مقاربة بين احتلالين

مقاربة بين احتلالين
آخر تحديث:

بقلم:أحمد صبري
في مقاربة تعكس سياسة الكيل بمكيالين في التعاطي مع أزمات وحروب العالم وحُكم القوي على الضعيف، وما خلَّفته هذه السياسة من ضحايا وتدمير واحتلال، وعلاقتها بمستقبل الأوطان، فإن التعاطي مع غزو العراق للكويت 1990 واحتلال العراق عام 2003 يمثلان قمة ازدواجية المعايير بالتعاطي مع احتلالين تسببا في مقتل وإصابة وتشريد الملايين، وتدمير البنية التحتية فيهما.
فغزو العراق للكويت ترتب على الأول دفع تعويض أكثر من 52 مليار دولار والاعتراف بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحالة بين العراق والكويت، فيما لم تدفع أميركا للعراق أي تعويض لاحتلالها العراق رغم أنه أيضا غير شرعي وخارج إرادة المجتمع الدولي.
وهذه المقاربة وازدواجية المعايير سلط الضوء عليها موقع أميركي (كومون دريم) في تقرير أكد فيه أنه في الوقت الذي دفع فيه العراق مليارات الدولارات كتعويضات لغزو الكويت عام 1990 فإن الولايات المتحدة لم تدفع بنسا واحدا كتعويض عن كل الدمار الذي تسببت به في العراق.
وذكر التقرير “في الوقت الذي تسبب فيه الغزو الأميركي للعراق وبعده الحصار بنزوح أربعة ملايين شخص وهجرة ما يقارب من مليون ونصف عراقي خارج البلاد وموت مئات الآلاف من المدنيين ما عدا الأيتام والأرامل التي خلَّفتها الحروب الأميركية في البلاد، فإن العنوان الرئيسي الذي لن يرى أبدًا هو أن الولايات المتحدة لم تدفع تعويضات عن غزوها غير القانوني للعراق في عام 2003”.
وطبقا للتقرير فإن ذلك يعكس خللا جسيما في منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث تكمن المشكلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتطبيقهما “العدالة” فقط على البلدان الصغيرة والضعيفة في العالم، بينما يفلت الأغنياء والأقوياء من العقاب .
وتابع التقرير أن “غزو إدارة بوش للعراق عام 2003 قد انتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي مثلما فعل غزو العراق للكويت، فقد كانت حربا عدوانية بدون أدنى شرعية في القانون الدولي، وعلى الرغم من رفض مجلس الأمن إعطاء الإذن بالحرب على العراق ضرب الرئيس الأميركي جورج بوش الابن كل القوانين الدولية عرض الحائط ودخل الحرب دون أي مبرر قانوني”.
وبيَّن التقرير أن “الأميركان منغمسون في أنفسهم لدرجة أنهم عندما يتحدثون عن الضرر الاقتصادي لحرب العراق، فإنهم يشيرون إلى 6 تريليونات دولار التي تكفلتها الولايات المتحدة في نهاية المطاف. لكن هذا كان مجرد تكلفة متابعة الحرب ورعاية قدامى المحاربين الجرحى، لكن التساؤل يبقى: ماذا عن الضرر الذي لحق بالعراق؟
والجواب إنه لن يكون لدينا حقًّا حُكم دولي للقانون دون تطبيق العدالة على الجميع دون استثناء، فلا توجد دول أو قادة متميزون، وحتى تظهر القوة العظمى إلى دفع تعويضات لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف”.
ونختم بالقول: لماذا تحمل العراق وحدة تداعيات غزوه للكويت فيما لم تتحمل الولايات المتحدة أي تعويضات جرَّاء احتلالها للعراق.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *