مدينة المتنبي

مدينة المتنبي
آخر تحديث:

باقر صاحب  
غدا تمر الذكرى العاشرة لحادثة تفجيرشارع المتنبي، ولا بد من استذكار يليق بشارع ثقافي غدا عالميا، فلم يحظ أي رمز ثقافي على تضامن دولي، مثلما حظي شارع المتنبي، رمز الثقافة العراقية المتجدد أبدا..فمشاريع إحياء له انطلقت في أميركا والغرب. «يقال ان الشاعر وبائع الكتب  الأميركي بوسوليل عندما قرأ خبر حادث تفجير الشارع في النيويورك تايمز قال» لو كنت عراقيا لكانت مكتبتي في ذلك الشارع.. وبصفتي شاعرا لكان ذلك المكان هو مجتمعي الثقافي».جاء ذلك في مقالة نشرتها الغارديان البريطانية، ترجمة عبد الخالق علي، ونشرتها جريدة المدى قبل أكثر من عامين، لنتصور بذلك مدى الاستذكار المستمر من الصحافة الغربية لهذا الحدث، وتذكر المقالة تفاصيل نشر مختارات من ردود الأفعال التحريرية لكتاب من أميركا وبلدان أخرى، ما شكل انطلاقة مشروع عالمي عن هذا الشارع، تسمية المشروع «شارع المتنبي يبدأ من هنا» تدل على العمق الثقافي لهذا الشارع وفرادة  التضامن الإنساني الذي اكتسبه بعد حادث التفجير. مشهد شارع المتنبي وهو يؤمه مئات، بل آلاف من البشر صبيحة كل جمعة هو الرد الثقافي الاجتماعي الاحتفالي  الكبير على جريمة الإرهابيين التي راح ضحيتها 30  شهيدا و100 جريح عدا تدمير المكتبات وإحراق الكتب بما يذكرنا بفعلة هولاكو الشنيعة حين احتل بغداد، فرمى جميع ما احتوته مكتباتها في نهر دجلة ، فاصبح لونه ازرق . مضى المغول وجميع المحتلين في تاريخ العراق القديم والمعاصر، وبغداد تستعيد كالعنقاء مجدها الحضاري والابداعي بعد كل حقبة مظلمة، وهاهم «الدواعش» يمضون مهزومين، بفضل قواتنا الأمنية البطلة بكل صنوفها، وستكنس كل بقاياهم النائمة.شارع المتنبي بواقعه الثري المتنوع ينتج بيئة ثقافية شعبية غير طاردة للنخبوية، وإنما تتجاور معها وقد تتفاعل عبر مزيج من الفعاليات الثقافية المتفرعة إلى الأدب والفن والفكر، فضلا عن الهوية الرئيسة للشارع بأنه شارع بيع وشراء ونشر الكتب.عالمية المتنبي التي تحدثنا عنها قد تكون منطلقا للحديث عن ضرورة الاهتمام الجدي به من قبل الحكومة، إلى درجة القول بضرورة جعله شارعا سياديا، لأن التفكير بمرحلة ما بعد «داعش»، يتطلب النهوض بكل مايفيد أن تكون بغداد ورمزها الثقافي المتعاظم واجهة معرفية– إبداعية  سياحية، تروي لكل مرتاديها إرادة شعب وإشعاع مدينة محبة للحياة والجمال.إزاء ذلك نقترح استثمار كل مقتربات شارع المتنبي، خصوصا تلك الممتدة بين الشارع وساحة الميدان لتكون مشروع مدينة ثقافية وسط العاصمة، مراكز ثقافية، ودور سينما ومسارح، فضلا عن مقاه ثقافية وكل ما يديم حراكها ونشاطها البشري صباحا ومساء. متى يصبح الحلم حقيقة نكون قد أنجزنا انتصارا حضاريا جماليا  آخرعلى «داعش» يضاهي طرده العسكري الآن من كل مدننا وقصباتنا.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *