أدب المجتمع – الفرد.. فتح أبعاداً إلى كل الجهات

أدب المجتمع – الفرد.. فتح أبعاداً إلى كل الجهات
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق- لا أظنها مسألة تستوجب نقاشاً طويلاً، تلك هي: لو ضمن الكاتب مبيعاً جيداً لما احتاج في النشر إلى عون من وزارة ولا من جمعية ولامنّت عليه دار نشر. عدم أو قلة المبيع هي وراء حاجته أو شكواه. وبدلاً من أن يفكر الكاتب بما يضمن مبيعا مع حفاظه على تطوره، ظل يستعين بدوائر الدولة الثقافية، بوزارة المعارف كما كان في الخمسينيات أو بدوائر وزارة الثقافة كما هو مذ بدء الستينيات وحتى اليوم.صحيح ان العمل الفني المتقدم، روايةً أو قصيدة، لا يلقى جمهوراً قدر ما تلقاه الأعمال الشعبية البسيطة أو كتابات إلاثارة. لكن هذا يمكن أن يفتح لنا باباً يضمن التطور ويضمن الرواج. وهذا مما يتميز الآن من إصدارات دور النشر في العالم وفي بلداننا العربية. ثمة أدب اسمه أدب المجتمع – الفرد وهو تعبير أو مصطلح ظهر أولاً في النشريات والبحوث الاجتماعية ثم تلقفه المنظرون الأدبيون وكتّاب الدراسات، فجعلوا منه عنوانات لبحوثهم. برز هذا بقوة ربما احتجاجا على، أو محاولة تخفيف، من حضور السريالية والتجريد. وقد أكده الحضور الطباعي الواسع وتطوره الفني. هذا الأدب فتح أبعاداً إلى كل الجهات: الذات والمجتمع العام وظواهر الحياة الجديدة وأزمات الإنسان الفرد والمصائر المتقاطعة كما القيم والمثل المتصارعة داخل الانسان فرداً. فهو بإيجاز معبّر عن حال مثلما هو صانع جمال. المهم ان هذا الأدب مدرك لحقيقة اختلاف مستويات القراء وعمل على أن لا يخسرهم. فاحتوى جل هذه المستويات بما يعنيهم فيه. فصار أكيداً لدور النشر، كما للدارسين، انه الأدب الأكثر قرباً لأرواح الناس وأفكارهم وازماتهم. فكانت منه، لا من سواه، الكتب الأكثر مبيعا. أيضاً الأكثر رسوخاً واحتراماً.لأدب المجتمع الجديد يجد الفرد، قارئاً عادياً او معنياً متخصصاً، حصةً له. ثمة مايعنيه أو يعنيهم. نجاح الكاتب هنا في مدى الحميمية الاجتماعية– الفردية في كتابته. هذه المزاوجة مثلما ميّزته عن الواقعية التقليدية، ضمنت الإقبال الواسع عليه ومنحته مداً لطبعات مقبلة. الصفة الأولى لأدب المجتمع المفرد أفادت منها الصحافة. الصحف واسعة الانتشار هي تلك التي تجمع بين قضايا المجتمعات ومضامين حياة الناس الخاصة فتلامس اهتماماتهم الشخصية واحتياجاتهم المعلَنة أو التي لا فرصة للبوح بها. المباشرة في الطرح هي التي تجعل مادتها صحفية لا أدبية. أما في الكتابة الأدبية فتعمل العبارة على أكثر من مستوى. فيجد القراء المختلفون معاني أو أَفهاماً مختلفة. كلٌ وثقافته. وهذا ما يوجزه قول احدهم: يمكن أن تجد للنص الأدبي ثلاثة أو أربعة أوجه وللنص المسرحي ثلاثة أو أربعة شخوص .. وهذا طبعا يوسّع مساحة التجربة ويعدد دلالات النص كما يعدد ويزيد عدد قرائه. هذا الأدب بتقنياته الحديثة وثراء موضوعاته، لا بسواهما، وراء مبيعه الواسع المقرون بالاحترام. وهم يتخذون من “ما تزال الشمس تشرق” لهمنغوي مثالاً شديد الوضوح لذلك. فهذه الرواية عن قضايا عامة وواقع كما هي عن محنة فرد ولكل من القراء فهمه.فنياً، وعلى مستوى تطور الادب، هذا النوع من الكتابة كشف عن فرص تطور جديدة وغير محدودة ومنح الرمز مدى أوسع يتحرك فيه.. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *