لماذا لا يكون عطيل أبيض اللون؟

لماذا لا يكون عطيل أبيض اللون؟
آخر تحديث:

الفن يتخطى العنصرية
 ترجمة: أحمد فاضل
في انكلترا معظمنا يعرف الممثل المعروف  ستيفن بيركوف الذي تميز بأداء الأدوار المركبة والشريرة كما في « شرطي بيفرلي هيلز» في العام 1984 ، أو في دور اللفتنانت بودوفسكي في فيلم « رامبو « بجزئيه الأول والثاني عام 1985، وعلى نقيض جميع الأدوار التي اضطلع في أدائها في السينما فإنه يعرف أيضا بأحد أبرز ممثلي المسرح الطليعي هنا حيث تم مؤخرا اختياره لأداء الدور الرئيس من قبل شركة شكسبير الملكية في مسرحية شكسبير ذائعة الصيت «عطيل» التي طالما لعبت من قبل الممثل الأسود
 هيو.
حيث كان يعتقد دائما بأن من يمثل هذه الشخصية المحورية يجب أن يكون ممثلا أسود، لكن بيركوف رد بغضب من على صفحته في الـ «فيسبوك».
مذكرا بأداء لورانس اوليفييه في «عطيل» في العام 1965 قائلا: « كنت محظوظا بمشاهدة هذا الحدث الكبير حيث جسد أوليفييه وهو الرجل الأبيض هذه الشخصية السوداء بكل براعة وإتقان، وهو في الواقع حدث عظيم وكل من تابع رؤية هذا المشهد المسرحي بما فيهم المتكلم يعلم أن مثل هذا الحدث لن يحدث أبدا مرة أخرى .»
اليوم يمكن أن تقلب المعادلة مرة ثانية ويطل علينا عطيل خلافا لما جرت عليه العادة باختيار ممثل أسود لهذا الدور، الذي لو عرض على مؤلفه افتراضا عمن يختار لتجسيد دوره هل هو ممثل أبيض أم
 أسود؟
لاختار الأخير لاعبا له، لأنه من غير المناسب أن تكون هناك رؤية عنصرية للموضوع مع ان اوليفييه عندما قام بتجسيد دور « عطيل « قبل 50 عاما احتاج لوضع المكياج على وجهه وبقية أطراف جسمه ليبدو أسود، كما أراده شكسبير ويجب أن يكون كذلك ممن ينحازون له، لكن الفارق هنا هو في قوة تقمص دور ذلك القائد الأسود وتميزه .
والشركات التي تدير المسارح في الوقت الحاضر تلتزم تقريبا  بتوفير كل شيء له حتى ان بعضها أكثر حماسة من كبرى شركات الإنتاج السينمائي رائدهم كما يعرفها العاملون في المسرح العمل غير التقليدي، والذي في كثير من الأحيان يعني الانحياز لأي منطق درامي أو بصري
 فيه.
فجيمس إيرل جونزعلى سبيل المثال هو ممثل أميركي أسود نال شهرة كبيرة، وهو واحد من أعظم الممثلين في تاريخ الولايات المتحدة منذ أن لعب على مسارح برودواي أول مرة في العام 1957 أدوارا رائعة فاز بسببها بالعديد من الجوائز بما في ذلك جائزة توني وجائزة غولدن غلوب لدوره في « الأمل الأبيض الكبير «وفاز كذلك بثلاث جوائز إيمي من بينهم اثنان في العام 1991، وهذا مؤشر على مدى ما أصبح به الفن هناك, متخطيا كل ما كان يحيط به من عرقية وتفرقة عنصرية، وكأن هذا الجمهور مصاب بعمى الألوان كما يحلو لأحد النقاد تسمية ذلك، فلماذا لا يكون عطيل أبيض؟
وهذا ما ذهب إليه أصحاب المسرح الطليعي بوصفهم غير التقليديين الآن حيث أجابوا وبشكل واضح عن مقبولية ذلك البديل الذي كان يتأرجح دائما في اتجاه واحد بسبب لون بشرته « ، وما دام الأمر كذلك فإنه سيكون من المفترض منطقيا بالنسبة للممثل الأبيض اللعب على شطري ذلك  كما هو الحال بالنسبة للممثل الأسود.
حتى وان كان الأمر بهذه الصورة كذلك فإنها لن تكون هناك موافقة مطلقة لتطبيق هذا الأمر وهذا هو السبب الذي يجعلني أختلف مع  الأمازون لوقف بيع «DVD «فيلم «عطيل» الذي جسد بطولته اوليفييه والعالم طوى وإلى غير رجعة تلك الرؤية القاتمة لموضوعة الرق، وسوف يكون من السهولة بمكان صعود الأبيض أو الأسود لتجسيد ذلك الدور الشهير أو أي دور آخر في المستقبل .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *