البصرة /شبكة أخبار العراق- بعد معارض عدّة قدّمها الفنان عبد العزيز الدهر، يعود مرَّة أخرى في معرضٍ جديد بعنوان (مدينة بأكثر من عين). المعرض الذي يتكون من 30 لوحة تشكيلية رسمت بالألوان الزيتية والأكريليك، يتحدّث عن البصرة بوصفها يوتوبيا من جهة، والمكان بوصفه ماضياً لعبت به يد الزمان، وكانت هذه الرؤى سارية على اللوحات الثلاثين جميعاً، فقدّم البصرة مدينة البصرة، وبصرة الأربعينيات، وبصرة السياب، وبصرة السبعينيات.. فضلاً عن شخصيات اشتهرت في المدينة مثل عازف الناي والفنان تومان، الذي عرف بأنه يعزف الناي بأنفه وليس بفمه.وفي حديث خاص مع الدهر، أشار إلى أن هذا المعرض يمثّل رؤية للمدينة من خلال وجهة نظر معاصرة، إذ يحاول أن يرى المدينة التي يعشق وليست المدينة الواقعية، لهذا استعان بصور قديمة، “لكن أضفت إليها لمسة جديدة تمثّل رغبتي في الكيفية التي تكون المدينة عليها، من خلال استخدام الأساليب الفنية المعاصرة والتقنيات اللونية”.
أما عن تقنيات بناء اللوحة لدى الدهر في هذا المعرض، فقد قال: إن التقنيات نابعة من اسم المعرض نفسه (مدينة بأكثر من عين)، أي مرة يرسمها بشكل واقعي، وأخرى بتجريد، وثالثة بحلم، أي أن الأساليب اختلفت، لكن بقيت البصرة واحدة، “لذلك ترى أنني أنظر لها من خلال الحلم أو البحث عن اليوتوبيا، ومرة أخرى الموروث الثقافي والأدبي، مستثمراً السندباد ورحلاته وكيف انطلق من البصرة والبِحار التي مرّ بها، وثالثة أرى البهجة والفرح أيام طفولتنا وتمتعها بشخصيات بصرية بقيت في الذاكرة مثل تومان الذي ركزت عليه وعددته ثيمة المعرض.. أنا أرسم الواقع لكن بوجهة نظري أنا وليس كما هو”.الدهر قدّم أكثر من معرض سابقاً اشتغل فيها على مدارس عدّة، ابتدأ بالواقعية وانتقل إلى المدارس الحديثة مروراً بالتجريد، غير أنه يعود من جديد إلى الواقعية التي رغب أن يعود إليها، “وربما سأنهج مدرسة جديدة في معرضي المقبل، فأنا لا أبقى على مدرسة واحدة..”، مبيناً أن فناني العالم بدؤوا يعودون للواقعية، لكن برؤيا وتقنيات وأفكار جديدة، إلى درجة ظهور ما يسمى الآن بـ(الكلاسيكية الجديدة)، بحيث بدأ الفنانون في العالم إعادة مدارس قديمة لكن بأساليب جديدة.. “أنا شخصياً لا أحبذ البقاء على ستايل معين أو مدرسة واحدة، لأني أعتقد أن وضع الفنان نفسه في مدرسة واحدة تقييداً له، لماذا لا ينطلق الفنان ويعبر كل مرة عن نفسه بالأسلوب الذي يراه مناسباً لكل مرحلة وموضوع”.
اختلفت الأفكار التي قدّمها الدهر في معرضه هذا، فبعض الأعمال جاءت نقلاً مباشراً للواقع، وأخرى أضاف عليها الكثير حتى أصبحت وكأنها حلم، وجاءت ثالثة لتمثّل أطيافاً لمدينة لم تعد هنالك.. وفي جوابه عن سؤالنا إذا كان قد بنى بعض اللوحات واقعياً وأضاف عليها خطوطاً من التجريد؟ قال إنه لم يفعل هذا، وإن فعله فهذا يعني أنه أراد أن يقنن اللوحة بشكل آلي، أي سوف ترسم وتضيف فيما بعد، لكن إذا وضعت روحك في لوحةٍ ما وهي من تتحدث، عند هذا ستخرج اللوحة بما تريده روح الفنان، في بعض الأحيان تحتاج تلك الروح إلى لمسة واقعية وأخرى الى تجريد مطلق.. “بالنسبة لي أردت أن أعبر عن إحساسي وشعوري بالانتماء لمدينتي، في بعض الأحيان يجسّد ذلك الإحساس من خلال الحمام الذي يطير بين النخيل، ومرات من خلال الحلم.. الأساليب جميعاً تكون مطواعة في سبيل اللوحة التي أريد”.وعن المنهج الذي اعتمده الدهر في تفكيك الواقع، فإننا نرى أن بعض الفنانين يهشمون بعض أضلاعه لكي يقدموه كما يرونه خرباً بعيداً عن الحياة، وبعضهم يعيد بناء الأضلاع المهشمة من أجل إخراجه بأجمل صورة، وهو ما يؤكده الدهر، موضحاً أن هذا هو أسلوبه، وهذا يكمن في كيفية نظرة الفنان للوحة وللواقع، “بالنسبة لي الواقع معين لي ويقودني إلى رؤية أبتكرها، فأنا أستفيد من الواقع لتحقيق ذاتي وعملي الفني”.