إسلاميو السلطة (82) لماذا يسكت القضاء وقادة الكتل عن دستورية حكومة العبادي؟

إسلاميو السلطة (82) لماذا يسكت القضاء وقادة الكتل عن دستورية حكومة العبادي؟
آخر تحديث:

 

 سليم الحسني

بمجرد أن حصل الدكتور حيدر العبادي على تكليف تشكيل الحكومة، أغلق باب الحوار والتفاوض والمناقشة في أي حل آخر، ورفض عدة خيارات لتهدئة الأزمة التي قادت الى تكليفه من قبل رئيس الجمهورية.

رفض العبادي تنازله عن قبول التكليف، مقابل انسحاب المالكي أيضا، حيث يُصار الى مرشح جديد، وفي هذه الحالة تخرج القضية عن اللجوء الى القضاء وعن وصفها بالتآمر والالتفاف، ويمكن بذلك حفظ تماسك الكيانات الشيعية.

ورفض العبادي مقترحاً آخر بأن يكون المالكي هو المكلف بتشكيل الحكومة، وعندما يواجه الاعتراض في مجلس النواب، فانه سيفشل في نيل الثقة، وبذلك يعود التكليف الى العبادي، لكنه رفض هذا المقترح ايضاَ. وقد كان هذا المقترح من أجل الحفاظ على الإجراءات الدستورية وعدم إحداث شرخ جديد في الجانب الذي يختص بالاستحقاق الشيعي.

كان العبادي متمسكاً بالتكليف الى أبعد الحدود، مستنداً الى ان الدعم الدولي يجب مراعاته، ولا يمكن القبول بأي خيار آخر بعد هذه الموجة الإعلامية العالية من التأييد والمباركة.

إن نقطة الارتكاز التي وقف عليها العبادي وهي التأييد الدولي الواسع والسريع، هي نفسها التي تثير الشك في اختيار العبادي، لأنها لم تحدث مع غيره بهذه السرعة وبهذا الاندفاع الدولي المكثف، مع أن التقليد الدبلوماسي يقضي بأن يأتي التبريك بعد نيل الحكومة الثقة وليس بعد دقائق من اعلان تكليف المرشح بتشكيلها.

استفاد العبادي من المعارضة الشديدة التي يواجهها المالكي من قبل الأطراف السياسية في تشكيل الحكومة، الى جانب موقف المرجعية الذي حدد ضرورة اختيار رئيس وزراء جديد. وكان ذلك من المفروض أن يمنحه قدراً من الإرتياح بحيث يمكن أن يناقش المقترحات بهدوء وموضوعية، ليرى هل تخدم المصلحة الوطنية والشيعية، أم أنها ستكون مغمسة بالشكوك والاتهامات والطعن الدستوري؟

إن تشبث العبادي بالنتيجة التي حصل عليها، ورفضه مناقشة الخيارات المطروحة، يضعه في دائرة الإتهام، بانه كان يريد ان يتجاوز هذه الدائرة المعقدة الملتبسة من الناحية الدستورية، كما أنه كان يريد أن يضمن لنفسه الحصول على منصب الرئاسة الذي انتظره طويلاً، فقد كان يحاول أن يكون خليفة الجعفري، ثم تحرك بكتمان شديد من اجل ان يكون خليفة المالكي بعد الولاية الأولى، وعليه فقد رآها صارت له، فكيف يجازف بمناقشة الخيارات، في ساحة محكومة بالمتغيرات السريعة، وفي كيان سياسي لا يأمن قادتهم بعضهم بعضا.

لا تزال دعوى السيد نوري المالكي في المحكمة الاتحادية قائمة، حول المخالفات الدستورية التي قام بها رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم في تكليف السيد حيدر العبادي بتشكل الحكومة.

مدحت المحمود حالياً يلتزم بالضغط المفروض عليه من قبل الأطراف السياسية، والأهم ضغط السفارة الأميركية التي أعطته إشارة قوية من التحذير وخيمة من الحماية في آن واحد، ليبقى الملف مركوناً لا تمسه يد القضاء.

هنا تنطلق الأسئلة بوجه الشخصيات المعنية بهذه القضية، وهي شخصيات لها موقعها المهم في الدولة:

ـ لماذا يسكت السيد المالكي عن حقه الدستوري ويقبل بما لحقه من حيف في التآمر عليه بتجاوز دستوري، ولا يتابع دعواه القضائية بشأن كتلته الأكبر؟.

ـ لماذا لا يدافع السيد حيدر العبادي عن حقه وسمعته وحكومته، وهي تواجه هذا الطعن الدستوري، مع أن مهمته أسهل بكثير من مهمة المالكي، لأنه شكّل الحكومة بمساندة الأطراف السياسية، مما يدعوه الى كشف الحقيقة ومطالبة القضاء بحسم هذا الموضوع ليقطع الطريق على المالكي وعلى المشككين وعلى بعض الكتّاب؟

ـ لماذا يترك السيد مدحت المحمود القضية مركونة، بينما يفرض عليه الواجب المهني، ان يحسمها بحكم قضائي لصالح المالكي أو العبادي؟

لقد تعرض المحمود لهجوم إعلامي على مدى السنوات الماضية بأنه يخضع لضغوط المالكي، فهذه فرصته ليدفع عن نفسه تهمة معيبة كبيرة تمس شرفه المهني، ويقضي بالعدل بعد أن زالت سطوة المالكي.

ـ لماذا لا يتابع القضية السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وهو المعني بها مباشرة، فيطلب من القضاء حسم القضية وإبداء الرأي القاطع؟

ـ ولماذا يهمل السيد إبراهيم الجعفري هذا الموضوع المعقد والشائك، وهو رئيس التحالف الوطني، مع أن القضية تمسه ايضاً، حتى يثبت صدقه امام الشعب، في الصفة التي يحملها كرئيس للكتلة الأكبر، ويدفع عن نفسه الاتهام بالخديعة؟

ـ لماذا لا تقوم بهذه المهمة قيادة حزب الدعوة بنفسها، وتطلب من القضاء حسم القضية، لتتخلص من تهمة التآمر التي ستبقى تلاحقها من المالكي وأنصاره، وهي تهمة جارحة لحزب الدعوة ولكل شخص منهم؟

ـ ولماذا تسكت الكتل البرلمانية الأخرى، ولا تطالب القضاء باعطاء الرأي في هذه القضية، وهي المعنية بها مباشرة بحكم مشاركتها في الحكومة؟

لا مجال هنا للكلام عن وضع البلد وظروفه الصعبة التي لا تسمح بفتح هذه القضية التي قد تفجر أزمة كبيرة، تربك الوضع كله. فهذا الكلام يعني أننا نؤسس لظاهرة التآمر والالتفاف والاختراق للقوانين والدستور تحت هذا المبرر. وعليه فما حاجة العملية السياسية الى الدستور اذا كان العمل به وإحترامه يتسبب لنا بالمشاكل والأزمات المخيفة؟.

نحن هنا أمام قضية دستورية، لا علاقة لها بما فعله المالكي وما اقترفت يداه من أخطاء. ولا علاقة لها بإصلاحات العبادي ومدى جديته في تنفيذها. ولا صلة للموضوع أصلاً بالمواقف السياسية والأوضاع العسكرية والظروف الاقتصادية، إنها قضية قضائية محددة، لها موقعها المصيري في مسار البلد، لنعرف هل يمارس السيد العبادي مهامه كرئيس دستوري للحكومة؟ أم أنه سرق هذا المنصب بالتفاف وتواطؤ مع أطراف عراقية ودولية؟

إن كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية مطالبة بحسم هذا الموضوع، لتثبت للشعب بعض المصداقية من أنها تحترم الدستور والقضاء.. وتحترم الشعب؟

فما نريده هو الحقيقة، لنكتشف من يضلل الشعب، ومن يصدقه القول.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *