إنحراف بوصلة الحشد من المرجع السيستاني الى الخامنئي؟

إنحراف بوصلة الحشد من المرجع السيستاني الى الخامنئي؟
آخر تحديث:

  علي الكاش

صرح العميد ناصر شعباني قائد الفيلق الرابع في منطقة كرمانشاه غربي ايران في 20/11/2016 أن” اقرار قانون الحشد الشعبي سيمهد الى جعل العراق ضمن الامبراطورية الايرانية القوة العظمى بوجه الولايات المتحدة. كما أن تشكيل التعبئة الشعبية في العراق وسوريا ادى الى تغيير المعادلات، مثلما ادى وجود التعبئة الشعبية الى تغيير المعادلات في مرحلة الدفاع المقدس، فإن تشكيل الحشد الشعبي والدفاع الوطني في سوريا والعراق ادى الى تغيير المعادلات ايضا”. لمن لا يعرف؟ العميد ناصر شعباني يشغل منصب مستشار لقاسم سليماني.

سوف ناقش مسألة ولاء الحشد وممن يتسلم توجيهاته لتكتمل الصورة لمن يعاني من تشوش في الرؤية الوطنية والعربية؟

ذكرت وكالة (تسنيم نيوز) التابعة للحرس الثوري في تشرين الثاني/2014 تقريراً مفصلاً عن دور سرايا الخراساني في العراق ” إن سرايا الخراساني بقيادة قاسم سليماني هي التي حسمت معركة جرف الصخر لصالح الميليشيات الشيعية بعد معارك عديدة لم تنجح فيها هذه الميليشيات”. بتأريخ 13 /10 /2014 أكد مستشار ممثل المرشد الايراني في الحرس الثوري يد الله جواني تواجد قوة قدس/ التابعة للحرس بقيادة الجنرال قاسم سليماني في الصف الأول في جبهات القتال في العراق وسوريا” للدفاع عن الشعبين السوري والعراقي ومقدساتهما وحكوماتهما المشروعة”. كما صرح قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري في24/11/2016 للصحافيين خلال مشاركته في مهرجان (مالك الأشتر) إن ” قوات الحشد الشعبي قد يتم إرسالها إلى سوريا عقب تحرير الموصل من تنظيم الدولة الاسلامية، وأنه لا حاجة لدعم عسكري إيراني لها، ان العالم الإسلامي بحاجة إلى دعم ومساعدة بعضه البعض في الوقت الراهن، وقد يتم إرسال الحشد الشعبي إلى سوريا في هذا الإطار”. (وكالة الانباء الايرانية). وهذا ما أكدته المصادر الأمريكية ” أن بعض عروض التجنيد، التي تنشرها ميليشيا مايعرف بالحشد الشعبي في العراق لجلب مقاتلين أجانب، للدفاع عن نظام الأسد في سوريا تمتد الآن إلى اليمن، مايمثل تنفيذا واضحا للاجندات الايرانية في العراق والمنطقة التي تحاول زج المنطقة الى اتون حروب مستمرة والسيطرة على مقدراتها. يقوم الحشد الشعبي بتجنيد عدد من الشباب في مختلف المحافظات العراقية للقتال مع الحوثي وصالح”. (صحيفة فاينانشيال تايمز الأميركية في 30/11/2016). كما وصل وفد من حوثي الى العراق بتأريخ1/12/2016 والتقى بزعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي للتنسيق بشأن مشاركة عناصر من الحشد في اليمن وتم اللقاء بالتنسيق مع خلية مخابرات السفارة الإيرانية. الغريب في الأمر أن موقع العصائب إعترف بالزيارة مؤكدا بأنها” جرت بمعزل عن الحكومة”! عجبا! اليست العصائب جزءا من الحشد وخاضعة لرئيس الوزراء حسب قانون الحشد الأخير، ام ما يزال ميليشيا مستقلة؟ وهل سيبقى قادة الحشد يصرحون ويستقبلون ما يشاءوا بمعزل عن موافقة رئيس الوزراء؟ إذن ما فائدة إقرار قانون الحشد كأنك يا بو زيد ما غزيت؟

كما أن ولاء الحشد للولي الفقيه الخامنئي وليس للمرجع الشيعي السيستاني الذي يدعي بأنه أسسه وفقا لفتوى الجهاد الكفائي، فمعظم مواقع الحشد ترفع صور الخميني وليس السيستاني، وقادته يجهرون بأنهم يتبعون توجيهات الخامنئي وليس السيستاني، والغريب ان هذه التوجهات لم تزعج السيستاني البته، وهو يرى بوصلة الولاء تنحرف عنه لصالح الخامنئي، اللهم إلا إذا كانت التوجهات موحدة! وهنا يبطل إدعاء السيستاني بأنه يعارض ولاية الفقية! فقد صرح رجل الدين الشيعي العراقي (سيد حامد الجزائري) قائد ميليشيات الحشد الشعبي العراقية في لقاء مع وكالة ميزان الإيرانية الرسمية في 13/10/2016 بأن ” الحشد الشعبي ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي والعراق بأكمله يتحرك تحت أمرة وقيادة الجنرال قاسم سليماني لأنه رجل غير عادي ويحارب الكفر دفاعا عن الشيعة بالمنطقة” .وأضاف الجزائري لوكالة ميزان الإيرانية حول علاقة الحشد الشعبي بإيران”الحشد الشعبي العراقي ترعرع وتربى في أحضان إيران وأغلب قيادات الحشد الشعبي هم من العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية – الإيرانية بجانب الحرس الثوري الإيراني ضد صدام حسين. وأنه طالما هناك أتباع للولي الفقيه خامنئي في العراق وسوريا يحق لإيران وللحرس الثوري التدخل العسكري هناك معتبرا ذلك الدفاع عن الأمة الواحدة وهي أمة ولاية الفقيه بالمنطقة”. مضيفا ” نحن نعتبر تضحياتنا هي دفاعا عن إيران ودماء العراقيين التي سالت وسفكت خلال هذه الحرب لم تخرج عن دائرة الدفاع عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأننا نحن في الحشد الشعبي نعتقد بأننا ننتمي إلى أمة واحدة وهي أمة ولاية الفقيه ولا فرق بين القتال بسوريا أو العراق وإيران ولهذا تجد قواتنا هي قوات شيعية متعددة الجنسيات من لبنان وأفغانستان والعراق وإيران وباكستان وغيرها من الدول موجودة في القوات الشيعية التي تقاتل في العراق وسوريا”. وحول أهمية الجنرال سليماني قال” العراق والعراقيين فداءً لقاسم سليماني”! كما ذكر المتحدث في مليشيا اهل الحق جواد الطيباوي في تصريح صحفي له في 20/11/2016 بأن” الحشد الشعبي بانتظار تعليمات قاسم سليماني للدخول الى قضاء تلعفر”.

أما موقف القيادة الكردية فهو يثير العجب، فيما يتعلق بالإتحاد الوطني وهو تابع قديم لولاية الفقية لا عجب من تأييد كتلته البرلمانية لإقرار قانون الحشد، لكن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الذي يثير العجب! فقد صرح رئيس جهاز الاستخبارات الكردية مسرور البارزاني في مقابلة مع بي بي سي في 17/3/2015 حول الحشد الشيعي” إن استخدام مثل هذه الميليشيات يمكن أن يخلق مشكلة أكبر حتى من داعش نفسه”، وحمل مسرور البارزاني بشدة على حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي لاعتمادها على الميليشيات الشيعية المقاتلة، في إطار الحشد الشعبي، إلى حد جعل دور الجيش العراقي ثانوياً في معركة تكريت. نحن كلنا نقاتل داعش معًا، ولكن إذا حدث انتقام وثأر بين الطوائف أو المذاهب والجماعات الإثنية، فإن هذا سيصبح مشكلة أصعب بكثير”. كما أعرب البارزاني عن غضبه الشديد لأن حكومة العبادي تدفع رواتب افراد الميليشيات الشيعية، وموظفي الدوائر الحكومية في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش، وتحجبها عن كردستان وقوات البشمركة التي تقاتل داعش. لكن في 27/11/2016 أتخذ الحزب موقفا مناقضا تماما لما سبق، كأنه يصطاد في الماء العكر! فقد رحب رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني في مؤتمر صحفي على هامش مشاركته في افتتاح حملة لمكافحة العنف ضد النساء بإقرار قانون الحشد الشعبي بقوله ” نرحب بإقرار مجلس النواب لقانون الحشد الشعبي، وندعو حكومة بغداد الى مساندة قوات البيشمركة كما تفعل مع الحشد”.

والآن بعد أن وقع الفأس بالرأس، وأقر قانون الحشد، السؤال المثار هو: ما وراء التعجل التعجل بإقرار قانون الحشد الشعبي رغم معارضة بعض النواب الاكراد والقوى السنية؟ بالتأكيد إن إطلاق رصاصة الرحمة الشيعية على العملية السياسية والمشاركة السنية الهشة في إدارة الدولة والإنفرد بالحكم بالعراق يرجع إلى:

  1. اعطاء الضوء الأخضر للحشد الشعبي لإقتحام تلعفر على اعتبار انه صار جزءا من الجيش وفق القانون الجديد، وهذا ما توضح عندما اعطى العبادي الضوء الأخضر للحشد لإقتحام تلعفر. فقد كشف النائب أحمد الجبوري عن محافظة نينوى في 26/11/2016 عن ” موافقة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي على دخول الحشد الشعبي إلى مدينة تلعفر لتحريرها من دنس داعش”.

  2. الخشية من مطالبة بعض القوى بإنهاء مهمة الحشد بعد تحرير الموصل من داعش على اعتبار أن الغرض من تشكيله هو محاربة داعش كما ورد في فتوى السيستاني وتصريحات نوري المالكي السابق ذكرها، وهذا يعني ان الفتوى إنتهى مفعولها بزوال أسبابها الموجبة.

  3. أن التلويح بأن الرئيس السوري بشار الأسد طلب دخول الحشد الى سوريا لمحاربة المعارضة السورية، إنما يعني أن مهمة الحشد سوف لاتتوقف عند تحرير الموصل بل سوريا وبعدها اليمن وهلم جرا، وهذا ما صرح به المالكي” قادمون يا موصل، قادمون يا رقة قادمون يا يمن”. لذا كان لا بد من تشريع القانون قبل إنتهاء ما يسمى بتحرير الموصل.

  4. فسح المجال امام القوات الامريكية لمساعدة الحشد وتأمين الضربات الجوية لقطعاته سيما في تلعفر، بعد ان امتنعت الادارة الامريكية سابقا عن دعمه بإعتباره ميليشيا، فقد صار الحشد من الجيش ولا حرج للإدارة الامركية سيما الجديدة في مساعدته من الآن فصاعدا. وهذا ما نوه به حيدر العبادي بقوله” أصبح الحشد على ضوء القانون تحت القيادة المباشرة للقائد العام للقوات المسلحة”. فلا حجة للأمريكان بعد في الإمتناع عن دعم الحشد.

  5. تم تفكيك عقد الشراكة الوطنية في إدارة العملية السياسية، فقد سن قانون الحشد رغم أنف والقوى السنية والكردية (بعضها)، وصارت مقدرات البلد بيد التحالف الشيعي فقط. وبنفس الوقت انتهى مشرع عمار الحكيم فيما يسمى بمسودة شروع التسوية التأريخية التي قدمها التحالف الوطني، حيث رفضتها القوى السنية، وسبق أن نوه الأكراد برفضها. فقد بارك حيدر العبادي إقرار القانون مدعيا” ان هذا لم يكن يحلوا لجماعات الفوضى الذين عرقلوا تمريره”. لاحظ انه يصف شركائه في العملية السياسية بالفوضويين! بمعنى إنتهت ورقتهم وهذا ما لم يتجرأ سابقا من الإعلان عنه، إنها سياسة لوي الذراع.

  6. لقد نجحت إرادة ولايه الفقية في تأسيس الحرس الثوري العراقي، وهو تحت أمرتها لتنفيذ التوجيهات القادمة سواء في العراق أو المنطقة، لذا لم يكن غريبا أن ينفرد المرشد الأعلى علي خامئني بشكر رئيس مجلس النواب عن إقرار قانون الحشد، كما أنه قد أفصح بصراحة عن الغاية من إقرار قانون الحشد الشيعي بقوله ” إن اقرار قانون الحشد سيضمن وحدة وتقوية التحالف الشيعي وضمان بقائه في السلطة”. لقد أصبح الحشد ذراع إيران في العراق وفزاعة لدول الخليج العربي.

  7. أجهض إقرار قانون الحشد الكثير من الحلول المقترحة لإدارة الحشد الشيعي بعد تحرير الموصل من داعش، منها مشروع دمج الحشد الشعبي بالقوات العراقية المسلحة وهنا تنتفي الحاجة إلى أي قانون منفصل لكي يكون تنظيم عسكري خاضع لوزارة الدفاع والقائد العام، وإذا كان الحشد فعلا يخضع للقائد العام للقوات المسلحة فلماذا لم يدمج مع الجيش كما فعلت حكومة أياد علاوي بدمج الميليشيات مع الجيش والشرطة في بداية الغزو؟ وكذلك أجهض مشروع قانون الخدمة العسكرية الإلزامية الذي يشمل كل شرائح الشعب العراقي، وأخيرا قانون الحرس الوطني وغيرها.

  8. أرتكب الحشد المئات من الإنتهاكات الموثقة عالميا من جرائم قتل وسرقة وتخريب وتهجير والتي يمكن مشاهدتها عبر اليوتيوب وغيرها من المواقع، وشرعنه قو ة الغاب الغرض منها تأمين الحصانة للحشد عن الجرائم السابقة وإعطاء الضوء الأخصر للمزيد من الإنتهاكات.

لكن هل إنتهت المصائب في العراق المبتلى بإقرار قانون الحشد، إم أشعل فتيلها من جديد؟

كل المؤشرات تدل على إنزلاق حتمي إلى الهاوية. فقد إنتصرت الإرادة الفارسية في العراق إنتصارا كبيرا، وأصبح البلد ولاية فارسية رغم أنف الجميع بجهد التحالف الشيعي وسنة السلطة. ولتوضيح الصورة القاتمة عن عراق الغد أن رئيس الجمهورية دفع فدية مالية لأحد فصائل الحشد (ميليشيا عصائب أهل الحق) لإطلاق سرح أحد ضباط حمايته وإثنين من فريقه!أوضح مصدر أمني كردي في 30/11/2016 أن “عناصر تابعة لمليشيا عصائب أهل الحق، إحدى فصائل الحشد الشعبي”، قاموا باطلاق الأخوين عدنان برهان، وأركان برهان، وهما كرديان من أهالي قضاء كفري التابع لمحافظة ديالى، بعد اختطافهما في العاصمة العراقية بغداد منذ أيام، لقاء فدية مالية”. كما كشفت صحيفة (باس الكردية) المقربة من سلطات إقليم كردستان العراق، أن الشقيقين اللذين اختطفتهما عصائب أهل الحق، أحدهما عنصر في قوات البشمركة، والثاني هو ضمن قوة حماية الرئيس العراقي، فؤاد معصوم. وذكرت أن “أركان برهان هو من قوة حماية الرئيس العراقي، وكان قد اختطف وشقيقه أثناء زيارة بغداد، وبعد مساومة ذوي المختطفين على دفع فدية مالية كبيرة”. إذا كان رئيس الوزراء حيدر العبادي مسؤولا عن الحشد فهل تم دفع الفدية بإتفاقه مع رئيس الجمهورية على المبلغ وطريقة الدفع؟ سؤال غير بريء ويحتاج إلى إجابة.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *