إنهم يخدمون ترمب ولا يعلمون

إنهم يخدمون ترمب ولا يعلمون
آخر تحديث:

 بقلم:ابراهيم الزبيدي

من يستمع إلى فضائيات وإذاعات وصحف تكره الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وتتحد من أجل إزاحته عن كرسي الرئاسة، يتوهم بأن كل شيء قد انتهى، وأن باراك أوباما العائد بثياب جو بايدن قد تمكن من رقبة غريمه الذي ألغى الكثر من قوانينه ومخلفاته ومشاريعه، وطرد جميع أنصاره في الإدارات كافة، بل سخر من كثيرٍ مما فعله في ثماني سنوات. والحقيقة أن هناك مبالغات وتزويقات وتبهيرات كثيرة، فيها قليل من الحق وكثير من الباطل، وذلك لأن كل حزب بما لديهم فرحون.

إن الوقت ما زال مبكرا لمعرفة الاتجاه الفعلي للرياح الانتخابية. والمعتاد في كل انتخابات أن تحدث مفاجآت غير محسوبة للجمهوريين، وللديمقراطيين، كذلك.

والمسألتان اللتان شغل المحللون العراب، وخصوصا العراقيين، أنفسَهم بها وبنوا عليهما تصورات هزيمة ترمب، أو على الأقل خلخلة معنوياته وتقليص مؤيديه الناخبين، هما:

الأولى كورونا والحرب التي شنها الديمقراطيون، بايدن وأوباما وبيلوسي وكلنتون والسي إن إن ونيورك تايمز وياهو، على إدارة ترمب، وحملوها الفشل في معالجة أضرار الجائحة لم تلقَ في الشارع الشعبي الأمريكي صدى كبيرا، وذلك لأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية ليس فيها تقصير، وليس في إمكان أي حكومة أخرى أن تفعل المزيد.

وقد ساهم حكامُ ولاياتٍ ديمقراطيون شاكسوا الإدارة الفيدرالية في جهودها للحد من الأضرار في إفشال حرب المعسكر الديمقراطي تلك. فقد أفقدوا حزبهم احترام الغالبية من المواطنين الذين ملوا من التلفيقات المتلاحقة والمعارك العديدة التي أراد بها الديمقراطية هزيمة ترمب، والتي لم يربحوها وارتدت عليهم بضرر كبير، ومنها ملف علاقة ترمب مع روسيا، ثم قضية العزل الشهيرة التي شغلوا بها الدولة ومؤسساتها وأنفقوا عليها من المال والجهده الكثير دون جدوى.

أما المسألة الثانية فهي جريمة الشرطي (الأبيض) الذي خنق المواطن الأفريقي الأمريكي جورج فلويد والتي أشعلت ولايات عديدة بالتظاهرات.

فهو أولا ليس من أسرة ترمب ولا من حزبه. والمسؤولون عنه هم حاكم ولاية مينسوتا ورئيس الشرطة، خصوصا وأن عليه سبع عشرة شكوى سابقة كانت كافية لجعل رؤسائه في الولاية يقررون طرده من سلك الأمن، على أقل تقدير.

وحين تجالس المواطنين الأمريكيين العاديين المستقلين الذين لا يشغلون أنفسهم بالسياسة، ولا يهمهم أكثر من الرواتب والحوافز والتخفيضات الضريبية والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، فإنك تسمع منهم شيئا آخر لا تسمعه من معسكر بايدن أوباما بيلوسي.

فأول ما يقوله هؤلاء هو أن الجريمة قد وقعت فعلا، وسيلقى مرتكبوها الجزاء العادل، ولكن التظاهرات ليست كلها بريئة دافعُها المطالبة بالعدالة، والرفض المشروع لعنف الشرطة، والاحتجاج على تمييز عنصري مزعوم، بل إن خلفها الحزب الديمقراطي، ومعه جبهة عريضة من أعداء ترمب والمتضررين من سياساته وقراراته وتغريداته، بدءً بالصين وروسيا وصولا إلى إيران وفينزيلا وأحزابٍ عديدة أهمُها الجماعات الإسلامية العربية والأفريقية الأمريكية المعروفة بالعداء للحزب الجمهوري، ولترمب شخصيا، والذين هم، في نظر هؤلاء الأمريكيين المستقلين المحايدين، أعداءٌ لكل ما هو أمريكي ومناصرون لإيران والإخوان المسلمين والقاعدة وداعش، كذلك.

بعبارة أخرى، لقد أخطأ باراك أوباما وجو بايدن ونانسي بيلوسي وهيلاري كلنتون بمعارضتهم استخدامَ الجيش لمنع عمليات النهب والسلب والحرق والتكسير التي راح ضحيتها أصحاب دكاكين ومؤسسات لا علاقة لهم بالحكومة، وليسوا من الأمريكيين البيض، بل أكثرهم مواطنون أمريكيون من أصول أفريقية وأوربية وآسيوية ولاتينية، وغير ذلك.

ومن أكبر أخطاء جو بايدن حديثُه عن الأمريكيين الأفارقة وعن أبناء الأقليات الأخرى باعتبارهم سندَه الأكيد في الانتخابات، فهو بذلك قسم الشعب الناخب الأمريكي قسمين، أغلبية بيضاء مع ترمب، وأقليات (ملونة) مع بادين.

ويعتقد مواطنون أمريكيون، ومنهم عرب وأفارقة أمريكيون، بأن هذه لعبة خطرة كان ينبغي عدم التورط فيها. فالذي يدافع عن المتظاهرين، ولا يميز بين مسالمين ذوي نوايا حسنة وبين مخربين ولصوص ومجرمين إنما هو مؤازر وموافق ومبارك للفوضى والغوغائية التي شهدتها مدن عديدة.

وأخيرا، إن الشرطي الذي خنق جورج فلويد والذين معه من رفاقه الشرطة أصبحوا في ذمة العدالة وسيلقون جزاءهم العادل. أما الذين سرقوا ونهبوا وحرقوا وكسروا وخربوا فمجرمون، ولكن معسكر أوباما بايدن بيلوسي لا يسميهم كذلك. ف

وحين هدد ترمب باستخدام الجيش لمنع النهب والسرقة والتخريب هب خصومه الديمقراطيون لمعارضته، ورددوا شعار (ترمب يريد للجيش أن يقتل المتظاهرين، وهم يعلمون، ومعهم أمريكيون بالملايين، أن الجيش لن يقتل أحدا، بل يحمي المتظاهرين ويمنع الجريمة. إنها سقطة كبيرة لن يفلتوا من ارتداداتها المؤذية، في النهاية.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *