البناء الثقافي

ميعاد الطائي
من أهم متطلبات تحقيق البناء الثقافي لدى الفرد والمجتمع هو البحث عن مصادر المعرفة المناسبة من اجل توسيع القاعدة المعرفية مع التأكيد على أهمية رصد وانتقاء الأنماط المعرفية المناسبة التي تعمل على إنتاج سلوك حضاري يتناسب مع البيئة والطبيعة الإنسانية لكل مجتمع لا سيما مجتمعنا الذي يعاني من بناء خاطئ في المفاهيم والافكار على مدى عقود طويلة جعلتنا اليوم امام الكثير من الصور البشعة التي تعكس افرازات ثقافة العنف والكراهية نتيجة لتلقي انماط معرفية قائمة على اساس التعصب والتطرف والعنف والتكفير .
ومن الأهمية بمكان ان نشير الى ان البناء الثقافي للفرد والمجتمع يرتكز على عدة ركائز مهمة منها الفلسفة التربوية والمناهج التعليمية التي يتلقاها الطلبة والدارسون في كل بلد من البلدان ,ولو لاحظنا المتغيرات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تشهدها دول العالم المتحضر في تجاربها الديمقراطية الناجحة نجد انها تتعلق وتتأثر  بنوعية المناهج والفلسفة التربوية سيما ما يتعلق منها بالجوانب الإنسانية والثقافية والاجتماعية والتي أصبح لها دور مهم وكبير في البناء الثقافي الصحيح للفرد والمجتمع .ولقد عانى العراق على مدى العقود الماضية من مشاكل وأزمات عديدة حالت بينه وبين التطور في العديد من الميادين ومما لاشك فيه فان العملية التربوية والمناهج التعليمية كانت من ضمن تلك الميادين التي شهدت حالة من التأخر والتراجع فالعراق كان يعيش عزلة دولية طويلة منذ ثمانينيات القرن الماضي جعلته بعيدا عن مواكبة التطورات في الكثير من الجوانب الإنسانية والثقافية حيث خلت مناهجنا الدراسية في العراق عبر السنوات التي سبقت التغيير من المفاهيم الإنسانية والديمقراطية واقتصرت على الترويج لثقافة الحزب الواحد وبث الأفكار والمفاهيم التي تخدم توجهاته وأفكاره المريضة الأمر الذي ولّد خللا واضحا في البناء الثقافي للطالب والمجتمع وساعد على بروز مفاهيم خاطئة لدى الكثيرين ممن تأثروا بهذه الأفكار التي تتنافى مع حقوق الإنسان وتروج للفكر الفاشي الشوفيني الذي كان يمارسه النظام السابق  .ومن هنا كانت الحاجة كبيرة الى ان تكون هناك محاولات جادة من قبل المؤسسة التربوية لإرساء دعائم ومبادئ الفلسفة التربوية بما يتلاءم مع النهضة الإنسانية والثقافية والديمقراطية التي يشهدها العالم بصورة عامة والعراق بصورة خاصة من خلال إحداث التغيرات التدريجية في المناهج الدراسية وفي مختلف المراحل الدراسية من اجل ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى الطالب ولدى المجتمع من اجل مسايرة المتغيرات الاجتماعية والفكرية  في العالم المتحضر .خاصة ان الأجيال المقبلة بحاجة إلى بناء ثقافي صحيح,..