الفرق بين الفرس والعرب … حسين النعيمي

الفرق بين الفرس والعرب … حسين النعيمي
آخر تحديث:

في بداية عام 1982 تعرفت على شاب إيراني من حزب تودة الأيراني, وكان يدرس الطب في إحدى جامعات السويد. كنا متفقين على أمور كثيرة كالقضية الفلسطينية وكرهنا لنظام الملالي في طهران والعداء للصهيونية والأمبريالية العالمية.وكان دائماً يردد …إن لم نسقط الملالي ونظامهم سيصبحون قلعة لا يستطيع أحد من إسقاطها….ومن ثم إبتعدنا عن بعضنا لأسباب دراسية وإنتقالي للعمل في إحدى جامعات الشمال ,ولم نلتقي إلا منذ إسبوع وبالصدفة في إحدى المحاضرات العلمية فتعجبت من منظره ذو اللحية الكثة وفي جبينه كوية الباذنجان وفي رقبته سلسة ذهبية مع ميدالية مكتوب عليها …لا فتى إلا علي …لا سيف إلا ذو الفقار…فتعجبت لحاله وما طرأ عليه من تغيير شبه كلي فتصافحنا وبشوق من جانبي على الأقل فدعوته لتناول العشاء معي بعد الأنتهاء من المحاضرة فقبل الدعوة ببرود لم أعهده عليه..فقلت في نفسي لا تفسد على نفسك المحاضرة وستعرف كل التفاصيل فيما بعد.
وبعد أن جلسنا في إلى إحدى المطاعم بدأنا كالعادة الدخول في حوار سياسي حول إيران الملالي فوجدته مدافعاً وبشدة عن النظام الصفوي في طهران وبحماسة شديدة !!فتعجت من ذلك فقلت له يا دكتر كما يلفضها الفرس وليس دكتور ..ماذا بدا لك من إيجابية في نظام الملالي الصفويين كي تتغير بهذا الشكل؟؟؟
فأجاب … ببساطة يا صديقي إنني حين إنضويت في العمل السياسي كان هدفي أن أساهم في رقي بلدي ووضعه في مصاف الأمم المتقدمة,ولا أشك بأنك أيظاً تريد رفعة وطنك وازدهاره اليس كذلك؟
فقلت بسرعة وبالفطرة أكيد …وإلا لماذا تحملنا كل هذه المعانات والعذاب في غربتنا؟
فأبتسم بخبث ثم قال ولكنكم وقفتم متفرجين على ذبح العراق …فرددت لفوري لا أبداً لم أقف متفرجاً وكنت أنظم التظاهرات ضد الأعتداء على العراق ومحاولة إحتلاله من قبل الأمبريالية العالمية…فأبتسم ثانية وبخباثة أكثر وضوحاً وقال فهل منعتهم فقلت..للأسف لم أمنع ولكني فعلت ما في وسعي وخسرت مكانتي العلمية ووضائفي وأحلت على التقاعد براتب أقل من رواتب المتسكعين في الشوارع ولا زلت محارباًمن قبل أصدقائي السابقين وأعداء قضايانا المصيرية..ولكن يا دكتر أجبني على سؤالي عن الأسباب الذي أدخل عليك هذا التغيير وأنت اليساري المخضرم ؟ فاتسع إبتسامته إلى ضحكة مجلجلة !!! فقلت هل هناك ما يدعوا لهذا الضحك..فأجاب آسف ما أضحكني هي كلمة الأمبريالية يبدو إنك قد أغلقت على نفسك الأبواب وصمت أذناك ولا تبصر الحقائق ألم تصلك أخبار أعداء الأمبريالية كيف دخلوا مع الأمبريالية لأحتلال العراق؟ قلت أعرف ذلك ولكنهم سقط المتاع ولا يمثلون اليساريين العراقيين بل هم زمرة تعتاش على جراحات شعبنا…فقال ياه هل تعلم بأني نسيت معاني هذه الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟فقلت طبعاً تنسى وأنت ملتحي وقد تكون معمماً حين تزور إيران؟فأجاب بنبرة حادةغير معتادة وكأنه ينفسي تهمة مخزية أبداً لم أزر إيران ولن أزوره لأنني سأساق إلى السجن والأعدام فهل أنا أحمق كي أذهب إلى جلادي؟
فقلت إذاً ما الذي يدعوك لتشبه بهم والدفاع عنهم وأنت محكوم بالأعدام فقال يا صديقي هذا هو الفرق بين العربي والفارسي فنحن ندعمهم ليكملوا مشوار التطور العلمي والتكنلوجي في إيران وتحقيق الأمبراطورية العظمى لبلاد فارس وهذا ما جعلني أدخل معترك السياسة وعذاباتها ..فكيف أقف ضد من يحقق لي ما أحلم به؟ أما أنتم العرب تتسابقون لدعم الأجنبي على إخوانكم وتسلمون بلدانكم على طبق من ذهب للأعداء….فأنسحبت مسرعاً إلى المغاسل لأجفف دمعتي وأطفيء حرقتي من صدق قوله وأدفع الحساب وأودعه دون أن أعطيه رقم تلفوني أو آخذ منه رقمه فقال متعجباً ألا نلتقي مرة أخرى؟ فقلت له بكبرياء مصطنع سنلتقي في المرة القادمة على الجبهة فقال أية جبهة في مكة والمدينة أم في مصر فقلت لا في عراقنا العظيم فقال عراقكم كان عظيماً بصدام حسين وقد ساهم كل العراقيين في قتله حتى حزبه فأنصحك أن تترك العمل السياسي لأنها لعبة قذرة والمخلصون أمثالك هم أدوات النصر ومن ثم ضحاياه…
وغادرته والغصة لا تفارقني منذ ساعتها…
ترى ما رأيكم أنتم ؟ من منا هو المحق؟ أفيضوا علينا من حكمتكم وعلمكم ولكن أرجوا أن لا تكتبوا معلقات لن تروي عطش الضمآن

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *