السلاح السياسي والسلاح العشائري

السلاح السياسي والسلاح العشائري
آخر تحديث:

بقلم:علي سليم عمر علي

يقال “فلان يخوط بصف الإستكان” او “عِلّان يثرد بصف اللگن”. ربما ظن العديد منا ان المثلين لهما نفس القصد والمعنى غير انهما في الواقع مع وجود بعض التشابه يعبران عن وضعين مختلفين في الشدة والقصد. المثلان ينطبقان على الكاظمي.

حكومة الكاظمي كما هو معلوم مؤقتة بهدف رئيسي واحد الا وهو اجراء انتخاب مبكرة لا تعتمد نفس الآليات السابقة من قانون ومفوضية وتجري تحت اشراف أممي تؤمِّن نزاهة التصويت وتضمن تشكيل حكومة هدفها يتمثل في صرخة الشارع المنتفض “نريد وطن” وهو شعار جامع لنبذ كل معطيات العملية السياسية التي رسخت المحاصصة الطائفية والعرقية والفساد وخرق القانون والدستور وانتهاك حقوق المواطن وتردي الخدمات وتفشي البطالة وضياع السيادة والارتهان الى الأجنبي.

حكومة الكاظمي ليست حكومة “نريد وطن” لأنها قائمة على نفس الأسس المنخورة للعملية السياسية القائمة منذ عام ٢٠٠٣ وتقوم على نفس القواعد من احزاب سياسية وهيئات دينية وكيانات اجتماعية ومؤسسات مدنية وعسكرية وميليشياوية بالية، ويديرها نفس الشخوص المثقلون بتهم الفساد وسوء الإدارة والتبعية للأجنبي، وهي بالتالي ليست مؤهلة للأصلاح، فضلا على ان الكاظمي لا يمتلك اية ادوات تساعده على تحقيق هذه الأهداف الكبيرة وينقل عنه انه يقول في مجالسه الشخصية انه مثل الحسين لوحده في الساحة، لا عضيد ولا مجيب.

لهذا عندما يكرر الكاظمي ليل نهار دون كلل ولا ملل مقولات السيادة وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد والعراق اولا نقول انه “يخوط بصف الإستكان” لانه ترك واجبه الرئيسي وراح يخوض في مجالات لا علاقة لها بأصل الغرض من تشكيل حكومته ولا قدرة له على تحقيقها ويضيع وقت البلد وجهده فيما لا طاقة به عليها ويضطر اما عمدا او من حيث لا يدري، وهذا هو الأرجح عندي، الى خلق المزيد من الأزمات.

خذ مثلا حملته الأخيرة على ما يسمى السلاح المنفلت. الكل يعلم ان السلاح المنفلت المقصود هو سلاح سياسي طائفي تحمله الميليشيات او فصائل المقاومة او الفصائل الولائية، سمِّها ما شئت، وهو اذا اردنا الإنصاف ليس سلاحا منفلتاً وانما جزء من المؤسسة العسكرية بقانون تحت لافتة الحشد الشعبي، مع ذلك يقوض اركان الدولة ومؤسساتها الشرعية ويفرض اجندات اجنبية بغيضة، وحل اشكاليته لا تتطلب حملات فرض القانون او عمليات جهاز مكافحة الإرهاب لان هذا السلاح لديه مرجعيات دينية وسياسية تأتمر بأمرها ويمكنها ان تنتهي بفتوى او قرار اذا صدقت الأقوال وخلصت النوايا.

عندما يغض الكاظمي الطرف عن السلاح السياسي ويستهدف السلاح العشائري، وعلى نطاق ضيق ولعدة ساعات فقط، في الحسينية ببغداد او جنوب البصرة مع ضجيج اعلامي غير مسبوق، نقول ان الكاظمي “يثرد بصف اللگن” ولا نقول هنا “يخوط بصف الإستكان”، اللگن اساسا وعاء لغسل اليدين قبل الأكل وبعده وليس إناءاً للطعام أساساً، فالثرد بصفه، فضلا على الإنحراف عن الهدف، يدل على الفساد والمزيد من التضليل والنكد.

السلاح العشائري، وإن وصل به الحد الى الفجور في الخصومة والإعتداء احيانا بسبب الظروف التي مرت على البلد، ليس سلاحا منفلتاً بمعنى الكلمة، والأهم انه لم يصوب نحو الدولة قط. ثمَّ متى كانت العشائر منزوعة السلاح منذ ايام السيف والرمح والخنجر لكي نعتبر سلاحها منفلتاً وكأنها اقتنته الآن فقط؟. صف الرصاص، وهو حزام عتاد البندقية الذي يلفه رجل العشيرة حول خصره ومتقاطعاً على منكبيه، لا يقل شرفا واعتبارا عن العقال، ولم يسبق لهذا السلاح ان صوب الا لصدر المستعمر الأجنبي او فيما بينهم بأسوأ الأحوال، بل ان الدولة ربما لجأت اليه في بعض الأحيان وطلبت منه العون والحماية، وهو من زاوية ما عامل ردع وتوازن بين العشائر نفسها وربما منعها من التمادي في العداوة مع بعضها البعض.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *