أديب دمج ‼

أديب دمج ‼
آخر تحديث:

 

  حسن النواب

* في مجلس ديني يرتدي عمامة وجبّة سوداء ويتحدث عن مآثر ايام عاشوراء  وتضحيات رجال الإنتفاضة الشعبانية ، وكيف ظل يقاتل حتى آخر طلقة خلّب !

* في مجلس بنادي الأدباء تراه في بدلة عصرية ، يتمنطق بالميتاسرد ويفكك عبثية الصعاليك ويحلل فوضوية آرثر رامبو ومنافع الخمرة وتنشيطها لجذوة الإبداع .

* في مقهى البرلمان يلتقط الصور حتى مع بائع السوس  وبائع  الشلغم  بوصفه من المشهورين بمجال حرفة الأدب ، ويحمل حفنةكتب بحقيبته ، ورزمة صحف تحت ابطه ، ويزج نفسه بحوار مع الآخرين حتى لو كان عن برغماتية الزلاطة .

* بعد سقوط الصنم ، طبع صاحبنا اكثر من عشرة كتب في الشعر والقصة والرواية وفي الموروث الديني والفن التشكيلي ، كل هذه الكتب كانت بدعم غير محدود من حزب ديني متنفذ ، تلك الكتب كانت مأخوذة من مصادر وبطون كتب تراثية ، وحين يخبره احدهم ان كتبه منسوخة من كتب اخرى ، يرد بثقة مفرطة .. انت لا تعرف ان الجاحظ والفراهيدي  وإبن خلدون وعبد ربّه تأثروا بمقالاتي ؟؟

* اذا سمع آي من القرآن هزّ رأسه تأثراً ، وإذا سمع الغجرية سورية حسين هزّ كتفيه إعجاباً ، تراه في مآتم العزاء يقرأ سورة الفاتحة بصوت خاشع ، وفي نوادي الليل يزعق مثل صرصار على إيقاع أغنية “يالبرتقاله عذبتي حاله “

* حاضر بجميع المهرجانات الأدبية والتجمعات السياسية  وفي تظاهرات ساحة التحرير يهتف ضد الفساد ، ثم يتسلل بالخفاء الى مكتب مسؤول رفيع متملقا من اجل حفنة دولارات ،  ويشجب الغزو الأمريكي صباحا ، وفي الليل يطيل النظر بصور المجندات الأمريكيات  إعجاباً .

* في الحافلة ينتقد الوضع السياسي وفق مزاج الركاب ، فإذا شتموا امريكا زاد من لعناته ، واذا امتدحوا الحشد الشعبي اظهر لهم صورة يظهر فيها يتفقد جبهة الرمادي ، واذا تبرموا من تخفيض الرواتب ، اخرج منديله وأزاح دمعة كاذبة من عينيه .

*في منطقته يجتمع بالجيران ويخبرهم ان لقاء تلفازيا استمر معه ساعة من الوقت على فضائية الحرف الذهبي ، ولما يسألوه انهم لم يسمعوا بهكذا فضائية ، فيخبرهم بلباقة انها مخصصة لنخبة المثقفين ويبدأ بثها مع صياح الديك ، لأن الأدباء يستيقظون فجرا لمواصلة الكتابة ، وحين يخبروه ان الأدباء يسهرون كثيرا فكيف يستيقظون مبكرا ، يجيبهم بضبابية ان فضائية الحرف الذهبي تبث اهم برامجها بعد منتصف الليل ولذلكم فاتكم اللقاء المثير التي اجرته معي المقدّمة المعروفة مجرّة عبد كون .

* ضليع بالصرف والنحو والبلاغة والإملاء وإكتشاف اللحن في الإلقاء و إختلال الوزن في بيت الشعر .. كما يدّعي ، ولكن ليس بوسعه ان يكتب جملة واحدة تحمل منفعة من قريحته ؟؟ ومع ذلك تهابه الناس البسطاء ، الا ان الموهوب يشفق عليه دائما لأنه يراه عبارة عن قطعة حجر في بركة راكدة .

* في جيبه يحمل هوية الأدباء والصحفيين والفنانين والمؤرخين والمترجمين والناشرين والمحاربين القدماء والسجناء السياسيين والشهداء والمهجرين والمهاجرين والحرف الشعبية والمنطقة الخضراء وهوية ترويض الخيول والكلاب البوليسية وهوية نادي الصيد ونادي “شيب ابوي” .

* في صندوق قديم يحتفظ بصورة مع الصنم وهوية الرفاق الحزبيين وفدائيي صدام ، ذخيرة إحتياطية يستعيد رونقها اذا عاد نظام الزيتوني من جديد .

* حكمته بالحياة .. اكذب ، اكذب ، اكذب حتى يصدّقك الناس .

* يتوسل بالخفاء من المشتركين معه على صفحته بالفيس بوك ، بوضع لايكات الإعجاب على بوستاته التي يكتبها ومنها هذا البوست الذي كتبه يوم أمس الذي يقول فيه ” ان الشعير اكثر فائدة للحمار من تناوله للجّت ، هذا البوست حصل على ألف لايك حتى كتابة هذا المقال .

* في المنزل يدخل بوجه واجم ، يطلب من زوجته ان تعد القهوة بسرعة ، لأن جريدة “الضياع” تطلب منه كتابة مقال عاجل عن كآبة القلم الإبداعي في ظل المفخخات ، ثم يدخل مكتبه ،ويغلق الباب ، يمضي ساعات الليل يلطش عبارة من هنا ولمحة شعرية من هناك ، وحكمة قديمة من غوغل ، ثم يقرأ بغرور لوحة على مكتبه خط عليها بالنسخ الأديب الكبير .. ويبدأ يضحك  على نفسه حتى يغمى عليه من شدة الإحتيال والزيف والخديعة والبهتان ..

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *