أيّها العراقيون: تفكّروا قبل أنْ تندموا:

أيّها العراقيون: تفكّروا قبل أنْ تندموا:
آخر تحديث:

 عزيز الخزرجي 

كتبنا وأعلنا عن حقائق كونية في سبعينيات القرن الماضي و ما بعده وكشفنا الوضع العراقي و آفاقه المستقبلية الخطيرة نتيجة السّياسات البعثية المُسيّرة من قبل المخابرات العالمية بمشاركة عموم الشعب العراقي – إن لم أقل كله – من حيث كان يعلم أو لا يعلم, و لكن للأسف لم يعي الناس ما كتبنا و لا يزال , بل ساروا وراء الأعلام الرّسمي الحاكم الذي كان يحاول ليس فقط لَيّ عنق الحقيقة و تشويهها؛ بل عكس الحقائق بطرق “غوبلزية” لخنق صوت الحقّ وأخفائه بل و قتله في زنزانات الموت و سجون الأمن و المخابرات!

و هكذا .. سقطت مع تلك الأجواء الرّهيبة كلّ معاني العفة و الحياء و الوجدان و الضمير بسبب لقمة الحرام التي تداولها الناس جميعأً لأجل إدامة حكم الفاسدين أياما ًأطول للتمتع بملذات و أموال الدنيا!

لم تجدي نفعا بياناتنا آلكونية العديدة و تنبيهنا على مصائب المستقبل و المحن التي بدأت تلوح في افق العراق و المنطقة بل صارت وبالا علينا بسبب ملاحقة قوى الأمن و المخابرات لنشاطنا و سجننا و تعذيبنا, و لم يزدهم دعائنا و بياناتنا إلا فراراً من الحقّ ليستمر الوضع على ما كان عليه و من سيئ لأسوء, حتى لقى الناس الموت بكلّ صنوفه و أشكاله!

وبقيت آلثلة القليلة المؤمنة بربها و رسالتها الكونية من الذين آمنوا بآلحقّ و بآلغيب .. يصارعون وحدهم ظلم النظام و جفاء و خيانة الناس حتى قضوا نحبهم من دون أن يلتفت لندائهم أحد ..

و لم تنتهي المأساة عند هذا الحد .. بل أنّ الناس و بعد شهادتهم الكونية على أيدي مرتزقة الأمن و المخابرات ثم زوال النظام عام 2003م لم يقيموا لهم – بسبب الجهل وقلة الحياء – حتى فاتحة أو ذكرى أو مجلس فكري لدراسة تراثهم و أفكارهم و مواقفهم و أسباب شهادتهم!

أية أمة هذه ؟

أية مبادئ يؤمنون بها؟

هل هذا هو الأسلام الذي إستشهد لأجله الأئمة الأطهار و صحبهم الشهداء و منهم شهداء بدرة وواسط و لك محافظات العراق!؟

هل هذا هو الوفاء للشهداء و لأصحاب الشهداء الذين يريدون الحياة لكم!؟

ففي أثناء لقائي الوحيد بأهل بلدتي (بدرة) من توابع محافظة واسط في المسجد الرئيس؛ تطرقت عدة مرات أثناء كلمتي لذكرى الشهداء العظام في تلك ألآمسية آلهادئة التي طالت حتى منتصف الليل بعد غيابي عن مسقط رأسي لأكثر من 30 عاماً: لكن لم يلتفت .. بل لم يفهم أحد من الجالسين ما أقول و أعني و كأني كنت أتحدث عن عالم آخر و بلغة غير العربية أو أحكي لهم قصة من قصص الف ليلة و ليلة أو عن تأريخ مجهول بعيد .. ربما إعتقدوا بأنه يتعلق بأمريكا أو روسيا أو كوكب آخر للأسف الشديد!

لم تكن تلك المواقف محصورة على بلدتنا المظلومة الفقيرة في كل شيئ ؛ بل كان هذا طابع الناس و سلوكهم في كل المحافظات التي زرتها و منها بغاداد العاصمة و بعقوبة و واسط و توابعها, وكأنهم من نفس واحد وتربية مشتركة!

حزنت كثيراً على ذلك الوضع .. و عدّتُ على أعقابي .. لأني لا أملك .. بل لا أؤمن إلا بآلفكر كسلاح وحيد تركه الشهداء وصية بأعناقنا لنقلها للأجيال التي لم تسمع بها بسبب الظلم و الأرهاب البعثي الصدامي!

ولكن مآلعمل و الناس لا تريد أن تسمع و تفهم و تتفكر و تعي رسالة الشهداء!؟

و هل السياسيون المتحاصصون لهم الحق مع هؤلاء الناس بأن يسرقوهم و يذلوهم!؟

لا أدري و الله!؟

لقد خاب ظنّ الشهداء العظام؛ بديع ؛ موسى ؛ عبد الكريم؛ أركان وووو غيرهم من الذين كانوا سمعوا تفاصيل آلأحاديث و الخطب التي تحدثت بها للناس, و كانوا يشرفون علينا من الغيب في تلك الأماسي الحزينة , و ربما تيقنوا بعدم جدوى الكلام .. بعد ما علموا بأنّ للناس هموماً و أمنيات أخرى باتوا بسببها في عالم آخر .. غير عالم آلرّوح و الفن و الحياة و الحب و العرفان و فعل الخير!

بل إنّ واحد أو إثنين من الجالسين تعدى علينا و كان يقاطعني بلا حياء و يتهجم عليّ بإسلوب مبطن مبدياً إخلاصه للدين و كأنه هو الذي كان يجاهد مع تنظيمات الشهداء لقتال البعثيين و أنا كنت محلّه أعمل مع تنظيمات البعث و الجيش الشعبي لقتل المجاهدين!؟

إنّ ما يجري اليوم هو تكرار للماضي .. بل هو عين ما جرى بآلأمس ؛ مع تغيير في الأطر و العناوين و الشكليات, و المحتوى و الغاية واحدة هي حفظ المحاصصة و التمتع مدة أطول بآلكراسي و الرّواتب على حساب الحق و قيم السماء و حقوق الناس البسطاء الفقراء الذين لا وقت لهم حتى للتفكير و التأمل ولو قليلاً بحقيقة ما جرى و يجري عليهم!

أنهم و الناس يسيرون بقوة نحو مستقبل غامض و مجهول يخيم عليه شبح الموت و الجوع و الضياع و الأرهاب بكل أنواعه, بسبب فقدانهم لبوصلة الحق و أنعدام الحياء و سقوط القيم , و تلك هي آلآفة الكبرى التي أحاطت بآلناس بعد ما صارت سنن عادية يتداولها الناس و كأنها جزء من حياتهم؛ فلا الفقر و لا المرض و لا الذلة و لا الضياع و لا الأرهاب و لا حتى الموت بات يهمّ الناس لكثر ما لاقوه من الضيم و الهوان و التبعية لسلطة المنافقين سابقا و لاحقاً!

أنّه التّسيّب الفكري و العقائدي و النفاق و الكذب ..

الكذب .. صناعة شيطانية, لتغيير الحقائق و لتعكير الأجواء ليسهل تمرير الفساد و الظلم!

ألكذبُ صناعة، والألفةُ صناعة، والخوفُ صناعة، والقمعُ صناعة، والجوعُ صناعة

الشيطان عبر كل جنوده هو المتحكم في هذه السلسلة المُهْلِكَة من الصناعات

بصناعة الكذب، نَنْشُر الألفةَ مع الباطل، فتتحول الألفةُ إلى صناعة

و بصناعة الألفة، نَنْشُر الخوفَ من الجديد، فيتحول الخوفُ إلى صناعة

و بصناعة الخوف، نَنْشُر القمعَ المستبد، فيتحول القمعُ إلى صناعة

عندئذ يولد الأرهاب و الجوعُ متباهيا بأنه سيِّدُ الموقف، فيتحول بدوره إلى صناعة

من صناعة الكذب بدأنا، و إلى صناعة الجوع انتهينا،

وبصناعة الألفة و الخوف و القمع مررنا، لنعبرَ إلى حيث تتموضعُ مملكة الشيطان!

أيها الناس أنا لا أريد منكم جزاءا ًو لا شكوراً ولا منصبا ًو لا مالاً ولا جاهاً .. بل تركت الجاه و المناصب و الأموال و الله العظيم:

كل ما أبغيه هو أن تتأصلوا بفكركم لمعرفة حقائق الكون و الأنسان!

أنا أدعوكم إلى ما يُحييكم .. و إن لم تقرؤوا و تعوا و تتبعوا جيداً ما كتبنا و نكتب : فإن حقباً زمنية سوداء أقسى و أظلم من حقب صدام ستمرّ عليكم بعد عقد أو عقدين من الآن على الأكثر, و ها هي بدايات تلك المرحلة المظلمة على الأبواب و لا حول و لا قوة إلا بآلله, و لقد نبهتكم و أنذرتكم و الله الشاهد ..أللهم أنا قد بلغنا ..أللهم فأشهد!

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *