أضواء على بحوث مؤتمر السرد الثاني

أضواء على بحوث مؤتمر السرد الثاني
آخر تحديث:

هل انتهى عصر القصة في العراق والعالم؟ 
عبدالامير المجر

عقد في بغداد يومي 5و6- ايار 2017 مؤتمر السرد الثاني الذي جرت وقائعه على صالة الوركاء في فندق الشيراتون، وقد كان المؤتمر ناجحا بامتياز على مستوى التنظيم والإدارة، وهو ما تحدث به جميع من حضر جلساته .. لقد كان احترام الوقت إضافة تنظيمية افتقدناها في مؤتمراتنا ومهرجاناتنا الكثيرة، حتى باتت صفة لها، للأسف، فيما كانت البحوث المقدمة وطبيعة المداخلات، غنية، وأثارت نقاشات مثمرة، وإضافة لهذا كله، كانت الصالة مكتظة بالحضور طيلة أوقات الجلسات.
لاشك ان اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وقفت وراء هذا النجاح الذي يحسب لنادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وهو بالتاكيد نجاح للاتحاد نفسه، الاّ ان هذا لايمنع من عرض بعض الملاحظات التي نراها جوهرية، فيما يخص برنامج المؤتمر الذي أعدته اللجنة التحضيرية، وبذلت جهدا طيبا في اتصالاتها بالمعنيين من النقاد والباحثين ممن قدموا  بحوثهم النقدية  وأوراقهم وشهاداتهم، أو رؤاهم وتصوراتهم الذاتية لماضي وحاضر ومستقبل هذا الفن الجمالي الراقي.
أربع جلسات خلال يومين، كنا نعتقد خلالها أن البحوث او الدراسات المقدمة ستغطي مختلف الاجناس الابداعية، مثل الرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والمسرح وأدب الرحلات وحتى مقالات الرأي والاعمدة اليومية، لما لهذه الأجناس الكتابية من أهمية، أخذت تتعاظم في ظل سيادة الميديا ووسائل الاتصال الالكتروني، وتعدد أساليب الكتابات المؤثرة في صناعة الرأي العام. لكننا وللأسف لم نشهد سوى بحوث ودراسات انشغلت في الرواية وظلت تتمحور حولها، وكأنها وحدها في الساحة الأدبية والكتابية، ولعل هذا الاهتمام اللافت  بالرواية من قبل الكثيرين من  الأدباء والنقاد على حد سواء،  جاء بعد الجوائز الكبيرة التي خصصت لهذا الجنس الابداعي، كالبوكر وغيرها.
لانريد أن نجعل من الجوائز معيارا للاهتمام بأي جنس إبداعي، لأنهاتحصيل حاصل، وليست هدفا مبدئيا لأي مبدع، أو يجب أن تكون كذلك، لكننا ومن داخل مشغل النقاد المهمومين بالرواية اليوم على حساب الأجناس الأخرى نتساءل، ماهو موقفكم النقدي من أعمال ابداعية قصصية حصلت على جائزة عالمية، هي جائزة الطيب صالح، والتي حازها وبجدارة ثلاثة مبدعين عراقيين، هم على التوالي، محمد الكاظم وراسم قاسم واخيرا ضياء جبيلي، الذي حازها  قبل اشهر، اضافة الى فوز المجموعة القصصية (قطط عارية)  للقاص  حيدر عبدالمحسن بجائزة عربية في الكويت مؤخرا.
هل انتهى عصر القصة في العراق والعالم؟ وإذا كان كذلك فما جدوى طبع ونشر هذا الجنس الإبداعي الذي عرفنا من خلاله أسماء لامعة عراقيا وعربيا وعالميا؟ اين نضع بورخسوتشيخوف ومحمد خضير وأحمد خلف وجليل القيسي وفرج ياسين وزكريا تامر ويوسف إدريس؟ وهل نشطب أسماءهم من ذاكرتنا الأدبية؟.. لاتنتهي السلسلة الطويلة من أسماء مبدعي القصة بهؤلاء الكبار، بل تمتد إلى آخرين ظهروا في العقد التسعيني وفي مطلع الألفية الجديدة، وهم كثر ونالت نتاجاتهم اهتماما ملحوظا من قبل القراءوالنقاد، فلماذا لم يخصص محور من محاور المؤتمر للقصة بعد تكليف نقاد مهتمين بهذا الجنس الإبداعي الذي مازال يكتبه العشرات من المبدعين العراقيين؟.
غياب القصة وأدب الرحلات ومقالات الرأي والاعمدة الثقافية والصحفية، تؤشر غياب الرؤية الجديدة لدى النقاد لمفهوم السرد لدينا، وعدم ملاحقة الجديد في عالم اليوم الذي تداخلت به الأجناس الإبداعية، لأن عجلة الحضارة الجديدة ضيّقت الفوارق وانتصرت للقيمة الإبداعية على حساب النوع الذي تحرر هو الآخر من قوالبه الجاهزة، فما عادت الرواية مثلا، تكتب كالسابق، نتيجة انفتاحها على معطيات الحياة الجديدة وتفاعلها معها، بل ان بعض الروايات صار يصعب على النقاد التقليديين تجنسيها، والأمر كذلك مع المسرح والقصة وادب الرحلات وغيرها.
 مؤتمر السرد الثاني الذي فرحنا جميعا بنجاحه، وضعنا أيضا امام هذه التساؤلات التي نأمل أن تكون موضع حوار مقبل بين الاتحاد واللجنة التحضيرية، من أجل أن يكون المقبلأشمل وأوسع، ليستمر النجاح من خلال ملاحقة جديد العالم في فن السرد، الذي يمثل عصارة تأملات الانسان في ماحوله وسط مايحيطنا من كوارث وأحداث متسارعة، لن تجد صدرا أرحب من صدر الأدب لتستريح بأثقالها  المرعبة عليه، وتطلق آهات الإنسان من خلاله! 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *