سقوط العروبة حقيقة أم وهم … ؟؟ بقلم الدكتور خضير المرشدي

سقوط العروبة حقيقة أم وهم … ؟؟ بقلم الدكتور خضير المرشدي
آخر تحديث:

هنالك من المثقفين العرب من يقول ، بأن العروبة قد سقطت !!!

ويعطي أدلة وحيثيات حول طبيعة هذا السقوط بما يعتمد على مستوى إيمان هذا المثقف بالعروبة من عدمه !!!
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ، هل فعلا إن العروبة قد سقطت ؟؟
واذا ماسقطت ، هل هو سقوطا سياسيا فقط ، أم أن هناك ما يسبقه من مقدمات ، بما يجعله سقوطا شاملا وعميقا ؟؟
وإذا كان الجواب بنعم ، فهل هذا يعني ان السقوط السياسي قد حصل بفعل تلك المقدمات التي حدثت قبله ، وما هي تلك المقدمات التي أسقطت العروبة في عيون البعض ؟؟
من الثابت يقينا بأن العروبة كفكرة حية وهوية وانتماء وأصل وتكوين ومباديء وحضارة ونضال وكينونة وتاريخ ورسالة ونزوع نحو الوحدة … لايمكن أن تسقط ، وهل يمكن أن يتخلى المرء عن ملامح وقسمات وجهه ، أو تتبدل مسامات بصماته ، أو يتنكر لوجوده ، أو يفقأ عينيه ؟؟ العروبة بهذا المعنى وبهذه القيم وهذا البعد الروحي والقيمي والمادي لايمكن ان تسقط أبدا …
العروبة بهذا المعنى خالدة خلود الفكرة ، وباقية مابقي عربي واحد في ارض الوطن الكبير !!
ولكنه من الثابت أيضاً بان عملا سياسيا عربيا حقيقيا ، اي بمعنى ممارسة السياسة في البلدان العربية كما يمارسها خلق الله ، من اجل بناء الاوطان وكما هو حاصل في معظم دول التمدن والحداثة ، فأنه عملا غائبا تماماً من قاموس الحياة العربية ، وقد حلت محله نزعات وممارسات لاعلاقة لها بسياسة أو بناء أو تحضر !! حيث سادت لغة العنف والعنف المضاد ، صراع دموي من اجل المال والسلطة ، ظاهرة القتل والذبح وشق الصدور تحت صيحات التكبير !! الفتنة والنكوص والتراجع والظلامية ، وما أسهل صيحات التخوين والاتهامات والتسقيط للاخر لمجرد الاختلاف في موقف او رأي ، سحق رهيب لحقوق الانسان ، ونسف كامل لحق المواطنة ، بل والتحكم بمصير البشر ليصل الامر الى حرمان الفرد من وثيقة انتماءه الوطني أي جنسيته بسبب من موقف فكري أو سياسي مغاير ( لحماة الدار ) ، وصولا الى إنهدام قيم ومنظومات قائمة ، ماسكة ناظمة لحركة الدولة والمجتمع العربي لتحل محلها الفوضى والاصطراع المادي والمعنوي !!!
اذن انه سقوط سياسي بحق ،،،، ولكن هل يحصل ذلك ، لو لم يسبقه سقوط معرفي وفكري وعقائدي وأخلاقي وقيمي لدى اللذين جاءوا (محررين) مع دبابات الاجنبي من ناحية ؟؟ كما هو كذلك لدى من يدعون بأنهم ( حماة الديار ) على حد سواء من ناحية أخرى ، وما بينهما من يتبع هذا وذاك !!!
نعم انه سقوط سياسي سبقه سقوطا ناتجا عن النقص في امتلاك نظرة متجددة للحياة بقيمها الجديدة ومفاهيم العصر ، مع عدم احترام عقل الآخر ، والنظرة الدونية للبشر وحقه في حياة حرة كريمة ونكران عليه حريته ووجدانه ووطنيته وسحق كرامته !!! .. وما بين هؤلاء ( أدعياء التحرير) ، وأولئك أدعياء الحمية من ( حماة الديار) ، وسقوطهم السياسي مسبوقا بسقوط الأخلاق وقيم الرجولة والمعرفة عندهم معا ، فقد ضاعت الاوطان وسقطت الدول ، وسقطت العروبة بمعناها التي ذكرت !! ومن المفيد أن نذكر بأن سقوط العروبة بهذا المعنى قد حدث ليس فقط عندما ضاعت فلسطين ، وتمزق لبنان وأحتل ودمر العراق ، وتقسم السودان ، واستبيحت وذبحت سوريا ، وحدث الصراع والانقسام في مصر ، وما حدث من تغيير دموي في تونس ، وقتل وتهديم بتدخل عسكري أجنبي في ليبيا ، تبدو تداعياته ستستمر لفترة قد تطول ، أوغيرها وغيرها ، ناهيك عن نسيان الاسكندرون والاهواز وسبتة ومليلة وجزر عربية في الخليج …. الخ !!!!
بل ان سقوط العروبة الأخطر من الاحتلال الاجنبي التي حدث ومنذ زمن ، كان قد تم بسبب مفاهيم وأفكار وأنماط حكم ومنظومات ، قد استلبتها من الداخل ، ونخرت قواها ، ودفعت إلى قيام حرب المجتمع العربي على نفسه ، وأخذ يدمر بعضه بعضا !!!
فهل ستكون نتيجة هذا المخاض الصعب ولادة جديدة ؟؟ .. وهل سيكون المولود طبيعيا ؟؟؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *