فعلا في العراق 19 جميعها قادمة من إيران واغلب هذه الإصابات تم كشفها على الحدود بعد الاشتباه بها او إنها شخصت ( داخليا ) من قبل المراكز الصحية باعتبارها عبرت الحدود قبل سريان إجراءات التحري الحدودي التي يبدو إنها تأخرت قليلا ، ولغرض معالجة هذا التأخير والحؤول دون انتشار المزيد من الإصابات في ظل احتمالية وجود إصابات لم يتم الكشف عنها بعد او يتعمد المصابين اختفائها بقصد او بدون قصد ، فقد اتخذت اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء بموجب قراره ( 55 ) لسنة 2020 مجموعة ن الإجراءات الملزمة ، منها الرقابة الحازمة على المنافذ الحدودية المسيطر عليها وتعطيل الدوام لمدة 10 أيام في المدارس والجامعات وتعطيل الخدمات التي تنطوي على تجمعات كالجنسية والمرور والجوازات وغلق أماكن التجمع في المقاهي والملاهي والنوادي وغيرها من وسائل الراحة والترفيه وربما ستكون هناك حاجة لاتخاذ مزيدا من الإجراءات بعد السابع من الشهر الحالي نظرا لاكتشاف مزيدا من الإصابات ، ونظرا لضعف وقصور الخدمات الصحية فقد لجأ العديد من السكان لاتخاذ إجراءات على حسابهم الخاص كشراء الكمامات والمعقمات والمنظفات والأغذية التي تحوي الفيتامينات ولكنهم تفاجئوا باختفاء الكثير من السلع وارتفاع أسعارها نظرا لظهور عديمي الضمائر والوطنية من تجار الازمات ، وفي مقابل ذلك ظهرت العديد من المبادرات الايجابية الطوعية في توفير مستلزمات ومعدات الوقاية ونشر ثقافة الوعي الصحيح بعيدا عن التخويف ، كما تقوم بعض الأجهزة المعنية في الصحة والدفاع المدني وبعض المؤسسات باتخاذ إجراءات التعفير والتعقيم ومعالجة الأماكن المهجورة وغيرها من إجراءات الوقاية لعلها تفي بجزء من المتطلبات ولكنها بحاجة إلى المزيد لان اغلب الإجراءات بعيدة عن الفئات الأكثر فقرا وهم الأكثر عرضة للإصابة نظرا لضعف المناعة الفردية والأسرية .

لقد اثبت ( كورونا ) انه ضيفا ثقيلا وغير مرحب به في العالم اجمع بغض النظر عن الطريقة التي ولد فيها والتي لم نعرفها بعد ، فالوباء الذي يخلفه ترك آثارا واضحة على اقتصاديات العديد من البلدان ومنها الصين التي تعد من اكبر المنتجين في العالم ، كما تأثر الطلب العالمي على النفط وغيره من السلع الأمر الذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في أسعار النفط مما يحدث ضررا بليغا بالدول الريعية ومنها العراق ، ولان الأسباب الحقيقية للفيروس وسلوكه وكيفية المعالجة من الوباء لا تزال موضع بحث فان أكثر الأدوات تداولا حاليا هي الدعاء إلى الله بان يوضع حدا لانتشاره ، لان اكتشاف الإصابات الحالية قد انشأ وضعا غير مطمأن واستمراره ( لاسمح الله ) ينذر بالعديد من الأخطار ، وعلى المستوى المحلي فان العراقيين يتمنون أن تتخذ إجراءات أكثر صرامة على الحدود وبدون استثناءات وان لا تبقى هناك منافذ بمنأى عن السيطرة الصحية للحد من انتقال الوباء على الأقل ، كما إنهم ينتظرون الفرج في انجلاء الأزمة الحالية بتشكيل حكومة وطنية لتحل محل حكومة تصريف الأعمال لكي تتفرغ لمعالجة مشكلات الشعب ومنها الخطر القادم من الصين الذي يتسلل عبر الحدود ، وقد أثبتت أزمة كورونا بموقفها الحالي عن عجز صناعتنا في توفير ابسط المستلزمات ومنها الكمامات التي يمكن إنتاج الملايين او المليارات منها لو أعيد الاعتبار للصناعة في القطاعات المختلفة ( العام ، المختلط ، التعاوني ، الخاص ) ، ونشير هنا إلى إن الخطر الذي يداهم بلدنا والذي تزداد آثاره بعد الكشف عن المزيد من الإصابات ومنها 6 إصابات خلال هذا اليوم ، يجب أن لا يواجه بالتعويل على ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 20 مئوية خلال القادم من الأيام او من خلال العطل والتعطيل ، فهناك خفايا عن الوباء لم تكشف بعد واغلب ما يتم تداوله حاليا هي احتمالات وتتطلب دعم حكومي والفاعلية في الوقاية والعلاج ، وهذا ليست دعوة للقلق وإنما هي مناشدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات من قبل المواطنين والجهات المعنية ، أخذين بنظر الاعتبار واقع البنى التحتية في العراق من حيث عدم كفاية آماكن الحجر الصحي والنقص بالغطاء ألسريري قياسا بالسكان والنقص في الأدوية والأجهزة والمعدات وغيرها من الاختناقات المعروفة لدى غالبية السكان .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *