المسرح.. نهج حياة

المسرح.. نهج حياة
آخر تحديث:

أمجد ياسين

في ثمانينيات القرن الماضي عندما كانت الحرب في اوجها كان للفن دور، وان اختلف عليه، مثل فهم ورؤية السلطة لتلك المرحلة ومتطلباتها.. فكان المسرح الجاد والكوميدي او ما اصطلح عليه بالمسرح التجاري هما سمتا المسرح العراقي. ان الحرب وويلاتها كانت تستوجب رد فعل باتجاه مغاير ، فكانت الكوميديا والضحك مقابل صور الشهداء واخبار الحروب الطاحنة على الحدود، وكان للمسرح الجاد حضور ايضا في بلورة صورة تلك المرحلة التي رسمتها السلطة.

في ايامنا هذه وعندما كانت داعش الارهابية تحتل نصف البلاد واثار دمارها في الشوارع والازقة والبيوت بل وفي دخل الاسرة الواحدة.. كان للمسرح الكوميدي والجاد حضور ايضا ولكن لا على وجهة نظر سلطة بل وفق اجتهادات فنانين غابت عنهم الرؤية والمشروع وستراتيجية العمل، فاصبحت الاعمال الحقيقية للمسرح عملة نادرة جداً.

 كان النظام الدكتاتوري السابق يعتبر الفن جزءا مهما من نفوذه وسلطته فكان دعمه له ترسيخ لهذه النظرة التي تقف خلفها ايديلوجية خبيثة، فقدمت اعمال كثيرة اشتغل فيها الفنانون العراقيون، والحديث هنا ليس عن جودتها بل عن مبدأ توفير فرصة عمل، ولا يستطيع احد ان يلوم اي فنان اضطرته الظروف للعمل ليعيش، فكانت شريحة المثقفين والفنانين تعي هذا الامر مثلما السلطة فتعمل وتحافظ على وضعها وكيانها. اليوم اختلف الامر، فغياب الدعم الحكومي للثقافة بصورة عامة أسهم في تجهيل وتفتيت هذه الشريحة المهمة، لتتحول الى شريحة عاطلة عن العمل تقريبا،وهذه طامة كبرى، في ان نفتت شريحة واعية ومثقفة تستطيع بما تمتلك من مهارات ان تخدم التحول الجديد في العراق بل وتقود خطابة الثقافي الى مرحلة جديدة يفهمها الاخر – العالم المؤثرالذي ينظر للعراق بعيون الثقافة والسياسة والاقتصاد..

هذا من جانب ومن جانب اخر لايوجد خطاب واضح للمسرح واعني هنا خطاب الفنانين المسرحيين، ماذا يريد الفنانون المسرحيون من المسرح وللمسرح؟ اذ لا بد من رؤية وفلسفة واضحة تحدد ملامح واتجاه المنتج المسرحي الذي تقدمه للجمهور في مرحلة حرجة وحساسة، على الاقل هذا ما عملته اغلب شعوب الارض التي خرجت من اتون حرب طاحنة. وللانصاف نقول: ان المسرح اليوم اسير وضع عام تتجاذبه قوى الشارع وتؤثر فيه، ولكي تثمر الثقافة يجب ان تدعم وتكون جزءا مهما من فلسفة الدولة والمرحلة مابعد داعش الارهابية، اي جزء من مرحلة اعادة البناء، لاسيما ان الخبرة والشهادة والاسماء المهمة في المسرح ما زالت موجودة وتستطيع ان تقدم خبرتها مشروعا ثقافيا يسهم في بلورة صورة العراق الخارجية والداخلية.

ان بقاء الحال عما هو عليه مساهمة مباشرة في تخلف المجتمع ليصبح لقمة سائغة في وجه التعصب والهمجية واللانظام الذي يراد له ان يشاع كصيغة حياة، فتعاد تجربة داعش المريرة بشكل اخر وصيغ جديدة مادامت الساحة ترفض شريحة مهمة لمحاربة فكر داعش بالثقافة والتنوير والفن كما فعلت شعوب الارض قاطبة في ازماتها وحروبها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *