شناشيل : الهيئات.. من غير مستقلّة إلى حكوميّة!

شناشيل : الهيئات.. من غير مستقلّة إلى حكوميّة!
آخر تحديث:

عدنان حسين

بعد شهرين ونصف الشهر من تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء، أعلن بيان صادر عن مكتبه بُثّ في 24 تشرين الثاني 2014 أن رئيس الحكومة الجديد أكد “ضرورة الحفاظ على استقلالية عمل الهيئات المستقلة من دون تدخل أيّ جهة أخرى في إدارتها وقراراتها”، مشيراً إلى أن “ارتباط الهيئات المستقلة بجهة ما لا يعني التدخل في عملها”.

في ذلك الوقت وقبله، وبعده أيضاً، لم تكن “الهيئات المستقلة” مستقلة في واقع الحال، وكانت المطالبات المتواصلة والملحّة من أوساط الرأي العام بشأنها تتركز على تحقيق استقلالية هذه الهيئات تنفيذاً لأحكام الدستور. تلك المطالبات كان لها أساس، ففي عهد الحكومة السابقة على نحو خاص انتُهِكت استقلالية الهيئات جميعاً بصراحة وفجاجة، بما فيها أهمها، وهي مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة والبنك المركزي.

بيان مكتب العبادي ذاك أشعل ضوءاً خافتاً في نهاية النفق المظلم، بقيت الأعين تترقب توهجاً متزايداً له. قبل سنة من اليوم كان وضع الهيئات “المستقلة” في رأس مطالب الإصلاح التي أعلنتها الحركة الاحتجاجية، وفي الحزم الإصلاحية التي أعلنتها الحكومة ومجلس النواب آنئذٍ كانت ثمة وعود قوية بإصلاح حال الهيئات. إصلاح حال الهيئات ليس له سوى معنى واحد بطبيعة الحال هو تأمين استقلاليتها واحترام هذه الاستقلالية على النحو الذي عكسه بيان العبادي المشار إليه.

الآن يتبيّن لنا أن السيد العبادي غير مختلف عن سلفه في التعامل مع الهيئات. على الدوام كانت هذه الهيئات غير مستقلة، والسيد العبادي يريد الآن أن يجعلها حكوميّة أيضاً، ويبدو أنه اختار شبكة الإعلام العراقي لتكون نقطة الشروع في مشروعه.

قانون الشبكة الذي أصبح نافذاً منذ سنة حدّد في مادتين من مواده (الثامنة والحادية عشرة) آلية لتشكيل مجلس الأمناء الذي يشرف على الشبكة: ” يُعلن مجلس الأمناء عن المناصب الشاغرة في عضويته ويحق لكل العراقيين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون أن يقدّموا طلباً لشغل هذه المناصب. ويرفع مجلس الأمناء قائمة بأسماء جميع المتقدمين المتوفرة فيهم تلك الشروط إلى اللجنة النيابية المتخصصة (لجنة الثقافة والإعلام)، التي تقوم بدورها باختيار الأفضل من بينهم وعرض العدد المطلوب على مجلس النواب للتصويت عليهم”.

استناداً إلى هذا نشر مجلس الأمناء في شباط الماضي إعلاناً حثّ فيه الراغبين في عضوية المجلس على التقدم بطلباتهم لشغل أربعة مواقع فيه، وحدّد الخامس عشر من آذار موعداً أخيراً لتقديم الطلبات، وبالفعل تقدّم أكثر من 100 شخص بطلباتهم، وكان الجميع ينتظر أن يرشّح المجلس من يختارهم إلى لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية لتختار منهم العدد المطلوب والتقدم به الى مجلس النواب للتصويت عليهم، لكنّ رئيس الوزراء قطع هذا السياق القانوني وعيّن هو شخصين لم يتقدّما في الأساس بطلب التعيين في المجلس!

هذا الإجراء غير القانوني من جانب رئيس الوزراء ليس فقط يناقض تعهداته بالإصلاح، إنما هو أيضاً مؤشر على أن السيد العبادي يريد أن يجعل من الهيئات غير المستقلة هيئات حكومية، وإلا ما علاقته هو أو حكومته بالتعيينات في مجلس أمناء هيئة مستقلة تماماً عن الحكومة، وأكد هو في مقتبل ولايته ضرورة الحفاظ على استقلاليتها؟

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *