شبكة أخبار العراق :وصلنا عبر الإيميل مئات الأسئلة ، من نساء ورجال، يحملون أمراضاً وأسباباً مختلفة ، ويسألون عما إذا كان من حقهم إفطار شهر رمضان –، ومن هذه الأمراض نختار أمراض الأنيميا، والكُلى ، والقلب ، والسل ، والسرطان ، وهشاشة العظام ، والصرعٌ، والمصاب بجلطة، أو شلل من أى نوع ، وايضا يسألون عن الحامل والمرضعة، وايضا عن أصحاب الأعمال الشاقة، مثل أعمال البناء والحدادة والفلاحة وغيرهم ممن يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة وايضا عمن هم دون سن البلوغ وايضا سؤال عن لاعبى الكرة ،وسؤال من أحد اللواءات عن الجنود أثناء التدريب عما إذا كان لهم حق الإفطار أم لا — وللإجابة على هذا السؤال نقول :-
بداية بتوفيقً من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلباً للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله –، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم —————————— اما بعد
فالقرآن الكريم يقول عن صيام رمضان فى سورة البقرة الآية 184 (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) وايضا من نفس السورة الآية 185 ( وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ص ق — ولأن الشارع يريد التيسير على العباد عكس مايسعى إليه بعض الفقهاء من تشديد ، فلم يضع الشارع عقوبة على من يفطر رمضان ، لأن الصيام هدف معنوى قائم على القدرة والإستطاعة والإحساس بالضعيف والفقير والمريض، وفى نفس الوقت عَظَمَ الشرع من شأن الصيام وأجر الصائم ، إلا أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه لقول الرسول (ع) عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) (إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه ، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه ) رواه الطبرانى فى الكبير وايضا البزار ، ولأن الله رخص لغير القادرين من المرضى وغيرهم ممن لا يطيقونه أى لايستطيعونه الإفطار، فقد طالبَ من كان منهم مقتدراً إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ، وإن كان الإنسان فقيراً وغيرُ مقتدرٍ فلا شىء عليه — ،لأن الصيام أساسه الإستطاعة ، فيسقط الصيام لغياب الإستطاعة والقدرة ، مثل المريض بالأنيميا ومريض الكلى الذى يحتاج لشربِ الماء كل ساعتين على الأقل ، وايضا مريض القلب ومريض السل ومريض السرطان، وهشاشة العظام ،والصرع ، والمصاب بجلطة، والمصاب بشلل من أى نوع ،وكذا الحامل والمرضعة لعدم إستطاعتهما ولحاجة الجنين والرضيع للغذاء ، وكذا الحائض والنفساء ، لأنه لا يستقيم الشرع مع الضرر ،لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة ، وحتى لا يلحقهم مشقة من الصيام أو يسبب تضاعف للمرض ، أو تأخر البرء والشفاء منه ، لذا يُرخص لهم في الإفطار،وعند الشفاء وإنتهاء العذر عليهم قضاء هذه الإيام أو إطعام مسكين عن كل يوم –،ايضا من يعملون فى أعمال شاقة ويكون الصيام سبباً فى توقفهم عن نصف مدة العمل المعتاد يومياً بسبب عدم الطاقة والإستطاعة ،لأن العمل عبادة لا تقل عن الصيام ، فله أن يُفطر، ويطعم مسكين عن كل يوم ،إذا كان يستطيع مالياً ، ايضا للمسافر سفرًا يجوز فيه قصر الصلاة بأن يبلغ ثمانين كيلو متراً فأكثر يحق له الإفطار، والمسافر عليه قضاء الصيام فى أيام آخرى ، وايضا من هم دون سن البلوغ فلهم رخصة الإفطار لأن الجسد فى فترة تكوين ولم يُكتمل، فيُكره صيامهم يوماً كاملاً ، ايضا يحق للاعبى كرة القدم الأفطار يوم المباراة إذا كانت نهاراً لإحتياجهم لشرب الماء وعليهم القضاء فى يوم آخر ،أما بالنسبة للجنود والضباط فلهم الحق فى الإفطار أثناء التدريبات الشاقة وأثناء المهام القتالية وعليهم القضاء أو إطعام مسكين عن كل يوم –
وخلاصة القول أن كل الحالات السابقة لها عذر شرعى يعطيها الحق فى رخصة الإفطار ، والله يحب أن تؤتى رخصه .
نقول هذا لإجلاء الحق ولا نخشى إلا الله وإبتغاء رضاه
الشيخ د مصطفى راشد عالم أزهرى وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى
ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان