الدين في خدمة السياسة … بقلم علي الكاش

الدين في خدمة السياسة … بقلم علي الكاش
آخر تحديث:

المهدي بين مماكحات نجادي والخامنئي

“هناك أفراد يسيئون إلى تفسير فلسفة ظهور الإمام المنتظر لأغراض سياسية بحته”. السيد مير حسين موسوي
رؤية الملعونين!
يبدو إن قائم الصدرالأب والإبن مقتدى ليس نفس قائم الرئيس السابق نجادي والخامنئي مع إن القاسم المشترك بين الطرفين إنهما ينادونه بإسمه الصريح(المهدي). وهذا وزرعظيم لايسامح عليه لا آل البيت ولا المهدي نفسه كما سنلاحظ من النصوص القادمة. فقد ذكر الصدر الأب” يوجد في الأخبار ما يكفي من إن امريكا قد أسست منذ عدة سنوات ربما(10) سنين ما يسمى بقوات التدخل السريع تحسبا لظهور المهدي(ع) وليس لشيء آخر”. وذكر الصدر الإبن بأن” القوات الأميركية لم تأت إلى العراق من أجل السنة أو الشيعة، وإنما جاءت وفق معتقدات أيديولوجية يمينية غربية، للتصدي لخروج المهدي المنتظر من العراق”. وذكر الخامنئي بأن” قيام الدولة لإسلامية العالمية يرتبط بحتمية ظهور زعامة المهدي المنتظر”. أما الرئيس نجادي فقد كرر عدة مرات بإن المهمة الرئيسية لحكومته ” تتلخص هي التمهيد الطريق لعودة الإمام المهدي”.
إن هؤلاء الأربعة يعتبرون كفارا من وجهة نظر الأئمة، فقد ورد في أصول الكافي بأن “صاحب هذا الأمر لا يسميه بإسمه إلا كافر”. وجاء في الأنوار النعمانية حديثا آخر نسب للإمام جعفر الصادق” لا يسميه بإسمه إلا كافر”. بل هم ملعونون من قبل الله والإمام نفسه! حيث جاء في الروايات نقلا عن المهدي”: ملعون ملعون من سماني في محفلٍ من الناس”. وحديث آخر “من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله”. لذلك يختصر الكليني وغيره إسمه بالحروف التالية( م ح م د) للدلالة عليه ولم يجرأوا على تسميته بالمهدي كما فعل الصدرين الأب والإبن والخامنئي ونجادي! ويؤكد الشيخ المفيد بأن إعتماد طريقة ابجد هوز في نطق إسمه يرجع إلى التقية “فهذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديمًا فيما بينهم، ويكون خطابهم للتقية”. وينصح الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد بحديث نسبه للحسن العسكري “قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه”. في حين ورد في كتب كمال الدين والبحار وعيون الأخبار” جاء هذا الحديث هكذا بتسمية( القائم) والذي أذهب إليه النهي عن تسميته”. وهذا الأمر حيرنا كما حير من قبلنا الشيخ الأربلي بقوله” من العجيب أن الشيخ الطبرسي والشيخ المفيد رحمهما الله تعالى قالا: إنه لا يجوز ذكر اسمه ولا كنيته، ثم يقولان: اسمه اسم النبي(ص)، وكنيته كنيته عليهما الصلاة والسلام، وهما يظنان أنهما لم يذكرا اسمه ولا كنيته، وهذا شيء عجيب”. لكن الكليني في الكافي يأتينا ببدعة جديدة فهو يحث الناس في حال إكتشافهم إسمه أن يذيعوه بين الناس ولا يخفوه” إن دللتم على الإسم أذيعوه”. والإشكالية في هذه المسألة: هل يجهل هؤلاء الأربعة هذه الأحاديث وهو يروون عن إمامهم الأحاديث وينقلون لنا أخباره؟ فإن جهلوها فتلك بربيً مصيبة وإن كانوا يعرفونها ويخالفونها فإن اللعنة والكفر وجبا عليهم. حتى الأئمة الذين نقلوا أخبار المهدي لم يتحدثوا بإسمه قط! فقد سماه الجواد بالقائم بقوله” القائم هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته”.
والمسأة الأخرى: هل تصح رؤية الإمام كما يزعموا؟
لم يفسر لنا الصدران طريقة معرفتهما بأخبار المهدي وتحركاته وإنما تركوا المهة لإستنتاجاتنا المتواضعة أمام علومهم الغزيرة. فهما أما يتصلان به شخصيا ويستقيا الأخبار منه مباشرة، وهنا سنقع في مطب الزمان والمكان. أو هناك نائب شبحي للمهدي يزودهما بأخباره. والإشكالية هنا هل هذا النائب معصوم كي نتمكن من تحديد درجة الثقة به ومصداقيته في نقل أخبار القائم؟ ثم ما هي وسية إتصاله بالإمام؟ وماهي شروط الإتصال؟ وهل إقتصرت على الصدرين والخامنئي ونجادي فقط؟ ومن الطرف الذي يحدد الوسيط في حال وجوده؟ وما هي المواصفات المطلوبة فيه؟ وهل هناك شخصيات وسيطة أخرى لانعرفها بعد؟ أوا إنهم يتصلون به من خلال الاحلام أو الرؤيا. أو توارد الخواطر أي الباراسيكولوجي وهنا نترك الموضوع بيد علماء الباراسيكولوجي.
الحقيقة إن رؤية المهدي أصبحة فزورة مملة على مدى التأريخ، منذ إدعاء الشيخ الأودي بأن المهدي سأله” أتعرفني؟ فقلت: اللهم لا! قال: أنا المهدي، أنا قائم الزمان، أنا الذي أملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، إن الأرض لا تخلو من حجة، ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل، وقد ظهر أيام خروجي، فهذه أمانة في رقبتك فحدِّث بها إخوانك من أهل الحق”. فبلغها الأودي على أكمل وجه. وفي بحارالمجلسي بالإسناد لعلي بن محمد بن عبد الرحمن البشري نقرأ هذه الحادثة الغريبة” قال دخلت مسجد صعصعة واذا برجل عليه ثياب الحجاز وعمته كعمتهم، قاعد يدعو بهذا الدعاء( اللهم ياذا المنن السابغة..ألخ ثم سجد طويلا وقام وركب الراحلة وذهب، فقال صاحبي: هو والله صاحب الزمان”. إذن فقد تعرف عليه من دعائه فيا للفراسة!
ومن الروايات الحديثة لآية الله جنتي ذكر بإنه يعرف “أشخاصًا التقوا بإمام الزمان وأحدهم يدعى ميرجهاني وقد التقيت به أنا شخصيًا”. ومنها ما نقلتها الفضائية الأقصى(حركة حماس) عن لسان الشيخ عيسى بدوان” حدثني أحد الأخوة الموثوق بهم، وهو من المعروفين والمشهورين ولا داعي لذكر إسمه، أنه في عام 2004كان خارجا بسيارته، فوجد امرأة عجوز قالت له: أريد أن توصلني لدار الشفاء حتى آتي ببنتي فقد ولدت، وأريد أن آخذها لبيتها. ففعل معها معروفا وأخذها. وانتظر ساعة عند بيت دار الشفاء، فلما خرجت المرأة وأخذت بنتها ومعها الطفل الوليد، جلسوا في السيارة ثم نطق الطفل وقال( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فردوا عليه السلام فقال المولود( كما أخبرنا وأبلغنا الحمد لله ذلك للشيخ نزار وبقية كبار العلماء والمشايخ، أنا الرجل الذي سيقتله الدجال ثم لا يسلّط على أحد من بعدي ولا يسلّط عليّ أيضا”. إذن هو رضيع وليس رجلا! وهو في إنتظار الدجال. أما شخصية الشيخ نزار فخبره والله أعلم عند حماس. لكن الغريب أن يسلم القائم على العلماء والمشايخ ولا يشير إلى آيات الله وأرواحه وحججه. وفي الكوفة أيضا يوجد مسجد(السهلة) ويروج أباه بأن من يصلي فيه أربعين ليلة أربعاء يحظى برؤية المهدي. إنظر في يوم الأربعاء أيضا وهو نفس اليوم الذي يلقي فيه حجاج إيران بحوائجهم في بئر جمكران! والشيخ عبد الحميد المهاجر(الشكرجي) أدلى أيضا بدلوه في هذا البئر قائلا” أن هذا الرجل النوراني ـ أي المهدي – قد إلتقى به علماء من الشيعة ومن مراجعهم في التقليد، ولكنهم أخفوا لقاءاتهم معه لأنه سر خاصٌ بينهم وبينه”. ومن الجدير بالذكر إن هذا الهراء يوجد في المراجع ما يدعمه فقد جاء في كتاب الغيبة للطوسي” أن من ليس له عمل سوء فلا شيء يحجبه عن إمامه”. لكن الطوسي زاد من حيرتنا لأنه لم يفصل لنا ما المقصود بالحجب. وهل هناك بشر كامل لم يفعل سوءا؟
من المؤكد إن الرؤية والإتصال الشخصي لا يمكن قبولهما، لأن هناك أحاديث تفندها، منها وردت في كافي الكليني وغيبتي النعماني و الطوسي وآمالي الصدوق وإرشاد المفيد وإعلام الورى وكشف الغمة وروضة الواعظين وإثبات الهداة منها” المهدي من ولدي الخامس ، يغيب عنكم شخصه”. وعن الإمام الصادق قال” يفقد الناس إمامهم فيشهدهم الموسم فيراهم ولا يرونه”. وعن الإمام الرضا قال”لا يرى جسمه، ولا يسمى باسمه” وعن الإمام الجواد قال” القائم هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته”. وعن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري يقول” الخلف من بعد الحسن ابني، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ قلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه”. من هذه الأحاديث نستدل على أن إن مصيبة الصدرين أهون بكثير من كارثة نجادي والخامنئي فالصدرين نقلا أخبارا فقط عن الإمام فقط جزن الرؤية أو لم يصرحا بها على أقل تقدير! لكن نجادي له نشاطات متعددة مع القائم.
فالرئيس نجادي يتصل شخصيا بالإمام الغائب، وهذا ما عبر عنه أكثر من مرة، وبإعلانه هذا فهو يحرج الإئمة الذين رفضوا فكرة رؤية الإمام، ويحرج نفسه، ويحرجنا معه. في الأول من شهر مايس 2009 في زيارته لمدينة شيراز ذكر نجادي بكل جديه” تحدثت بالأمس مع صاحب الزمان الإمام المهدي وطلبت منه دعمي للإنتصار على أعدائنا. والحمد لله ان صاحب الزمان مازال يلبي أقوالي وانا شاكر له جداً هذا العمل” أما الخامنئي فإنه سفه إدعاءات نجادي بقوله “يمكن لإنسان سعيد، أن تحظى عيناه وقلبه بهذا الشّرف، وتقرّ عينه بذلك الجمال المبارك، لكنه- اي نجادي- وأمثاله ليسوا من المُدّعين الدّاعين لأنفسهم، فهم بلاشكّ كذّابون ومفْترون”! يلاحظ إن كلام الخامنئي مبهم فهو يعترف بإمكانية مشاهدة الإمام لكن ينكرها على نجادي فقط. وفي تطور لاحق خرج علينا آية الله صديقي في منتصف شهر تموز 2012 بفرية جديدة كما نقلتها(مجلة باسدار اسلام) التي تصدر في قم” إن الإمام المهدي لا يتصل بأحد سوى خامنئي، ولم يكن المرشد يعرف الامام المهدي سابقا، لكن المعصوم عرفه بنفسه، وقال له بالعربية(طوبى لك، إنك فعلا ابني في هذا الزمان)”. ويبدو إنها نكاية سياسية ضد نجادي.
وفد الإمام المهدي في الأمم المتحدة
علاقة المهدي بأحمدي نجادي أوثق من علاقته ببقية ركب المنافقين والدجالين، فالمهدي يلازمه كظله في حاله وترحاله داخل وخارج إيران! عندما شارك نجادي في أعمال الأمم المتحدة في أيلول عام 2005 وألقى كلمته الشاذة، كان الإمام المهدي موفدا معه! فقد ذكر ” أشعر بوجوده فى المكان”! كما روى نجادي لآية الله جواد آملي” كانت هالة من النور تلازمني فوق رأسي وأنا أقرأ كلمتي فى مقر الأمم المتحدة”. وقد نقل نجادي فكرة المهدي إلى أروقة الأمم المتحدة بقوله “إن العالم المعاصر بحاجة ماسة إلى المخلص الحقيقي والإنسان الكامل الذي تنتظره الأمم والشعوب حول العالم، ليملأ العالم عدلاً واخوة ومحبة”. وليس لدينا تصورا عن مدى اإستيعاب فكرة المهدي من قبل الوفود الحاضرة! سيما أن ميثاق الأمم المتحدة يتحدث عن مبادئ واضحة وواقعية لإحلال الأمن والسلم وليس عبر الإمام المهدي. وربما إستغرب الزعماء المشاركون في الهيئة الدولية من تصريح نجادي بأن “الإمام عليه السلام يدير العالم، ونحن نرى يده المدبرة في شئون البلاد كافة” وتساءلوا فيما بينهم ماذا يفعلون حقا في بلدانهم طالما إنهم لا يديرون دفة الحكم فيها؟ وكيف يكون الحكم منوطا بشخص لايعرفونه؟ علما إن المهدي شخصية مجهولة لمعظم الزعماء الحاضرين. ولا أفهم كيف ستكون ردة فعل الزعماء عندما يتسائلون عن طبيعة هذه الشخصية الكونية القلقة؟ ويأتيهم الجواب بأن أدارة العالم تتم في سرداب في مدينة سامراء أو بئر في جامكران! وإن سبب إختفاء هذا المنقذ المقدس هو الخوف والبطش به؟
الحقيقة إن بعض المتنورين في إيران على قلتهم بسبب الجهل الطاغي إستنكروا دعاوى نجادي ومنهم( السيد مرتضی نبوي) فقد إنتقد دعوى نجادي إنتقادا لاذعا بقوله” إتصفت حكومة نجادي بمحاربة التيارات البورجوازية، لكن من المؤسف حقا التفّاف جماعة من المنحرفين حوله يعملون على تحقيق أهدافهم الخاصة واستغلال إيمان الناس بقضية المهدي”. ووصف السيد نبوي هذه الجماعة ” بشر بصفات شيطانية يستطيعون التأثير في الأذهان”. بل إن بعض المتنورين طالب بإحالة نجادي ومن يدعي دعواه إلى المحاكم مثل (د. نقي بور) الأستاذ الجامعي والمحاضر في الحوزة الدينية الذي أعلن بصراحة” إن من يدعِ الإتصال بالإمام المهدي علنيا، ويروج له بين الناس لغرض حشدهم لمصلحته هو كاذب وتلك تعد جريمة يحاسب عليها القانون، وفقا لطبيعة ونوع الأفعال التي استغلها بمقتضى ذلك الإدعاء”.
زفة الظهور الميمون
من المعروف إن ظهور الإمام بحد ذاته يمثل إشكالا من الصعب حله، وقد عجز علماء الدين عن ذلك، فهذه المشكلة سببت لهم إحراجا كبيرا حتى بات الشيعة أنفسهم يتندروا من غيابه وحسابات الأئمة والمراجع بشأن ظهوره بقولهم” طال الانتظار وشمت بنا الفجار”. وقد إستعرضنا التناقضات حول هذا الموضوع والحقيقة أنه لايوجد أمر يتعلق بالمهدي إلا وكانت الروايات متضاربة لدرجة السخرية. وللإستذكار فقط! ذكر الكليني في أصول الكافي حول ظهور الإمام نقلا عن الإمام أبي جعفر بأنه سيكون في” ستة أيام أو ستة أشهر، أو ست سنين”. ولتقريب الصورة بشكل أوضح: إذا سألك احدهم هل رأيت فلانا؟ وتجيبه نعم إلتقيته منذ ستة أيام أوستة أشهر أوست سنين! كيف سيكون موقف السائل منك؟ بل أن بعض علماء الشيعة ذكروا بصراحة كما جاء في أصول الكافي وغيبة الطوسي “إن الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة” وهذا الكلام كان منذ عدة قرون.
في غيبة الطوسي وبحار الأنوار ورد عن الإمام الرضا ” إن هذا الأمر لا يكون إلا مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة”. وعن أبي عبد الله قال” في القائم سُنة من موسى بن عمران، فقلت: وما سُنته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ قال: ثمانياً وعشرين سنة”. وآخر ورد في الكافي والبحار وغيبة النعماني عن أبي جعفر إنه سئل” إن علياً كان يقول: إلى السبعين بلاء، وكان يقول: بعد البلاء رخاء، وقد مضت السبعون ولم نرٌ رخاءا؟ فأجاب أبو جعفر: يا ثابت، إن الله تعالى كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة سنة”. ومضى أكثر من ألف سنة وليس(140) ستة عن هذا الحديث! الأغرب منه ما جاء في إثبات الهداة للعاملي نقلا عن أبي عبدالله” إذا فقد الناس الإمام مكثوا سبتاً لا يدرون من أي، ثم يظهر الله عز وجل لهم صاحبهم” وآخر مثله عن الباقر: ثم يقيم سبتاً من دهركم لا تدرون أياً من أي؟ فبينما أنتم كذلك إذ أطلع الله نجمكم فاحمدوه واقبلوه”. السبت يعني(30) سنة ولم يمضِ الأمر كما قالوا. وأخيرا حلها أبو عبدالله حلا طريفا بقوله” من وًقًت لك من الناس شيئاً فلا تهابن أن تكذبه، فلسنا نوقت لأحدٍ وقتاً”. وكذلك عنه” كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت، ثم قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين” لكنه نسي بأن الإمام علي أول من وقت ظهوره.
مع هذا فإن الرئيس نجادي ضرب هذه الأحاديث عرض الحائط! مؤكدا بأننا في زمن الظهور وعلى حكومته ” تسوية مشاكلها الداخلية في أسرع وقت إذ إن الوقت يداهمنا! لقد حان الوقت لكي ننهض بواجباتنا العالمية، فإيران ستكون محور قيادة العالم”. وقد وزعت (مؤسسة مبشران ظهور) بدعم من حكومة نجادي مئات الآلاف من الأقراص الليزرية مجانا بعنوان(الظهور قريب جدا) تؤكد بأن العالم على مشارف ظهور الإمام المهدي بعد إن إنتشر الفساد والظلم والجور؟ ومنذ تولي نجادي الولاية الثانية من حكمه وهو يستشهد بكل خطاباته بالإمام المهدي ويبشر بظهوره القريب فرحل من الرئاسة ولم يحن وقت الظهور.
ففي خطاب له أمام طلبة في مدينة قم، أكد أن عودة المهدي باتت قريبة لهذا لا بد من الاستعداد لاستقباله. وفي زيارته لتابعه الذليل السيد حسن نصر الله في لبنان عام 2010 ذكر بأن “المهدي المنتظر سيأتي إلى هنا وبرفقته السيد المسيح”! فهو يعلم ليس بالظهور فحسب، بل برحلات المهدي ومن يصحبه في زياراته! ولم تكن هناك ردة فعل مناسبة للفاتيكان الذي لم يفاجأ بحديث نجادي، إما إستصغارا به، أو إن الذي يعنيهم هو ظهور المسيح الدجال فقط. كما أن لدى نجادي معلومات وافية عن العقبات التي يواجهها الإمام في ظهوره. فقد أشار في خطاب له في خراسان بأن ” العقبة الاساسية امام عودة الامام المهدي هي قوى الاستكبار وعلى رأسها الولايات المتحدة لانها تحرف الفكر الانساني عن الله والانبياء وعن القيم الاخلاقية والربانية”. من ثم بَشر الأمة الإسلامية بأن” جبهة القوى الشيطانية بقيادة الولايات المتحدة في طريق الاندثار بعون الله تعالى” وإستعجل المؤمنين بالتعاليم الإلهية للفكر الإسلامي، لأن يُفعلوا كل ما في طاقتهم للتعجيل بعودة الإمام.
وتتمادى التخاريف بشكل مخيف، فقد وقعت حكومة نجادي ميثاقا مع المهدي خلال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء. وهرع وزير الثقافة فورا بإلقاء الميثاق في(بئر جمكران) في قم حيث تلقى النذور والخمس والشكاوى والرسائل لكي يطلع عليها المهدي في مقر رئاسته البديل في البئر. ففي كل يوم أربعاء يأتي العديد من الجهلة والسذج إلى هذا البئر ويرمون برسائلهم للإمام عن إحتياجاتهم وطلباتهم! والمثير إن رجال الدين يطلقون على هذه المجموعة من الرعاع(الحجاج). يبدو إن إنشغال المهدي بأحداث العالم تمنعه من كتابة الأجوبة وإرسالها لجمهوره الواعي المثقف، جمهور الألفية الثالثة. لكن والحمد لله لديه الوقت الكافي لقراءة الوثائق الرسمية التي يرسلها نجادي ووزرائه ويجيبهم عليها أو يهمش عليها بلا تباطؤ. ربما رسائل الفقراء طابعها شخصي وليس سري وعلى الفور! وقد فصل لنا مشكورا الدكتورنعيم بشير إختصاصات الإمام وهي” الظلم، الطغيان، الحروب، الكفر. تلوث البيئة، انعدام الأمن والاستقرار، الهزات الأرضية والزلازل والبراكين، انقراض الحيوانات، قلّة المطر، التصحّر… إلخ”. يبدو أن الدكتور الفهيم إستعان بتخصصات الأمم المتحدة فأضفاها على إمام زمانه؟ وهذا دكتور! فما بالك بالأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة؟
لكن هل يليق بالإمام الأممي إن يتخذ من البئر مركزا لقيادة العالم؟ بل هل يصلح البئر كمأوى للبشر؟ مسكين هذا المهدي فهو يتنقل من حفرة إلى حفرة، من سرداب سامراء إلى بئر في جمكران، كإنما كُتب علي جبينه أن لايرى نور الله! الحق يقال إن العلامة الفهامة عبد الحميد المهاجر وافر الجهالة والضلال حل لنا معضلة قضاء الحوائج دون أن يكلف الحجاج أنفسهم عناء الذهاب إلى بئر جمكران ورمي رسائلهم. إنها طريقة سهلة ولذيذة النكهة والطعم، تتلخص بتناول (جكليته/ حلوى) يوزعها السيد على المصلين، وبعد تناولها تُقضى حاجاتهم! الأحلى منه إن ردة فعل آلاف المصلين الحلويين كانت ( اللهم صلي على محمد وآل محمد). فهنيئا للمهاجر على جمهور هاجر منه عقله.
وهنا لابد من الإشارة الي التصريح الخطير الذي أدلى به مستشاري الرئيس الايراني نجاد بأن موعد ظهور الامام المهدي سيكون يوم السبت المقبل” وهذا السبت كان قبل عام مضى! ورد على هذه الدعوى الباطلة النائب (أشتياني عراقي) رئيس اللجنة البرلمانية للثقافة، بقوله إن الرئيس نجادي يهدف من هذه الدعايات إلى” إبعاد الشعب الإيراني عن تعاليم دينهم وضرب معتقداتهم في الصميم. وإن إدعاء مستشاره بظهور الامام المهدي يوم السبت المقبل ادعاء كاذب هدفه تشويه المعتقدات الشيعية”. وقد صدق النائب عراقي، لكننا لم نسمع أحدا يحاجج المستشار أو يوبخه على حماقته!
وتبقى فزورة الرؤية قائمة، ويبقى عصر الرؤية قائما!
هل عرفتم سبب إنتشار الأمية والجهل في العراق وإيران ودور المراجع الدينية في ذلك؟ بالطبع لكي يعيش الشعب في ذهنية العصور الأولى، ويتناسوا إنهم في الألفية الثالثة. ولكي يقدموا برحابة صدر خمس عرق جبينهم للمراجع الدينية ليبنوا هؤلاء الفلل ويشتروا العمارات في دول الإستكبار العالمي!

علي الكاش

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *