مغدورون وليس مغيبين؟

مغدورون وليس مغيبين؟
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

لم يسدل الستار رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي على قضية إنسانية تتفاعل على أكثر من صعيد عندما وصف آلاف المغيبين العراقيين بأنهم مغدورون، فاتحا الباب أمام مشهد جديد يتعلق بحياة نحو 22 ألف مغيب منذ تداعيات سيطرة “داعش” على عدة مدن عراقية وردود الأفعال الانتقامية من قِبل ميليشيات مسلحة طاولت سكان المدن بعد استعادتها من “داعش”، وهي محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وحزام بغداد.ومنذ العام 2014 وما تلاه من عمليات انتقام وقضية المغيبين تتفاعل رغم دعوات كثيرة لغلق هذا الملف الإنساني وتداعياته على عوائل المغيبين وانتظار عودتهم إلى أسرهم، إلا أن الحلبوسي لغاية تأكيده أنهم مغدورون فارقوا الحياة، ينبغي إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بالتعويض. أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح، لقدغيبوا وتم اغتيالهم في تلك الفترة، كما يؤكد الحلبوسي.
وبقي ملف المغيبين حاضرا في المشهد السياسي لخطورته المتعلقة بمصير أكثر من عشرين ألفًا من تلك المناطق رغم دعوات غلقه من قبل مسؤولين حكوميين ومنظمات معنية بحقوق الإنسان من دون أمل لاختراق هذه القضية الإنسانية التي باتت قضية رأي عام لاحقت تداعياتها الحكومات المتعاقبة التي عجزت عن إيجاد حل لها.وطبقا لحال التوصيف الجديد لقضية المغيبين، فإنها باتت أكثر خطورة من توصيفها الأول بعد انتقالها إلى حال (المغدورين) أي جرى تصفية وقتل هؤلاء وتم إما دفنهم بمقابر جماعية وإخفاء أماكن قتلهم ودفنهم، وهو الأمر الذي سيترتب عليه استحقاقات ذوي المغدورين، سواء كانت عشائرية او قانونية عبر القضاء لملاحقة الجناة وجلبهم لينالوا جزاءهم العادل.واستنادا إلى مستجدات ملف المغيبين فإنه يخضع حاليا لمساومات وخلافات سياسية بين أركان العملية السياسية؛ لأن الحلبوسي لم يغلق هذا الملف وإنما فتحه على مصراعيه من حيث يدري أو لا يدري. فانتقال المغيبين إلى سجل المغدورين إقرار واعتراف رسمي بقتل 22 ألف عراقي لم يرتكبوا جرما، وإنما قتلوا بعد سوقهم إلى ساحات التصفيات من قبل غلاة الميليشيات المسلحة إيغالا بالقتل على الهُوية.وما يعقِّد ملف المغيبين والمغدورين هو صعوبة ـ وربما استحالة ـ إعادة السكَّان المهجرين من دون وجْه حق إلى ديارهم، من دون الكشف عن الجهة التي غيَّبت المغيبين وحوَّلتهم إلى ضحايا، أهمها إعادة فتح ملف السجناء بتهم كيدية ووشايات المخبر السرِّي تتعلق بالإرهاب، وإقرار قانون عفو عام جديد.وعندما نتوقف عند خطورة ملف المغدورين فإننا نشير إلى قضية لا تقل خطورة عن هذا الملف وهو ملف جرف الصخر (حزام) بغداد الذي هجر سكانه ومنعوا من العودة إلى ديارهم منذ عام 2014، ناهيك عن عجز أي مسؤول حكومي الدخول إلى هذه البلدة، الأمر الذي يجمل أحماله الثقيلة غير قادرة على فتح هذا الملف الذي بقي عصيا على الدخول إليه. والمستغرب في تداعيات ملف المغدورين أن حياة نحو 22 ألف عراقي لم يحرك ساكنا من قبل منظمات حقوق الإنسان في المجتمع الدولي ولا حتى ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنيين بلاسخرت وهو موقف بات ينظر لما يجري في العراق بعين واحدة من دون أن يرف لها جفن العين الثانية، وهي قضية وضعت على أدراج النسيان.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *